اطلعت مؤخرا على ورقة بحثية صادرة عن مركز الجزيرة للدراسات، وكانت قد تناولت مستقبل رئيس الوزراء التركى، رجب طيب أردوغان، وقد حصرت مستقبل الزعيم التركى فى ثلاثة سيناريوهات ولعل أهمها بالنسبة لأردوغان نفسه هو سيناريو الاستقالة والترشح لانتخابات الرئاسة، ولكن الصعوبات التى تواجه تحقيق هذا السيناريو على الأرض كثيرة، ومنها أن استقالة رئيس الوزراء التركى من منصبه وعدم فوزه بانتخابات الرئاسة يقضى على آماله وينهى مستقبله السياسى، وأعتقد أن الطريق إلى رئاسة تركيا محفوفة بالمخاطر بلا أدنى شك، "وعلى الرغم من أن حزب العدالة والتنمية تفوق على خصومه بفارق كبير فى الانتخابات البلدية الأخيرة، إلا أن ذلك لا يعنى بالضرورة أن المعركة الرئاسية ستكون على نفس الشاكلة؛ إذ من المنتظر أن تكون أكثر صعوبة نظرًا لاختلاف المعطيات والتى تتطلب أن يحصل أى مرشح يود الفوز على أكثر من 50% من الأصوات".
غير أن النتائج التى حققها الحزب الحاكم فى الانتخابات المحلية والعامة 2002- 2014 لم تتجاوز 50% على الإطلاق، وهو ما يعنى أن القاعدة الشعبية للحزب فى أحسن حالاتها لن تكفى لإنجاح أردوغان من الجولة الأولى، لا سيما إذا ما حدث نوع من التحالف بين قوى المعارضة التركية هذه المرة، ولكن بالنظر إلى الحالتين اللتين سجل فيهما الحزب نسبة 50% من الانتخابات المحلية، بدا جلياً أن المناطق الكردية صوتت بأغلبية ساحقة للحزب الحاكم بنعم، وهو ما يشى بنوع التحالف الذى يسعى العدالة والتنمية عقده مستقبلاً، ولعل المصالحة التاريخية التى أجراها الحزب مع الأكراد وما تبعها بوقف إطلاق نار بين حزب العمال الكردستانى والجيش التركى وإعلان الهدنة وإطلاق سراح الزعيم الكردى عبد الله أوجلان، إلى جانب السماح بتدريس اللغة الكردية فى مدارس الإقليم، أكبر دليل على ذلك.
وأعتقد أن أحد أهم المؤثرات الإقليمية التى دفعت بقوة نحو تقارب تركى – كردى، هى تدهور العلاقات بين بغداد وكردستان العراق، وقد بلغت ذروتها بتأجيل بغداد إقرار الموازنة الخاصة بالإقليم، ما دعا مسعود بارزانى، رئيس إقليم كردستان إلى وصف الأمر فى حوار مع صحيفة الحياة اللندنية أبريل الماضى بأنه "قطع أرزاق" مهدداً باعتماد الإقليم على موارده الخاصة ومنها النفطية، دون العودة لبغداد، وهو ما كشف عنه مؤخراً وزير الطاقة التركى "تانر يلدز" بالقول "إن عمليات بيع نفط كردستان العراق الذى خزنته تركيا فى ميناء جيهان على البحر الأبيض المتوسط ستبدأ خلال أيام" وذلك لكون الإقليم لا يتمتع بأى منفذ بحرى تسمح له بالتصدير ولا فى دول الجوار التى أنهكتها الحرب كسوريا أو حليف بغداد إيران سوى تركيا نفسها، وذلك يعكس العلاقات الجيدة بين الطرفين، ويدفع نحو سيناريو تبديل الأدوار، والذى ستصوت بمقتضاه المحافظات الكردية بتركيا لصالح أردوغان فى الانتخابات الرئاسية المقررة أغسطس المقبل، ليبقى التساؤل هل يصبح أردوغان رئيس تركيا المقبل؟.
محمد الدعدع يكتب: أردوغان..هل يصبح رئيس تركيا المقبل؟
الأحد، 04 مايو 2014 07:24 ص