شهدت أولى الجلسات الحوارية لورشات عمل مؤتمر أبوظبى الدولى الثالث للترجمة والذى يحمل عنوان "الهوية والتواصل الثقافي" طرح مجموعة كبيرة من القضايا الهامة المتعلقة بالترجمة وواقعها وآفاقها، وناقش عدد كبير من المختصين والخبراء والمترجمين من المخضرمين ومن جيل الشباب شجون وشؤون هذه المهنة الإبداعية.
ومع انطلاق ورشات العمل الأربع أوضح رؤساء هذه الورشات منهجهم وأهدافهم منها، وأشاروا إلى أنهم سيسعون بالتعاون مع المشاركين فى الورشات لطرح المشكلات ومناقشتها بهدف وضع تصورات ورؤى واقتراحات لسبل تجاوزه مشاكلها والتغلب عليها.
وعشيّة بدء ورشات العمل، وبعد حفل افتتاح المؤتمر الذى ينظمه مشروع "كلمة" التابع لهيئة أبوظبى للسياحة والثقافة، أوضح الميسرون مديرو ورشات العمل طريقتهم فى إدارة الورشات، وشرحوا الأساليب التى سيعتمدونها خلال ورشاتهم هذه.
قدّم رؤساء ورشات العمل خلال جلسة الحوار خلاصة الأفكار التى ستُناقش فى ورشات العمل والوسائل التى سيتبعونها، وأشاروا إلى ضرورة تطوير الجانب التطبيقى ومهارات الترجمة بحيث تصبح رافداً مهماً للطروحات النظرية التى تتناول الترجمة بوصفها عملية معرفية وثقافية متعددة الجوانب.
وأوضح الدكتور محمد عصفور رئيس ورشة الترجمة من العربية إلى الإنكليزية بأنه اختار مواضيع وقدمها للمتدربين مسبقاً، وقال إنه سيتم مناقشة الدقة بالترجمة وسلامة اللغة العربية كما سيتم خلال الجلسات مقارنة الترجمات ببعضها ومقارنة التعابير والمصطلحات لمعرفة الأنسب منها.
بينما قال الدكتور عز الدين عناية، رئيس الورشة الإيطالية، أنه اختار نوعين من النصوص، أحداهما تاريخى يتعلق بتاريخ بابل بين الواقع والخيال ومفهوم الدولة فى ذلك الوقت، والثانى شعر إيطالى معاصر، وقال إن أنسب الطرق بالنسبة له لمعرفة مشاكل الترجمة هو الخوض فى تجربة ترجمة لنص تاريخى وآخر شعرى.
الدكتور سعيد الشياب، رئيس ورشة الترجمة إلى الإنكليزية، قال إن لديه رؤية مختلفة قليلاً، حيث اختار نصاً شعرياً وليس أدبياً، لأن ترجمة القصة والرواية برأيه أسهل كثيراً بالمقارنة مع الشعر، بسبب الصور الشعرية والمجاز والتشبيه والغموض الذى يلف الشعر بشكل عام، وأشار إلى أن ما اختاره له علاقة بالهوية، من خلال نصين للشاعر نزار قباني، واحد عن الأندلس حيث يبرز السؤال عن التحسر على تلك الفترة أم الافتخار بها، والثانى عن الغربة والهوية وتبادل الثقافات.
الدكتورة زينب بنياية رئيسة ورشة الترجمة من الإسبانية اختارت 6 نصوص مختلفة وليس واحداً أو اثنان، منها جزء من ترجمة سردية لرواية ومنها أجزاء من مقالات ومنها أشعار، وأشارت إلى أن من بين هذه النصوص نصوصاً لأدب الطفل ولمؤلفين من إسبانيا وآخرين من أمريكا اللاتينية، وشددت على أهمية تسليط الضوء على دور الترجمة فى تثبيت الهوية، وعلى أهمية تنمية قدرات المترجمين، وتزويدهم بآليات لتخطى العقبات التى تواجههم فى عملهم.
إلى ذلك أوضح "عصفور" أن ورشة العمل والمتدربين سيحللون الاختلاف فى الترجمات فى الشكل المعنى، وشدد على ضرورة عدم إخضاع بنية الجملة العربية للجملة بلغتها الأصلية، لأن ذلك سيُنتج لغة غير مستقيمة، وأشار إلى أن أهم الفوارق بين الجمل العربية والأجنبية هى ابتداء العربية بالفعل وبالمسبب بينما تبدأ الأجنبية بالفاعل والمتعلقات والأسباب، وشدد على ضرورة مراعاة هذه التراتبية بالترجمة.
وأشار إلى أن الورشات تناقش أيضاً مشكلة المصطلح العلمى ومسألة لفظ الأسماء الأجنبية والهمزات فى العربية وأهميتها.
"عناية" أكّد أن الورشات ليست تلقينية، بل تفاعلية وتبادلية، وستتنقل بين النص التاريخى والشعرى والاجتماعي، ولن تتطرق لمشاكل الترجمة بالعموميات فقط وإنما بالتفاصيل، ونوّه بضرورة متابعة تجدد القواميس الأجنبية كل عام.
أما "الشياب" فأشار إلى أن مشاكل الترجمة لها علاقة بالثقافة والعلوم والتكنولوجيا، ومن المفترض أن يُلمّ المترجم بكل هذه العلوم، كما عليه أن يفهم النص قبل ترجمته، والتركيز على الفرق بين اللغة واللغة المجازية.
وقالت "بنياية" أن الجانب النظرى لن يكون له نصيباً كبيراً فى ورشات العمل، بل سيكون للجانب العملى نصيب الأسد، كما ستناقش تعدد المعانى والأمانة فى النقل، والنصوص التى تحمل أكثر من معنى وترجمة.
وأجمع جميع رؤساء ورشات العمل والخبراء على ضرورة أن يكون هناك نقاد للترجمة، ومختصين لإعطاء رأى مقونن ونقدى بالترجمات قبل صدورها.
ويواصل أكثر من 60 خبيراً وأكاديمياً ودارساً من دول عربية وأجنبية صفوف ورشات العمل التى يقيمها المؤتمر والتى تستمر بجلسات محصورة بالمترجمين، حيث من المقرر أن تُعقد جلسة حوارية مفتوحة بنهاية المؤتمر تستهدف حضور مختلف فئات المترجمين والأكاديميين وضيوف المعرض والإعلاميين وممثلى المؤسسات العاملة فى مجال الترجمة والنشر، لمناقشة واقع وإشكاليات الترجمة وتحديات نقل المنتج الثقافى العربى إلى الآخر، والخروج بتوصيات نهائية ترتقى بمهنة وفن الترجمة وتساهم فى تطوير حركة الترجمة فى العالم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة