بدأ بث الإذاعة للمملكة الرسمية بتلاوة للمقرئ الشهير محمد رفعت، كان ذلك يوم الخميس الموافق مثل هذا اليوم " 13 مايو 1934 " فى عهد الملك "أحمد فؤاد الأول"، وفى كتابه " فؤاد الأول _ المعلوم والمجهول " يسرد المؤرخ الدكتور يونان لبيب رزق تفاصيل هذا الحدث الذى نقل مصر من حال إلى حال.
قبل أن تدخل الحكومة إلى هذه الخطوة، كانت هناك المحطات الإذاعية الأهلية والتى بلغ حد الانفلات فيها درجة عالية، وصفها الكاتب الصحفى أحمد الصاوى محمد فى مقاله اليومى " ما قل ودل " فى الأهرام يوم " 20 مايو 1934 " بقوله :" انقلب فى الراديو كل شىء رأسا على عقب، وأصبحت المواعيد تلقى فيه، فيقول أحد العاطلين :انتظروا فلانا فى قهوة كذا الساعة كذا، وتستأجر شركات مالية هذه المحطات فتظل تصرخ ثلاث مرات فى النهار تتهم بعضها البعض بالنصب وغش الجمهور، وأصبحت كل صعلوكة تدفع نصف ريال فى الشهر ينادى باسمها من الراديو خمس مرات فى النهار لأنها طلبت الأسطوانة الفلانية، وما إلى ذلك من السخافات وغناء المعددات، وتكر نمرة بيتها واسم حارتها وزقاقها".
دعت هذه الحالة الحكومة إلى إطلاق "الإذاعة الحكومية"، وتعهدت فى عقد الامتياز مع شركة "ماركونى" بإغلاق المحطات الأهلية، مما دعا أصحابها إلى الإضراب ثلاثة أيام قبل البث الرسمى للإذاعة الحكومية.
فى اليوم الأول للبث الإذاعى، وبعد تلاوة الشيخ محمد رفعت لآيات من القرآن الكريم ألقى الشاعر المعروف على الجارم قصيدة شعر بعنوان: "تحية جلالة الملك"، تبعه فاصل موسيقى للآنسة "أم كلثوم"، ثم ألقى "حسين شوقى" نجل أمير الشعراء أحمد شوقى أبياتا من قصيدته عن "النيل"، وكان شوقى توفى قبلها بعامين، وجاء فى مطلع القصيدة :" من أى عهد فى القرى تتدفق وفى أى كف فى المدائن تغدق".
تتابع البرنامج، وكما قالت صحيفة الأهرام: "جاء دور الأستاذ المفتن محمد عبد الوهاب فى الختام، فحرك أوتار القلوب واستولى على الأفئدة بصوته الساحر وفنه المنتخب، وود الجمهور لو استعاد بعض ما سمع ولكن هيهات".
لم يتم البث من "ستديو" كما جرى الحال بعد ذلك، وإنما وحسب جريدة الأهرام :" كان مكان الإلقاء هو الذى يلقى فيه المغنون والمحاضرون، وانهمك حضرة الهمام سعيد بك لطفى رئيس الإذاعة فى العمل متحملا أكبر عبء من الجهد والمشقة لتكون الإذاعة على أدق الضوابط الفنية".
يشير "يونان لبيب رزق" فى كتابه "فؤاد الأول"، أن ولادة هذه المؤسسة لم تكن سهلة، شأنها فى ذلك شأن باقى المؤسسات ذات الصلة المباشرة بالجماهير، صحيح أن عدد من يحوزون أجهزة الاستقبال فى ذلك العصر كان محدودا، لكنه كان قابلا للانتشار السريع، هذا من ناحية، ولأنه اقتحم على الناس بيوتهم من ناحية أخرى، وكان اقتناء أية أسرة لمثل هذا الجهاز مناسبة سعيدة، يتوافد عليهم مع حدوثها الجيران والأقارب لتقديم واجب التهنئة.
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 31 مايو 1934.. بدء إرسال الإذاعة الحكومية بقراءة للشيخ محمد رفعت.. وختام بغناء للأستاذ "المفتن" محمد عبد الوهاب
السبت، 31 مايو 2014 08:32 ص
الشيخ محمد رفعت
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة