السيد عبد الوهاب يكتب: علموا أولادكم الانتماء

الجمعة، 30 مايو 2014 02:06 م
السيد عبد الوهاب يكتب: علموا أولادكم الانتماء صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
غرس الانتماء فى نفوس أولادنا لا يقف عند تحية العلم والأناشيد الوطنية فى طابور الصباح، وإنما هى عملية أعمق نفسيًا وذهنيًا ومعرفيًا من ذلك؛ فالطفل فى مهده لا يدرك معنى الانتماء للوطن بالمفهوم التقليدى ولكنه يمر بحالة اجتماعية أكثر تعقيد، فأول ما يصل إليه إدراكه بعد مولده أن لديه أم وأب، ثم يتبلور وعيه وتتكون لديه فكرة الأسرة بالمعنى الضيق، فيفهم أن هذه أم وهذا أب وهذا بيت وهؤلاء أخوة وهؤلاء أقارب، ومع تطور النمو العقلى والمعرفى للطفل تنمو قدراته الاستكشافية والتفاعلية مع المكان، حيث يدرك شيئًا فشيئًا الحيز المكانى المحيط به كالشارع الذى يسكن فيه أو البلدة التى يعيش فيها، وهذه الصورة الذهنية والمعرفية تستقر فى إدراكه ولا تفارقه طوال حياته.

ومع النمو العمرى يتزايد إحساس الطفل بعنصر الوقت فيتحدث عن الأمس وعن الغد وعن الساعات والأيام والأسابيع ويبدأ فى ربط عنصرى الزمان والمكان بعلاقات فيما بينهما، كأن يربط بين ما يحب أن يفعله وسؤال أين ومتى؟، خاصة بعد التحاقه بالتعليم المدرسى وهى الفترة التى يكتسب فيها إلى جانب تحية العلم والنشيد الوطنى بعض المعارف والمعلومات المهمة عن تاريخ الوطن ومراحل نضاله المختلفة.

وفى سياق اندماج النشء مع المجتمع لتلبية ما ينقصهم من احتياجات تربوية أو ترفيهية لا يمكن تجاهل الدور الذى تقوم به مؤسسات التنشئة كالمساجد والكنائس، ودور الرعاية الثقافية والاجتماعية المختلفة فى إرساء ما يستلزم من قيم روحية واجتماعية ترسخ فى وجدانهم حب الوطن، وتعظم فى نفوسهم قيم الوطنية والانتماء، بالشكل الذى لا يتعارض مع تقاليد المجتمع وأعرافه.

فمن الخطأ اختزال التعبير عن الانتماء ببعض الأغانى والطقطوقات التى تتغزل فى حب مصر أو جيشها أو شرطتها، فالوطنية ليست مجرد كلمات أو شعارات، كما أنها ليست مجرد سلوك عابر يظهر عندما نقوم برفع علم مصر، وإنما هى حالة دائمة ومفعمة بالحيوية يشترك فيها المواطن والمكان والزمان والوجدان، تسيطر على حواسنا وإدراكنا وتدفعنا نحو الارتقاء سلوكيًا وفكريًا من أجل رفعة الوطن وتعظيم قوته الداخلية والخارجية فى مواجهة أى تحديات.

فعلى مؤسسات الدولة التعليمية والثقافية أن تعظم من سلوكيات الانتماء فى المدارس كتحية العلم والنشيد الوطنى وموضوعات الإنشاء ورحلات الكشافة وندوات التفاعل الفكرى والفنى وقطارى المدارس والشباب، ورعاية الاختراعات والموهوبين، واستنفار طاقات الشباب وتوظيفها فى إطار مبادرات تخدم المجتمع مثل أصدقاء المرور، وازرع شجرة، واعرف بلدك، مجتمع نظيف، وإعداد القائد الصغير، البرلمان الصغير.

وحتى نجنى أجيالاً أكثر إيجابية ومسئولية على الآباء أن يزرعوا فى أولادهم خُلق حب الوطن، كأن يصطحبوهم منذ الصغر إلى لجان الانتخاب، وأن يعلموهم الحفاظ على وطنهم نظيفًا جميلاً، وأن يقصوا عليهم تاريخ الوطن وبطولاته، وأن يستمعوا إلى آرائهم فيما يخص قضايا المجتمع ومشكلاته دون تسفيه أو تهوين.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة