رأى وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى، فى مقال له نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية الصادرة اليوم السبت، أن القارة السمراء تعيش بالفعل حالة ازدهار حقيقي، ودعا واشنطن إلى مد يد المساعدة لضمان استمرار مثل هذا الازدهار.
وقال كيرى " إن أفضل قصة غير مروية ظهرت خلال العقد الأخير ربما تكون قصة أفريقيا، فقد زاد الدخل الحقيقى هناك لأكثر من 30% ليتناقض مع عقدين من التراجع الاقتصادي، فضلا عن حقيقة أن هناك سبع دول من أصل عشر أسرع الاقتصادات نموا فى العالم تتواجد فى أفريقيا، فيما يُتوقع أن يزداد إجمالى الناتج المحلى بنحو 6% سنويا خلال العقد القادم".
وعلى مستوى الصحة العامة هناك، قال كيري:" إن عدوى فيروس نقص المناعة البشرية "الإيدز" انخفضت إلى ما يقرب من 40% داخل دول جنوب الصحراء الكبرى، بينما انخفضت حصيلة الوفيات بين الأطفال بسبب مرض الملاريا إلى 50 %".
ووصف كيرى المرحلة الراهنة التى تعيشها أفريقيا بـ"لحظة فرصة حقيقية يجب على الأفارقة اقتناصها، فهى لحظة اتخاذ القرار".
ومع ذلك، أضاف كيري:" أن هناك تحديات حقيقية تعيشها القارة السمراء؛ فالنزاعات الدموية المريرة تجتاح جنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى والكونغو، ناهيك عن استفحال الفساد، مما جعل الاتحاد الأفريقى يعلن أن ممارسات الفساد مسئولة فى حقيقة الأمر عن اهدار 148 مليار دولار أمريكى سنويا"، وأكد أن أفريقيا تحتاج قادة أقوياء ومؤسسات قوية تدافع عن حقوق الانسان وتوقف التمييز العنصرى المُمارس ضد النساء والأقليات وتزيح القيود المفروضة على حرية التعبير عن الرأى فى الوقت ذاته.
وأردف كيرى يؤكد أن بلاده ودول القارة السمراء تربطهما روابط اقتصادية وتاريخية قوية، فالحكومة الأمريكية استثمرت مليارات الدولارات فى قطاع الصحة العامة، وهو ما أحرز تقدما فى مكافة الإيدز والملاريا، فيما تعاونت قوات الأمن الأمريكية مع نظرائها فى أفريقيا لمحاربة التطرف، لذلك على الولايات المتحدة القيام بدورها، كصديق لأفريقيا، فى مساعدة الأفارقة على بناء مستقبل أفضل خاص بهم.
وأوضح وزير الخارجية الأمريكية أن العديد من الفرص المُتجلية حاليا واضحة وضوح الشمس، حيث يتوجب على القادة الأفارقة وضع خلافاتهم العرقية والدينية جانبا فى صالح لم الشمل والدفاع عن حقوق النساء والأقليات، كما يجب عليهم احراز تقدم اقتصادى من خلال القضاء على الكسب غير المشروع وفتح الأسواق أمام التجارة الحرة.
وقال كيري:" إن أسباب الصراع والأزمات التى تعمقت فى أفريقيا مرة أخرى لفترات طويلة تجلت أمامى يوم أمس خلال زيارتى إلى جوبا، عاصمة جنوب السودان، انا اتذكر خلال زيارتى إلى جوبا فى مارس 2011، عندما صوت المواطنون فى جنوب السودان بإكتساح لصالح الاستقلال، فحتى فى خلال لحظة الابتهاج، لاحت سحب التهديد بالعنف العرقى فى الأفق أكثر من أى وقت مضى".
وأشار إلى أن العنف فى جنوب السودان تفجر فى ديسمبر من العام الماضى عندما اندلع القتال بين القوات الموالية للحكومة والمتمردين التابعين لزعيم المعارضة، وقال:" إننى استطيع أن أشاهد أصداء النزاعات الماضية، فألاف المواطنين قُتلوا، فيما جند الطرفان الأطفال وأصبحت بلديهما على حافة المجاعة".
ولفت كيرى إلى أن بلاده وشركاءها فى أفريقيا حاولوا التوسط لحل النزاع، وهو ما تجلى خلال زيارة المبعوث الأمريكى الخاص إلى جنوب أفريقيا دونالد بوث، فضلا عن اجتماعه هو شخصيا مع الرئيس سيلفا كير؛ حيث حثه على وضع الاحقاد القديمة جانبا والتوصل إلى تسوية مع المعارضة قبل أن تغرق بلاده فى المزيد من الدماء.
واستطرد وزير الخارجية الأمريكى يقول:"إن دورنا فى أفريقيا يتجاوز حدود تقديم المساعدات الأمنية، فنحن نعمل لتعزيز الرخاء اللازم لمستقبل أفضل، فتحسين الطاقة فى أفريقيا يعد أحد جوانب جهود واشنطن فى هذا الصدد، حيث تعمل الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والمُفعلة من قبل الرئيس الأمريكى باراك أوباما، على ضخ مليارات الدولارات لمضاعفة عدد الأشخاص الذين يتمتعون بالكهرباء".
واختتم كيرى مقاله بذكر:" أن أفريقيا يمكن أن تصبح منارة للعالم؛ فالتحولات الديمقراطية ممكنة والرخاء يُمكن أن يحل محل الفقر ويمكن للتعاون أن ينتصر على الصراع...غير أن الطريق لذلك يحتاج لعمل شاق وتعاون اقليمى ورؤية واضحة لمستقبل أفضل، فهدف الوصول لقارة مزدهرة وصحية ومستقرة يمكن أن يتحقق حال إتخذ الأفارقة وقادتهم القرارات الصحيحة".
جون كيرى لـ"واشنطن بوست": أفريقيا تزدهر وعلينا ضمان استمرار هذا الازدهار
السبت، 03 مايو 2014 11:21 ص