شعر عاهل الأردن الملك عبد الله بـ"النعاس"، فاتفق مع الملك "فاروق" وسائر المجتمعين على أن يأذنوا له بالذهاب إلى فراشه، وخصوصا أنه سيسافر فى ساعة مبكرة من الصباح، وقال إنه سيمضى "الميثاق" عندما يستيقظ.
كان الحدث الذى أدى إلى نعاس الملك عبد الله، هو "القمة العربية" الأولى فى تاريخ العرب فى مثل هذا اليوم "28 مايو 1946"، ودعا إليها الملك فاروق حاكم مصر، وكانت "إنشاص" هى مكان انعقادها.
تذكر الدكتورة لطيفة سالم فى كتابها "فاروق الأول وعرش مصر"، أنه منذ نهاية عام 1944 كان "فاروق" يتحرك تجاه فلسطين، وراح يتحدث عن قضيتها فى لقاءاته بالضيوف الأجانب، ويتعرض للموقف الأمريكى المتعاطف مع اليهود، وكيف أنه يؤدى إلى أن واشنطن ستخسر العرب، ويبين للسفير البريطانى أن قيام دولة يهودية يتمخض عنه إقامة علاقات لها مع السوفيت، وكان يتصور أن اتباعه لهذه النغمة سيدفع بريطانيا للتحرك الإيجابى ضد اليهود.
فى عام 1946 نشرت لجنة التحقيق "الأنجلو أمريكية" تقريرها وأوصت فيه بالهجرة اليهودية إلى فلسطين، فبعث فاروق برسائله الخاصة حول ضرر ذلك، ودعا ملوك ورؤساء الدول العربية إلى عقد مؤتمر فى "إنشاص"، وحضره قادة وممثلو الأردن وسوريا والعراق ولبنان والسعودية واليمن، وافتتحه فاروق، وارتكزت المناقشات على الرفض لأى هجرة يهودية جديدة إلى فلسطين.
فى مذكرات كريم ثابت مستشار "فاروق" والتى تحمل عنوان "عشر سنوات مع فاروق" يتحدث بالتفصيل عما دار فى كواليس "قمة إنشاص"، ويقول مثلا، إن فاروق انتهز فرصتها ليظهر للملك عبد الله ملك الأردن، والأمير عبد الإله الوصى على عرش العراق، أنه لا يحابى السعوديين، فبالغ فى تكريمهما والعناية بهما، حتى أنه فى إحدى المآدب اختار بنفسه شرائح اللحم وقدمها بيديه إلى "عبد الله".
فى اليوم الأخير للاجتماع تم الاتفاق على الميثاق النهائى، لكن لم تعط مسودته إلى "الخطاطين" لكتاباته إلا فى ساعة متأخرة، فكان من الطبيعى أن يتأخر "الخطاطون"، وقرب الساعة الثانية صباحا انتهوا من المهمة، وتسلم "فاروق" النسخة النهائية للميثاق، ودعا المجتمعين للتوقيع عليها، وكان الملك عبد الله نائما، فقال فاروق:"سأوقظ الملك عبد الله، وأطلب منه أن يوقع الآن"، فالتفت إليه الشيخ بشارة الخورى رئيس لبنان قائلا:"لئلا يغير رأيه فى الصباح"، وهرع "فاروق" إلى الجناح الخاص بـ"عبد الله" وطرق بابه بقوة، ثم ارتفع صوت الملك عبد الله من الداخل مفزوعا:"من، من، خير إن شاء الله"، فرد "فاروق": أنا فاروق.. إحنا جينا علشان جلالتك تمضى".
فتح الملك عبد الله الباب وعيناه الناعستان تكذبان تأكيده لفاروق بأنه لم يزعجه بإيقاظه بتاتا، ثم جلس ووقع على الميثاق وهو يرتدى "الروب دى شامبر"، ويقول "كريم ثابت":"لعله أول ميثاق أمضى بـ"الروب دى شامبر".
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 28 مايو1946..أول قمة عربية فى "إنشاص"بقيادة الملك فاروق وتوقيع ميثاقها بـ"الروب دى شامبر"
الأربعاء، 28 مايو 2014 08:03 ص
الملك فاروق