كان لأستاذنا وأستاذى الكبير محمود عوض الذى لا يغيب عنى عادة طيبة، كان يسأل عن كل صاحب موضوع صحفى قرأه وأعجبه، كنت ممن يتصل بهم أحيانا لسؤالى عن تليفون صاحب هذا الموضوع، والاستفسار عنه قائلا: «عايز أكلمه، لابد من تشجيعه، أنا أفرح كلما أجد صحفيا جديدا موهوبا ينضم إلى كتيبة المهنة التى تقصف عمرنا»، المؤكد أنه لو كان محمود عوض بيننا الآن، لقدم التهنئة لكل صحفى مصرى فاز بجائزة الصحافة العربية التى تقدمها دبى، فى مسابقة كبيرة صارت عنوانا رئيسيا لتقدير الموهوبين صحفيا فى أرجاء الوطن العربى، وعام بعد آخر ينتظرها الصحفيون والإعلاميون ليقفوا على عدد الموهوبين الجدد الذين تتزين بهم الصحافة العربية، ويحسب له أنه مؤسس جائزة التفوق الصحفى بنقابة الصحفيين المصرية، حين كان عضوا فى مجلس نقابة الصحفيين فى منتصف الثمانينيات من القرن الماضى.
من بين الموهوبين يأتى اسم زميلتنا الموهوبة «إيمان الوراقى»، التى فازت بجائزة الصحافة العربية فى التحقيق الاستقصائى عن مصانع بير السلم التى تورد أدوية للمستشفيات، وكعادتها فى موضوعاتها الصحفية، تجرى «إيمان» وراء المعلومة للتحقق منها، وتعايش موضوعاتها، حتى يبدو منها أنها تتنفس كلماتها، ثم تكتب حصيلة ما لديها بكفاءة عالية، وكل موضوع لديها عبارة عن قصة ترويها فى الكتابة، وكأنها تنقل فيلما سينمائيا أو تكتب رواية قصيرة، تفعل ذلك وكأن فى يديها كاميرا تنقل الأحداث بالصورة، فتكون الحصيلة موضوعا صحفيا صادقا، ينطبق عليه مقولة.. كثيرا ما سمعتها من أستاذنا «محمود عوض» رحمه الله، وكان يذكرها فى كتاباته وحواراته الصحفية وهى: «الصدق فى الكتابة، هو أقصر طريق لقلب القارئ»، والصدق هنا لا يعنى كتابة جميلة بهدف شيطانى، وإنما صدق المعلومة، وتقديمها فى قالب جذاب، بلغة شفافة وحساسة.
«إيمان» هى ابنة «اليوم السابع»، تلك المؤسسة التى وضعت نفسها على قمة المؤسسات الصحفية العربية بجهد ومثابرة، وتضيف كل يوم رصيدا جديدا إليها، بفضل جهد أبنائها، وجهد قيادتها التى لا تتأخر فى تقديم كل عون لهم من أجل التفوق المهنى، و«الشاطر» هو من ينتهز هذه الفرصة لتنمية قدراته من أجل ألا يكون مجرد رقم صحفى، يكتفى بحمل «كارنيه» للمهنة، ويؤدى عمله بروتين الموظف، فالصحافة ليست كذلك، ومن يرد قمتها فليتعب من بدايته، وهو فى قاعدتها، وهذا من أهم دروس مهنة البحث عن المتاعب، وأستشهد أيضا بكلمة نصيحة للأستاذ محمود عوض.. «أعطى للصحافة اليوم تعطيك غدا».
«إيمان» هى حصيلة هذا التنامى فى التفوق لمؤسسة «اليوم السابع»، فهى من الصحفيين الذين يجتهدون بصمت، وهى ممن يسيرون على طريق الطموح بدأب وعشق لمهنتهم.
فى موضوعها عن مصانع بير السلم التى تورد أدوية للمستشفيات، صرخة كبيرة لما وصلت أحوالنا إليه من إهمال، يصل إلى درجة الاتجار بصحة المصريين، دون أى ضمير، وبالطبع يكون الفقراء هم الضحايا، وفى هذا السياق من الواجب على مؤسسات الدولة المعنية، أن تخضع كل ما جاء فى الموضوع إلى التحقيق والدراسة من أجل وقف هذا الخطر الكبير، الذى حذر منه التحقيق، مبروك لـ«اليوم السابع» الجائزة ومبروك لـ«إيمان».
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة