كانت هناك مقولة قديمة تتردد فى كتب التاريخ المصرى تقول بأن المصريين يثورون فى وقت الرخاء وليس فى وقت الشدة، وهو قول غريب، بل إن بعض المؤرخين يرون أن أسعار القطن عام 1919 كانت فى ارتفاع بما يبرر حالة الارتياح لدى الإقطاعى والفلاح معا، ولكن المصريين ثاروا لأسباب وطنية دائما، وأنا أظن أن ثوراته مرتبطة بالشعور بالتفاوت الطبقى والتهميش الاجتماعى وغياب العدالة فى الدخول والمرتبات وظهور طبقة مستغلة، سواء كانت تعبر عن أصحاب الدخول الطفيلية فى ظل رأسمالية الدولة أو التجمع الإقطاعى على قمة المجتمع أو ما عبرت عنه «ثورة يوليو 1952» بمجتمع «النصف فى المائة»، أو بتأثير جشع بعض رجال الأعمال والعاملين فى حقل الصناعة التحويلية والتجارة الداخلية على حساب الملايين من الفقراء والبسطاء، لذلك فإننى أعتقد ـ وأرجو أن أكون صائبا ـ أن ثورات المصريين ترتبط بأمرين رئيسيين أولهما غياب العدالة الاجتماعية نتيجة الفساد والثانى غياب الحرية نتيجة تركز الاستبداد، وإذا استعرضنا ثورات المصريين فى القرنين الماضيين على الأقل لوجدنا أن الأمر لا يخرج عن الأسباب التى ذكرناها بدءا من ثورتى «القاهرة» ضد «الحملة الفرنسية» فى مطلع القرن التاسع عشر مرورا «بالثورة العرابية» و«ثورة 1919» وصولا إلى «ثورة يوليو 1952» ثم «ثورة 25 يناير 2011» التى تلتها انتفاضة الشعب المصرى فى الثلاثين من يونيو 2013، ولابد أن أعترف أن هناك حركات تمرد كثيرة فى تاريخ «مصر» الحديث ولكننا نقف عند المحطات الرئيسية حتى نمسك بطرف الخيط للمسار الثورى المصرى الذى ارتبط دائما بمباركة الشعب واهتمامه، إن الشعب المصرى يختزن كثيرا ويصبر طويلا ثم يفاجئ الدنيا بثورة تبدو لكل من حولها مفاجأة من حيث التوقيت ولكنها متوقعة من حيث الأحداث.. إنها عبقرية الشعب المصرى!
د. مصطفى الفقى يكتب: المسار الثورى فى البلاد ارتبط دائما بمباركة الشعب.. عبقرية المصريين تظهر دائما فى قدراتهم على حماية مصالح الوطن.. وثورة 30 يونيو اندلعت بسبب الاستبداد وغياب العدالة
الأحد، 25 مايو 2014 08:31 ص