ساعات تفصلنا عن الوقوف على أبواب لجان الانتخابات الرئاسية، الكل منتظر ومترقب تلك اللحظة الحاسمة التى يغمس أصبعه بالحبر "الفسفورى" ليعلن للعالم كله أنه صاحب إرادة واختيار للقراره.
غالبية الواقفين أمام أبواب لجان الاقتراع لا يعلمون ما هو مصدر الحبر الفسفورى الذى يغمس فيه المصوتون أصابعهم هم وأبناءهم، تلك العلامة التى يفتخر بها أصحابها بأنه مارس حقا ديمقراطيا خالصا.
قبل موعد الانتخابات بفترة تقف معامل "مصلحة الكيمياء" على قدم وساق لتحضير الكميات الكافية من الحبر، لجميع الناخبين، وهذا دليل على أن معامل المصلحة كسبت ثقة جميع أجهزة الدولة، لتفردها بإنتاج "الحبر" الشاهد الأول على نزاهة الانتخابات، و"مصلحة الكيمياء" هنا تقدم شهادة صريحة بأن المصريين فى فترات حياتهم السابقة لم يتركوا مجال إلا وأسهبوا فيه بالعطاء.
فمنذ أكثر من 100 عام تقبع فى قلب العاصمة القاهرية وتحديدا فى منتصف شارع رمسيس المبنى الأثرى الذى يطلق عليه البعض "متحف الكيمياء".
المبنى يعود تاريخه إلى عام 1904م، ومن يومها إلى الآن تنبعث من جنباته رائحة المعادلات الكيمائية التى تؤكد عبقرية الكيمائى المصرى، هذا بالإضافة على احتوائه على الكثير من الفاترينات الزجاجية المنتشرة بين ممرات المبنى والتى تحوى على أغلب أدوات المعامل الكيمائية القديمة وقت أنشاء المبنى.
حيث أصدر"الخديوى إسماعيل" بيان بسرعة إنشاء مصلحة الكيمياء فور تولية حكم مصر لما عرف عنه من اهتمام بالنواحى العمرانية والثقافية، حيث إن الخديوى كان دائما يردد أن الكيمياء ليست علم بقدر ما هى "حياة تعيش فينا" فالغذاء الذى نتناوله كيمياء، واللباس كيمياء، الهواء كيمياء وفى جسم الإنسان تسير داخلنا الكيمياء، ومن هنا أمر بإنشاء"مصلحة الكيمياء" لتكون مكان للمراقبة وجواز مرور لجميع المنتجات القابل طرحها فى الأسواق، وتكون أيضا المرجع الأول لكثير من المصالح الحكومية لتقدير جودة المنتجات والإقرار بكفاءتها، بصفتها المعمل الحكومى المعتمد أمام كافة الجهات الرسمية كما أنها الجهة الوحيدة المنوط بها تحليل اختبار الواردات لتحديد ماهية الأصناف وخصائصها لإعطاء تقارير لمصلحة الجمارك.
ونظرا لمكانة المصلحة التاريخية، تعد أول صرح كيمائى على مستوى الوطن العربي، فكان لها الثقة الكاملة من قبل كافة مصالح الدولة وأيضا الاعتراف الدولى بنتائج التحاليل والاختبارات التى تجرى فى معاملها، حيث تتعامل طبقا للمعايير العالمية، وقد حدث تطور للعمل بالمصلحة فى السنوات الأخيرة وذلك عن طريق رفع كفاءة العاملين فيها وتدريبهم فى الخارج، إلا أن هذا لم يمنع الصرح أصبح مغلف بالنسيان فكثيرون ممن يمرون من شارع رمسيس يوميا لا يعرفون عن وجودة شىء، برغم أهميته فى حياتنا فكل ما نستخدمه فى بيوتنا من المفترض أن يمر عبر معامل هذا المكان لكى نأمن صلاحيته وسلامته.
ولهذا هناك خطة من قبل وزارة التربية والتعليم بتنظيم رحلات مدرسية للطلاب لزيارة "مصلحة الكيمياء" فى أيام عطلاتها حتى يكتشفوا تاريخ الكيمياء ومراحل تطورها.
الناخبون يغمسون أصابعهم فى الحبر ولا يعرفون مصدره..مصلحة الكيمياء أول صرح كيميائى أنشئ فى الوطن العربى تنتج الحبر الفسفورى الشاهد الأول على نزاهة الانتخابات والضامن الأساسى لعدم التزوير
الأحد، 25 مايو 2014 07:00 م
صورة ارشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة