"أن يلتقى الأحياء بالأموات، ويجتمع خير خلق الله على الأرض بأهل السماء، ويجتمع الإنسان بالملائكة"، رحلة لم ولن تحدث مع أى بشرى، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهى "رحلة الإسراء والمعراج"، رحلة كانت ومازالت معجزة للبشرية.
ويحتفل المسلمون فى أقطاب الأرض، هذه الأيام، بذكرى الإسراء والمعراج، غير أنه من الثابت اختلاف العلماء على تحديد يوم وشهر بل وسنة الإسراء، فمنهم من قال إنه كان فى شهر ذى القعدة، ومنهم من أكد - مثل الزهرى – أنه كان فى شهر ربيع الأول، فيما قال ابن عبد البر إن الإسراء كان فى شهر رجب، واعتبر البعض أن التحديد للإسراء مجرد تخمين ولا دليل عليه، غير أن الثابت أن الإسراء كان بعد البعثة وقبل الهجرة من مكة، إلى المسجد الأقصى ثم إلى السماوات العلى.
وتفاصيل الواقعة، رواها ابن القيم، فقال: "أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم بجسده على الصحيح من المسجد الحرام إلى بيت المقدس، راكباً على البراق صحبه جبريل عليهما الصلاة والسلام، فنزل هناك وصلى بالأنبياء إماماً وربط البراق بحلقة باب المسجد، ثم عرُج به تلك الليلة من بيت المقدس إلى السماء الدنيا فأستفتح له جبريل ففتح له، فرأى هنالك آدم أبا البشر فسلم عليه فرحب به ورد عليه السلام وأقر بنبوته، وأراه الله أرواح السعداء عن يمينه وأرواح الأشقياء عن يساره، ثم عرُج به إلى السماء الثانية فاستفتح له فرأى فيها يحيى بن زكريا وعيسى بن مريم فلقيهما وسلم عليهما فردا عليه ورحبا به وأقرا بنبوته، ثم عُرج به إلى السماء الثالثة، فرأى فيها يوسف فسلم عليه فرد عليه السلام ورحب به وأقر بنبوته، ثم عُرج به إلى السماء الرابعة فرأى فيها إدريس فسلم عليه فرد عليه السلام ورحب به وأقر بنبوته".
يضيف ابن القيم: "ثم عُرج به إلى السماء الخامسة فرأى فيها هارون بن عمران فسلم عليه فرد عليه السلام ورحب به وأقر بنبوته، ثم عُرج به إلى السماء السادسة فلقى موسى بن عمران فسلم عليه فرد عليه السلام ورحب به وأقر بنبوته، ثم عُرج به إلى السماء السابعة فلقى فيها إبراهيم عليه السلام فسلم عليه فرد عليه السلام ورحب به وأقر بنبوته، ثم رُفع إلى سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلاَل هَجَر وإذا ورقها مثل آذان الفيلة ثم غشيها فراش من ذهب ونور وألوان فتغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن يصفها من حسنها، ثم رفع له البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ثم لا يعودون ثم أُدخل الجنة فإذا فيها حبائل اللؤلؤ وترابها المسك، وعُرج به حتى ظهر "ارتفع" لمستوى يُسمع فيه صريف الأقلام".
واستطرد ابن القيم:"ثم عُرج إلى الجبار جل جلاله فدنا منه حتى كان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إلى عبده ما أوحى وفرض عليه خمسين صلاة فرجع حتى مّر على موسى، فقال له: بم أمرك ربك؟ قال بخمسين صلاة قال: إن أمتك لا تطيق ذلك ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فالتفت إلى جبريل كأنه يستشيره فى ذلك فأشار أن نعم إن شئت، فعلا به جبريل حتى أتى الجبار تبارك وتعالى، فوضع عنه عشراً ثم نزل حتى مر بموسى، فأخبره فقال أرجع إلى ربك فاسأله التخفيف فلم يزل يتردد بين موسى وبين الله عز وجل حتى جعلها خمساً، ولما قال موسى ارجع واسأل التخفيف قال: "استحييت من ربى ولكنى أرضَى وأسلم: "فلما بعد نادى مناد: قد أمضيت فريضتى وخففت عن عبادى".
ولعل أهم دروس وعبر الإسراء والمعراج، تعلم أن من رحم المحن تولد المنح، وبعد العسر يأتى اليسر، وقد تعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم لمحن كثيرة، فقريش أغلقت الطريق فى وجه الدعوة فى مكة، وأحكمت الحصار ضد الدعوة ورجالها، وفقد صلى الله عليه وسلم عمه، وتجرأ المشركون عليه، وفقد زوجه الحنون التى كانت تواسى وتعين، ثم حوصر بعد ذلك ثلاث سنوات فى شِعب أبى طالب، وما صاحبه من جوع وحرمان، وما ناله فى الطائف من جراح وآلام، ومع ذلك كله فرسول الله صلى الله عليه وسلم ماض فى طريق دينه ودعوته، صابر لأمر ربه فجاءت رحلة الإسراء والمعراج مكافأة ومنحة ربانية، على ما لاقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من آلام وأحزان، ونَصَب وتعب، فى سبيل إبلاغ دينه ونشر دعوته.
"الإسراء والمعراج" من رحم المحن تولد المنح.. الله اختص رسوله الكريم بالرحلة المعجزة.. والمسلمون بالعالم يحتفلون بالذكرى رغم الاختلاف على تاريخها.. والعلم الحديث عجز عن تفسيرها
السبت، 24 مايو 2014 03:38 ص
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة