أكدت دراسة علمية، عن قواعد وضوابط الإنفاق العام فى الفكر الاقتصادى الإسلامى، للدكتور محمد يونس، أستاذ ورئيس قسم الاقتصاد، بكلية التجارة بنين جامعة الأزهر، أن الإنفاق العام فى الإسلام يتحدد وفق الحاجة التى يراد إشباعها، وأنه يخضع لضوابط عامة حددتها الشريعة.
وقالت الدراسة إنه ليس لولى الأمر الحرية المطلقة فى الإنفاق، مشيرة إلى أن الإنفاق يتحدد وفق تصور محدود لا يجوز الخروج عليها من قِبل ولاة الأمور، مستدلة بقول الإمام ابن تيمية رحمه الله "إنه ليس لولاة الأمور أن يقسموها بحسب أهوائهم كما يقسم المالك ملكه، وإنما هم أمناء ونواب ووكلاء وليسوا ملاكاً"، مستمدا ذلك من قول المصطفى صلى الله عليه وسلم، عندما قال "إنى والله لا أعطى أحدا ولا أمنع أحدا وإنما أنا قاسم أضع حيث أمرت"، كما أوضحت أن ابن تيمية حدد أن الإنفاق ليس وفق الأهواء والرغبات، وإنما يتم وفق ما أرشد إليه الرسول فى الحديث الذى استند إليه، لافتا إلى أن الحديث يحدد قاعدة مهمة أولها أن الإنفاق من بيت مال المسلمين ينبغى أن يتم وفق تنظيم مالى، يسترشد بالمفهوم العام للحديث، من حيث أن المال هو حق عام لا يجوز التفريط فيه ولا المحاباة به، وأن المقصود بالتنظيم المالى هو الإجراءات والأساليب التى ينبغى اتباعها، بحيث تتغير حسب الظروف والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والإدارية لكل عصر ومكان.
وحول أشكال الإنفاق أوضحت الدراسة، أنه يأخذ شكلين الأول قصر الإنفاق من موارد الزكاة على تحقيق الرفاهية المادية لأفراد الأمة، وإشباع حاجاتهم الفردية بمنهج وأسلوب يزيد عن مقدرة الفرد على الإنتاج بكفاية نفسه بنفسه، وكفاية من أوجب الإسلام عليه الإنفاق عليهم، والثانى تقليص الإنفاق على الأمور الهامشية ومنع ولاة الأمور من التوسع فى الإنفاق الإدارى وغيره من النفقات، التى قد تؤدى إلى البحث عن موارد إضافية تستوجب إلقاء عبء ضريبى على الأمة بغير وجه حق، لكن من حق ولاة الأمر عند الحاجة إيجاد الموارد وتكليف الأمة بالمساهمة فيها، ضمن إطار أن يكون الإنفاق مفيداً للاقتصاد القومى.
وأظهرت الدراسة، أن أهم ما يميز الفكر المالى فى الإسلام تخصيصه لموارد مالية لا حرية لولاة الأمر فى تعديلها، بحيث توجه حصيلة الموارد إلى إشباع حاجة أفراد المجتمع بقصد تحقيق التكافل الاقتصادى، وإعادة توزيع الثروة بين أفراد الأمة بشكل يزيل عن المجتمع أسباب الصراع.
وقالت الدراسة، إن هدفها إبراز كفاءة الاقتصاد الإسلامى ومقوماته وقدرته فى معالجة قضية الإنفاق العام وترشيده من خلال مجموعة من الضوابط والقواعد العامة، ومجموعة من الأهداف الخاصة بتلك القضية، وأيضا إبراز أن الاقتصاد الإسلامى هو النظام الأجدر والأفضل فى شتى نواحى الحياة، وأن كتب التراث الإسلامى تحتوى على الكثير من الكنوز المعرفية الصالحة للتطبيق، التى يمكن الاستفادة منها فى مواجهة الكثير من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التى تواجه الأمة فى تلك الفترة، والتى هى فى أمس الحاجة إليها الآن فى ظل التحديات الراهنة.
وحول التحديات التى واجهت الباحث، أشار إلى أنها تمثلت فى تزايد النفقات العامة وعدم قدرة الإيرادات على تغطيتها، كما تغيرت النظرة إلى طبيعة النفقات العامة، بحيث أصبحت تعتبر منتجة سواء كان الإنفاق فى مجالات اقتصادية أو مجال الخدمات الحكومية التقليدية، من أجل ذلك تزايد الاهتمام بدراسة النفقات العامة سواء فى الفكر الاقتصادى الوضعى أو الإسلامى.
ولما كانت النفقات العامة تزيد بمعدل أكبر من معدل تزايد الإنتاج ومن الإيرادات العامة، وكان وراء التزايد المستمر فى النفقات العامة عدة عوامل لها جوانب اقتصادية واجتماعية وإدارية وسياسية فكان لابد فى ظل نظام اقتصادى إسلامى من تحديد حجم النفقات العامة فى ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية السائدة، وفى ضوء إمكانية الدولة وقدرتها فى الحصول على إيرادات عامة، ولتحقيق غرض النفقات العامة وهو النفع العام، كان لابد من وضع عدد من المبادئ والضوابط الشرعية والتى تحكم الإنفاق العام.
وأشار الباحث، إلى أن هذه الدراسة تقوم على أساس المنهج الاستقرائى، الذى يعتمد على الاستقراء فى كتب التاريخ الاقتصادى الإسلامى، التى تحتوى على الكثير من القضايا الاقتصادية المعاصرة، واستنتاج الأفكار والحلول الاقتصادية التى تحتوى عليه.
دراسة لـ"اقتصاد اﻷزهر" تنظم قواعد الإنفاق العام فى الفكر الإسلامى
الخميس، 22 مايو 2014 09:12 ص