حصدت الزميلة إيمان الوراقى ، الصحفية بجريدة اليوم السابع ، جائزة نادى دبى للصحافة العربية فى التحقيق الاستقصائى، عن تحقيقها " مستشفيات الحكومة تشترى الموت من مصانع بير السلم.
وإلى نص التحقيق الفائز بجائزة دبى للصحافة الاستقصائية..
◄0 9 ٪ من مستلزمات المستشفيات التابعة لوزارة الصحة وعلى رأسها مستشفى الشيخ زايد ومستشفى سرطان الأطفال «57357» يغطيها المصنع وهى مستلزمات تفتقر إلى أدنى درجات السلامة لكن ما خفى كان أعظم.
◄2 7 5 4 9 9 قطعة عدد مضبوطات الأجهزة الرقابية وفقاً لتقرير مباحث التموين وهى عبارة عن 142، 810 طن، 950 متر شاش – 241837 عبوة 1156 جهازاً – 9959 حفاضة، من المستلزمات الطبية المغشوشة وغير المصرح بتداولها من وزارة الصحة منذ بداية 2012 حتى مايو 2013
◄ الهيئة القومية للرقابة: المستلزمات غير صالحة أكد تقرير الهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية أن جميع المضبوطات غير مطابقة للخواص الفيزيائية والميكانيكية من حيث البيانات الإيضاحية، موضحاً عدم تدوين رقم التسجيل بوزارة الصحة، ورقم التشغيل، وتاريخ الإنتاج على جميع المستلزمات، وأن المستلزمات «غير مطابقة ميكروبيولوجيا لاختبارات العقامة»، وبالتالى فهى غير صالحة للاستخدام البشرى.
◄ أشهر المستشفيات المتعاقدة مع المصنع مستشفى الأورام «57357»، والشيخ زايد التخصصى، ومستشفى القاهرة الجديدة بحلوان، ومستشفى جراحات اليوم الواحد، والمعهد القومى للكلى والمسالك البولية، وجراحات المرج، جراحات اليوم الواحد، وجسر السويس، جراحات اليوم الواحد، ومدينة نصر، ومستشفى جامعة عين شمس النساء والتوليد، ومستشفى المقاولون العرب، وعدد آخر من المستشفيات التى تخضع لرقابة وزارة الصحة.
◄ "الصيادلة": المنتجات تسبب السرطان.. وعضو بالنقابة يطالب بإعدام أصحاب الشركات المخالفة
0 9 ٪ من المستشفيات تعتمد على المصنع بسبب انخفاض أسعاره.. ومستشفى سيادى يتعاقد معه على مستلزمات بـ100 ألف جنيه بالأمر المباشر
أسرعت مضطربة النفس إلى مستشفى سرطان الأطفال تبحث عن الطبيب، تجرُّ خطاها التى أثقلها الألم، حاملة أوجاعها على كتفيها، بعد يوم أمضته فى تنظيف بيوت الأغنياء وخدمتهم، تتساءل أم محمد بصوت مهزوم: «جلد محمد مهرى، من إيه ده يا دكتور؟»، ليجيبها بثقة: حساسية وهتروح بسرعة.
ساعات تلتها ساعات، ولم تنخفض درجة حرارة محمد، ولم تذهب حساسيته أيضا، كل الأدوية والكمادات المنتشرة بجسده النحيل لم تجد نفعًا، رغم محاولات الطبيب المستميتة للتغلب على المرض بكمية من المحاليل والعقاقير.
رأسه اللامع الخالى تماما من الشعر المتساقط اعتراضا على غزو السرطان جسده الصغير، لم يمنح الضمادة المثلجة فرصة خفض درجات حرارته، جلده المهترئ بسبب حساسية لا يُعرف مصدرها، حال بينه وبين أخذ جرعته الدوائية فى ذلك اليوم ليعرضه لموت تعددت أسبابه.
محمد ليس وحده من بين أطفال مستشفى سرطان الأطفال الذين أصيبوا بحساسية، نتيجة تسرب المحاليل أسفل الجلد بسبب رداءة مثبت «الكانيولا» غير المدون عليه رقم تشغيلة وزارة الصحة.
معاناة محمد وأمه كانت هى المحرك الأساسى لهذا التحقيق الاستقصائى الذى أجرته «اليوم السابع» لتتبع ومعرفة أسباب الحساسية التى أصيب بها أطفال المستشفى، غير أن المفاجأة كانت اكتشاف بؤر «تجارة الموت» من خلال منظومة فساد متكاملة، ترعاها وزارة الصحة نفسها، فالأمر لا يقتصر على رداءة المستلزمات الطبية، وعدم صلاحيتها للاستخدام، والتى يعاد تصنيعها، أو تصنع من خامات صينية غير خاضعة لرقابة وزارة الصحة، وتفتقر إلى أدنى درجات السلامة، لكن ما خفى كان أعظم وأخطر، فوزارة الصحة نفسها تتعاقد مع مصنع «ف.م» المنتج لهذه الخامات، والذى يغطى قرابة %90 من المستشفيات التابعة لها، وعلى رأسها مستشفى الأورام «57357»، والشيخ زايد التخصصى، والمركز الطبى للمقاولون العرب، ومستشفى القاهرة الجديدة بحلوان، ومستشفى جراحات اليوم الواحد، والمعهد القومى للكلى والمسالك البولية، وجراحات المرج، جراحات اليوم الواحد، وجسر السويس، جراحات اليوم الواحد، ومدينة نصر، ومستشفى جامعة عين شمس النساء والتوليد، ومستشفى المقاولون العرب، وعدد آخر من المستشفيات التى تخضع لرقابة وزارة الصحة.
المفاجأة الكبرى هى رئاسة وزير الصحة الحالى، محمد مصطفى حامد، أمانة المراكز الطبية المتخصصة بوزارة الصحة منذ عام 2006 حتى عام 2011، والمختصة بإجراء المناقصات الخاصة بتوريد المستلزمات الطبية للمستشفات، والتى تتبع سياسة الأمر المباشر عند ترسيتها على إحدى الشركات.
كوارث مرضية تتسبب فيها تلك المنتجات، جاءت فى مقدمتها أمراض سرطانية تراوحت نسبتها حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، بين 100 و200 حالة جديدة لكل 100 ألف نسمة سنوًيا فى مصر، يمثل سرطان الأطفال فى مصر نسبة %5 منها، والتهاب الكبد الوبائى البالغ نسبته طبقا للمسح الصحى الديمغرافى «EDHS 2010»، أكثر من نصف مليون شخص سنويا، منهم 70 ألف طفل، كما أنها تسبب التسمم والموت الفورى أحيانا.
تقارير مباحث التموين ترصد حجم الكارثة، إذ ضبطت الأجهزة الرقابية أكثر من 995472 قطعة – 142، 810 طن، 950 متر شاش – 241837 عبوة 1156 جهاز – 9959 حفاضة، من المستلزمات الطبية المغشوشة وغير المصرح بتداولها من وزارة الصحة منذ بداية 2012 حتى مايو 2013.
استغرق العمل فى هذا التحقيق أربعة أشهر من العمل المتواصل، ونجحت «اليوم السابع» فى اختراق مصنع يعمل فى مجال المستلزمات الطبية يسمى «م.أ.ص» التابع لشركة «ف.م» فى مدينة العبور، وزارت «اليوم السابع» عددا من الصيدليات الشهيرة مثل «س» التى تبيع بعض منتجات ذلك المصنع.
مفاجآت كارثية كشفها التحقيق بعد التأكد من عدم صلاحية تلك المنتجات للاستخدام البشرى، وعدم تسجيلها لدى وزارة الصحة، رغم وجود مناقصات وأوامر مباشرة بين الصحة والمصنع محل التحقيق. كما نجح التحقيق فى تتبع تلك المنتجات منذ إنتاجها، ثم إلى جسد من منحوا ثقتهم للقائمين عى النظام الصحى فى مصر.
◄ مغامرة داخل مصنع بير سلم
شركات المستلزمات الطبية وعرباتها الجائلة المنتشرة فى قصر العينى، وأم المصريين، وشبرا، كانت طرف الخيط الأول الذى بدأنا من عنده لنصل إلى الأباطرة
ومصانعهم «الملعونة» التى توصلنا إليها من خلال المعلومات المدونة على الـ«آى باتش»، وهو القطعة التى يتم لصقها على العين لتغطيتها بعد العمليات الجراحية، والذى أعطته لنا «أم محمد». بعد بحث مضن عن مصدر يساعدنا فى اختراق المصنع، تم التوصل إلى مصدر من داخل الشركة، ساعدنا فور علمه بعدم تسجيل منتجات الشركة لدى وزارة الصحة ليعمل لصالحنا فى جمع المعلومات، وإمدادنا بالمستندات اللازمة.
كما استطعنا تصوير المصنع، وهو عبارة عن «دكان» بشارع عشوائى، بابه من الصاج على يمينه مركز لتجميع القمامة «مزبلة»، وعلى يساره محلات نجارة، مساحته لا تتجاوز 60 مترا، يعمل بآلات بسيطة، وأرضية متسخة، وأدوات طبية مبعثرة بشكل عشوائى فى أنحائه المختلفة. وكجميع الأعمال غير الشرعية تحاط دائما بالسرية، فلا يعرف أحد من عمال المصنع القلائل من أين تُجلب المواد الخام المصنعة منها المستلزمات الطبية، غير أن هناك من يتهامس باستيرادها من الصين.
يصنع المصنع منتج «آى باتش» يستخدم للعين، مفارش سرير لما بعد العمليات، و«درسينج» قطعتان من الشاش بينهما قطن لجروح ما بعد العمليات، و«ستريب» وغيرها من المستلزمات الطبية المدون عليها اسم الشركة، ومذكور أيضا أنها معقمة، دون ذكر رقم تشغيلة وزارة الصحة.
◄ مصدر من داخل الشركة: منتجاتنا تنتشر فى مستشفيات الحكومة
طرف الخيط قادنا إلى مصدر من داخل الشركة، تطوع ليكشف لنا كيفية وصول منتجات هذا المصنع إلى مستشفيات وزارة الصحة، قائلا: «كثرة التردد على المستشفيات وإعداد «سى. فى» جيد بسابقة أعمال مع مستشفى أو صيدلية كبرى، ورخص الأسعار المعروضة، كروت مرورنا إلى تلك المستشفيات».
ويضيف المصدر: كنا نتعمد أن تكون أسعارنا المطروحة للمناقصات وغيرها أقل من الأسواق، فمثلا قطعة «فرسترب» ثمنها 65 قرشا، بينما تبيع الشركات المنافسة بضعف الأسعار، وهكذا فى باقى المنتجات.
ويضيف: علمت أنه كان يتم الذهاب إلى شركة لديها وحدة تعقيم يأتى منها بخطاب يثبت التعامل بينها وبين «ف.م».
وتابع المصدر: %90 من المستشفيات نكرر دخولنا عليها إلى أن يتم الاعتماد علينا ويتم ترك المنافسين، وفى حالة ما إذا سألونا عن أوراق تسجيل وزارة الصحة، فنقول سنرسلها لكم، إلا أن الناس عادة ما تنسى أمام تلك الأسعار المغرية، وتتم المناقصة أو الأمر المباشر.
وعن المستشفيات التى تم التعامل معها، يقول المصدر: وردنا لمستشفى تابع لإحدى الجهات السيادية كمية من شاش فازلين، وآى باتش للعين بعد العمليات، بالأمر المباشر بقيمة 100 ألف جنيه قبيل إغلاق المصنع، وردت خلال أسبوع واحد، وهى كمية لا يمكن تعقيمها خلال أسبوع.
وعن الإجراءات التى اتخذها لإعلام المستشفيات بنتائج تحليل العينات، قال: تقدمت إلى مستشفى سرطان الأطفال «57357» وأخبرتهم أن الشركة تم غلقها من قبل وزارة التموين، وأن الشركة ليست مسجلة لدى الصحة، وأن المنتجات غير معقمة، وتم على أثر ذلك تحرير خطاب تم توجيهه للشركة، لموافاتها بخطاب التسجيل فى وزارة الصحة، فردت الشركة بأوامر التوريد الصادرة من وزارة الصحة للمصنع كداعم لموقفها دون إرسال جواب تسجيل المنتجات، ورخصة المصنع من وزارة الصناعة مع إرجاء إرسال بقية الأوراق.
◄ كارثة تحصد أرواح المصريين
قام مصدرنا بتحرير محضر بوزارة التموين ضد المصنع تحت رقم «1288»، وبدورها قامت مباحث التموين بغلق المصنع، بعد أن رفضت الهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية تحليل عينات أخذناها من المصنع لمعرفة ما إذا كانت صالحة للاستخدام البشرى أم لا، على حسابنا الخاص، وطالبت بضرورة تقديم شكوى للإدارة المركزية لشؤون الصيدلة.
ثم تقدمنا بمذكرة إلى رئيس الإدارة المركزية للشؤون الصيدلية بشأن مصنع «ف.م»، تضمنت الإبلاغ عما أسفرت عنه حملة إدارة التفتيش على مصانع المستلزمات الطبية المحلية التابعة للإدارة المركزية للشؤون الصيدلية، بمرافقة مباحث التموين والتجارة الداخلية على الشركة المشار إليها.
وكشفت الحملة مخالفات، منها أن المصنع يباشر عمله دون رخصة من وزارة الصحة، ويصنع منتجات معقمة - ثبت عدم تعقيمها فيما بعد- فى بيئة سيئة تفتقر إلى اشتراطات التصنيع الجيد، إلى جانب أن منتجات الشركة لا تحمل إخطار تسجيل معتمدا من الإدارة المركزية للشؤون الصيدلية، إضافة إلى عدم وجود نظام لمراقبة الجودة، أو معمل للتأكد من جودة وسلامة المنتجات، مما يتسبب فى طرح منتجات للأسواق غير معلوم مدى صلاحيتها.
وشملت المخالفات أيضًا أن مناطق الإنتاج تفتح مباشرة على الشارع الخارجى، مما يجعلها أكثر عرضة للميكروبات والحشرات والأتربة، ومستلزمات الإنتاج ملقاة على الأرض.
وأوضحت المذكرة التحفظ على الكميات الموجودة بالمصنع، وعمل حرز للاستعلام عن تلك المنتجات بالإدارة المركزية للشؤون الصيدلية لعرضه على النيابة، وتم تحرير محضر بقسم شرطة العبور تحت رقم 1288 لسنة 2013 جنح العبور، كما تضمنت ورود الحرز الخاص بمضبوطات المصنع، والاستعلام عن تسجيل تلك المنتجات فى يوم 14فبراير 2013.
وذكرت المذكرة أن إدارة التسجيل بوحدة المستلزمات الطبية أفادت فى يوم 21 فبراير بأن جميع منتجات الشركة لم يستدل عليها وغير مسجلة، وهو ما يعنى أن المذكور محل الشكوى قد خالف أحكام القوانين أرقام 1955/127 الخاصة بمزاولة مهنة الصيدلة، 1956/309 الخاص بتراخيص المحال التجارية والصناعية، 1994/281 الخاص بقمع الغش والتدليس، و2006/67 الخاص بحماية المستهلك، وقرار وزير التموين رقم 1994/113 الخاص بالسلع مجهولة المصدر.
وطرحت المذكرة عدة توصيات، منها إصدار منشور حظر تلك المنتجات، وبيان خطرها على الصحة العامة حتى لا يتم استهلاك ما قد يوجد بالسوق المحلية أو المستشفيات، ومخاطبة الجهات التالية بالمنشور المذكور حفاظا على صحة المواطنين، وهى الإدارة العامة لشرطة التموين والتجارة الداخلية، لتتبع منتجات المصنع فى مخزن الشركة الكائن بجسر السويس، وأماكن التوزيع بمستشفيات قصر العينى، وأم المصريين، وكذلك متابعة المصنع المخالف للتأكد من عدم قيامه بالتصنيع مرة أخرى، إلى جانب مساعد وزير الصحة للشؤون العلاجية، وجهاز حماية المستهلك، والهيئة العامة للمؤسسات العلاجية، وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.
وتمكنت «اليوم السابع» من الحصول على المذكرة التى أرسلتها لإدارة التحريات بشرطة التموين والإدارة الداخلية التابعة للهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية، لتثبت حرز النيابة الخاص بالمحضر رقم 1288 لسنة 2013 جنح العبور، يحتوى على كيس بلاستيك أسود اللون بداخله علبة كرتونية من مستلزم fir-strip 10x18cm وعلبة كرتونية من مستلزم fir-strip 10x12 cm بالإضافة إلى قطعة واحدة من مستلزم surg-pad 15x15cm، وجميعها من إنتاج شركة «ف.م» بتاريخ انتهاء صلاحية فى يوليو 2017.
وشملت محتويات الكيس الأسود أيضاً لفتين من مستلزم شاش sof-band 2.7x15cm، وقطعتين من مستلزم adhesive post operative dressing 10x35K وقطعة واحدة من مستلزم first bed pad، وقطعتين من firs tulle 10x10cm من إنتاج شركة ف.م، إلى جانب قطعتين مستلزم رباط جبس «fixband 20cm x 2.7m» من إنتاج شركة «ف.ب» بتاريخ انتهاء يناير 2018.
وأكد تقرير إدارة التحريات أن جميع المضبوطات غير مطابقة للخواص الفيزيائية والميكانيكية من حيث البيانات الإيضاحية، موضحاً عدم تدوين رقم التسجيل بوزارة الصحة، ورقم التشغيل، وتاريخ الإنتاج على جميع المستلزمات، وأضافت إدارة التحريات أن جميع المستلزمات «غير مطابقة ميكروبيولوجيا لاختبارات العقامة»، وبالتالى فهى غير صالحة للاستخدام البشرى.
وأفاد تقرير وحدة المستلزمات الطبية التابعة للإدارة المركزية للشؤون الصيدلية والمرسل إلى مدير الإدارة العامة لشرطة التموين والتجارة الداخلية، بأن المضبوطات الخاصة بحرز المحضر رقم 1288 جنح العبور لسنة 2013 شملت قطعتين من منتج soft band، وأخريين من منتج fixoband، وهو عبارة عن رباط جبس من إنتاج شركة «ف.ب»، إلى جانب علبة من منتج firstrip غيار جراحى مقاس 12X10 سم ومدون عليه «معقم» وتحتوى على 100 قطعة، وعلبة من منتج firstrip غيار جراحى مقاس 8x6 سم ومدون عليه «معقم» وتحتوى على 25 قطعة، وهما من إنتاج شركة «ف.م».
كما تضمنت المضبوطات قطعة واحدة من منتج surg-pad غيار جراحى مقاس 25x15 سم، ومدون عليه «معقم»، وقطعة أخرى من منتج first bed pad مفرش سرير طبى، إضافة إلى قطعتين من منتج first strip غيار جراحى مقاس 35X15 سم ومدون عليه «معقم», وقطعتين من منتج first tulle شاش فازلين ومدون عليه «معقم»، وجميعها من إنتاج ف.م.
وأظهر التقرير أن جميع المضبوطات لم يستدل عليها لعدم تدوين أرقام التسجيل عليها، موضحًا أن المستلزمات الطبية غير المعقمة لا تخضع للتسجيل ويتم الإفراج عنها من خلال إدارة الموافقات الاستيرادية للمستلزمات والأجهزة الطبية بالإدارة المركزية للشؤون الصيدلية.
◄ مستشفى أورام الأطفال 57357
أكد خالد النورى، نائب مدير عام التشغيل والجودة بمستشفى أورام الأطفال 57357، تعامله مع شركة «ف.م» محل التحقيق فى حدود ضيقة، كما نفى حدوث أضرار بسبب استخدام تلك المنتجات.
كما أعرب شريف أبوالنجا، نائب مدير عام الأبحاث والعلاقات الخيرية بالمستشفى، عن عدم اكتراثه للمشكلة قائلا: اكتبى عننا مقالة وحشة فى الجرنال.. قولى إننا مش عايزين نديكى معلومات.. أنا ما لى بإن الشركة عاملة كذا.. ثم طلب من إحدى الطبيبات إدخالى إلى خالد النواوى، نائب مدير عام التشغيل والجودة، مضيفا بصوت عال فى غرفة الاستقبال أمام الجميع «لو خالد مرضيش يديكى معلومات، ما بنخفش من حد، ومش عايزين حاجة من حد، وأنا ما بخفش».
غير أن الواقع ينفى ما قاله النورى، حيث يقول مصدر بالشركة «ف.م»: بعد حدوث حساسية جماعية لأطفال الأورام توقفت المستشفى عن تلقى الكميات المتفق عليها من مثبت «الكانيولا» دون باقى المنتجات.
كما أن المستندات التى حصلنا عليها تثبت توسع التعامل مع تلك الشركة، حيث تمت مناقصة عامة بتاريخ 4 / 5 / 2011، تحت رقم «1020/11» بين شركة «ف.م» وبين مستشفى أورام الأطفال لشراء غيارات وبلاسترات وشاش يبدأ توريدها من تاريخ بدء المناقصة وينتهى فى 17 / 3 / 2013 بمبالغ قدرها 79750 جنيها.
◄ مستشفى الشيخ زايد التخصصى
توجهنا إلى مستشفى الشيخ زايد التخصصى لوجود مناقصة خاصة بينها وبين تلك الشركة للوقوف على حقيقة الأمر وجدت أوراق الشركة نفسها «ف.م» ضمن الأوراق المقدمة لمناقصة 2013.
فيما وضح محمود النواوى، المدير المالى والإدارى لمستشفى الشيخ زايد التخصصى، طبيعة عمله وفق قانون المناقصات والمزايدات، وعن مناقصة 2009 التى كانت بين المستشفى والشركة قال: اعتمدتها وزارة الصحة، وأجازت تداول المنتجات التى تضمنتها المناقصة.
وأضاف: تعمل وزارة الصحة وفقا لنظام الشراء المركزى، وهى أن تنوب الإدارة العامة لعضو المشتريات فى ديوان عام وزارة الصحة وتنوب عن المستشفيات وتقوم بالمناقصات فى مباشرة إجراءات التعاقد، ووزارة الصحة توقف تداول المنتج إذا وجدت فيه مشكلة.
إلا أننا واجهناه بأن المناقصة كانت للشيخ زايد وليست لوزارة الصحة، وأن هناك نوعين من المناقصات، مناقصات مركزية أو مناقصات خاصة بالمستشفى.. فأجاب بأنه لم يكن مسؤولا ماليا أو إداريا فى ذلك الحين.
فيما أكد مدير مستشفى «الشيخ زايد» استلامه إدارة المستشفى فى 2012 قائلا: «لا أعلم شيئا والوزارة هى المسؤولة.
◄ مسؤول بالشركة
من جانبه قال مصدر مسؤول بالشركة، رفض الكشف عن هويته، إن ما اضطرهم لعدم تسجيل منتجات الشركة لدى وزارة الصحة هو المعوقات الكثيرة التى تفرضها الإدارة المركزية لشؤون الصيدلة - حسب وصفه - مشيرا إلى وجود مصنع بديل تتوافر فيه كل المواصفات المطلوبة لإنتاج المستلزمات وفق شروط الوزارة، وأنه فور استخراج التراخيص من وزارة الصحة سيتم تشغيله.
◄ منتجات طبية على الأرصفة
50 سنتيمترا عرضا ومتر ونصف المتر طولا هما كل ما يحتاجه أى شخص لإقامة «دكان» صغير يبيع من خلاله تلك المستلزمات والأدوية منهم، بعد تردد وخوف وافق عادل بكالوريوس سياحة وفنادق قائلا: عامل مشروع صغير عبارة عن فاترينا للمستلزمات الطبية، نقف على الرصيف فى مكان 20 سنتيمتر عرضا فى متر بالطول، أريد كسب قوتى بالحلال، وكل ما أتمناه ترخيص لهذه الفاترينا، لا أحد يستمع لنا من المسؤولين، رغم أننا لا نطالب بالكثير، لا بشقة ولا بعمل، فقط ترخيص يبعدنا عن البلطجة والكسب غير المشروع.
ويشارك عادل فى مشروعة اثنان، بدأه بعد الثورة مواكبا الانفلات الأمنى وندرة فرص العمل، لا يوجد اعتراض من صاحب العمارة، وعن مصدر بضاعته يقول عادل: من التجار فى السوق، لا نكسب الكثير، هناك عدم ثقة بيننا وبين الزبون لأننى لا أحمل ترخيصا لفاترينتى، لا يوجد غش، الصينى موجود واليابانى موجود، أريد ترخيصا وكشكا، لا نخضع لمراقبة وزارة التموين، ولكننا نتعرض أحيانا لحملاتهم.
وينفى عادل متاجرته فى السلع الفاسدة بأى صورة قائلا: إلا الضرر ولو مش لقيين جنيه.
«اليوم السابع» فى جولتها بالأماكن المخصصة لبيع المستلزمات الطبية للوقوف على مدى انتشار الفساد بها، عثرنا على أحد المستلزمات لنفس الشركة يباع فى صيدليات شهيرة مثل «س» و«ع» و«ن»، ولإثبات الأمر قمنا بشراء المنتج بفاتورة معتمدة.
«م. خ» صاحب شركة مستلزمات طبية قال إن توريد المستلزمات الطبية للمستشفيات لا يعتمد على الجودة بقدر ما يعتمد على السعر، عند توريد البضاعة للمستشفيات يستلم منا موظفون، وهذا خطأ فادح، فلمعرفة جودة المنتج تحتاج لمتخصص، ومن هنا يمكن شراء ذمته بـ100 جنيه وإدخال أى سلع ولو كانت ترابا.
سيف السبكى أخصائى علاج طبيعى وصاحب شركة لبيع المستلزمات الطبية يؤكد: «نستورد معظم احتياجاتنا من المستلزمات الطبية، وتقابلنا كثير من المشكلات، منها عدم انتظام سعر الدولار، وينعكس هذا على المستهلك، ولكن لا توجد رقابة عليها، فكثير من المنتجات ليست مطابقة للمواصفات المطلوبة، ولابد من وجود رقابة من وزارة الصحة».
وعن طرق الغش فى الأسواق يقول سيف فى الأسواق أحيانا يتم إعادة تصنيع المخلفات، أو تغليفها مرة أخرى وبيعها على أنها جديدة، ووزارة الصحة تراقب المنتجات وليس لها رقابة على الأسواق، بينما تقتصر وزارة التموين على مراقبة الفواتير والتراخيص رغم كثرة حملاتها علينا.
ويضيف باسم محمد موظف بشركة مبيعات للمستلزمات الطبية: كثير من منتجات المستلزمات الطبية «بيتادين شاش قطن» المنتشرة بوسط القاهرة، يصنع فى مصانع «بير سلم» إلى جانب البضاعة «المحروقة»، أى المسروقة من المستشفيات، كالبنج والمستلزمات الطبية التى تباع للصيدليات والمراكز.
يشتهر شارع قصر العينى بمنتجاته غير المطابقة للمواصفات، خاصة المحلات المبتدئة فى تلك المهنة، %80 منهم يعملون فى المنتجات «المضروبة» قبل وبعد ظهور ما يعرف بـ«الفترينات» المنتشرة بالمنطقة.
◄ طارق الصاحى: 0 2 % من المصانع مخالفة
طارق الصاحى، مدير عام الإدارة العامة للتفتيش على مصانع الأدوية سابقا، يرى أن هناك غالبا أمام كل 10 مصانع مستلزمات طبية مرخصة يوجد 200 مصنع غير مرخص، وهذه معلومة لا يمكن إغفالها، وتتعدد المشكلات التى تتسبب فيها هذه المصانع من حساسيات وأمراض تصل للوفاة أحيانًا.. ولكن الأهم هو المعايير والمقاييس الثابتة التى تجب مراعاتها والتعامل على أساسها، وأهمها تحليل كل الكيماويات أثناء مراحل التصنيع المختلفة، منذ مجىء المواد الخام إلى المصنع، ثم توجيهها إلى مراحل التصنيع المختلفة، يجب تحليل عينات كيميائيا قبل وبعد كل مرحلة.
ويأتى من ضمن المعايير أيضا حالة المخازن، فلابد أن تكون مطابقة للجودة المثالية للتصنيع، وذلك من حيث التهوية والمساحة وغيرها من الأمور الفيزيائية المهمة، الأمر الأخير هو مراعاة المنطقة الإنتاجية ومواصفاتها مرات دورات الهواء داخل المخزن ومكان حفظ العينات.
◄ رئيس شعبة المستلزمات الطبية: لا توجد رقابة على الأسواق
وتعليقا على هذا الأمر قال سامى الحنبولى، رئيس شعبة المستلزمات الطبية باتحاد الصناعات عضو مجلس تصدير الصناعات الطبية بمصر، إنه لا توجد رقابة لا على الأسواق ولا على المستخدمين، ولا مفر من شن حملات على الشوارع المتخصصة لبيع المستلزمات الطبية الموجودة، وكذلك المستشفيات للوقوف على ما إذا كانت مسجلة بوزارة الصحة أم لا، فالأمر يتعلق برقابة الوزارة فهى التى تمنع أو تسمح بانتشارها.
وطالب الحنبولى بما أسماه «التتبع للخلف» لمعرفة مصدر التصنيع، وهذا لا يحدث لعدم رغبة البعض فى نقل الرقابة من على المصانع إلى الأسواق، مثل بقية دول العالم، فالرقابة على المصانع يكتفى فيها بشهادات الجودة العالمية الحاصل عليها المصنع والأداء العام له.
وبصفته طبيبا بشريا يحدثنا الحنبولى عن أضرار تلك المستلزمات، موضحا تسببها فى أمراض السرطان، لرداءة الخامات غير الطبية التى تدخل الجسم وتضر أنسجته وأيضا الحساسية، والصدمات البكتيرية التى تؤدى للوفاة فى أقل من يوم، ولذا لابد أن يكون لها مواصفات، أهمها توفر الكفاءة والأمان والتوافق الحيوى بين المنتج وجسم الإنسان، ولذا يجب إجراء عشر اختبارات على المنتج الواحد للتأكد من كونه متوافقا مع جسم الإنسان، وأى مصنع يجب عليه فعل هذه الإجراءات.
وعن الأضرار التى تسببها تلك المصانع يقول الحنبولى مصانع بير السلم تضر الشعبة، بل جميع الصناعات، ولذا نعانى من سمعة غير طيبة نتيجة قيام مصانع مجهولة لدينا وغير مرخصة، منتجات معيبة تؤثر على سمعة المصانع الجيدة، ودورنا نحن معرفة مشكلة تلك المصانع وحلها ومساعدتها لكى توفق أوضاعها من أجل تشجيع الصناعة المحلية.
وعن دور الشعبة يقول: تأتى لنا شكاوى عن منتجات مصانع تنافسها فى الأسواق وهى غير مرخصة، ننقل هذه الشكوى لوزارة التموين أو الصحة، ودورنا ينحصر فى النصح والمساعدة على التطوير، فنحن لسنا جهة رقابية، ولا جهة تنفيذية نشن حملات تفتيشية على المصانع.
◄قنابل موقوتة تتسبب فى أمراض سرطانية
«كارثة بكل المقايس» الكلمة الأولى التى بدأ بها محمود عبدالمقصود، عضو مجلس نقابة الصيادلة، فهى بمثابة قنابل موقوتة تنفجر فى المواطنين دون أن يعلموا ذلك، وأطالب بغلقها وإعدام أصحابها، الذين تسببوا فى ضياع حياة المئات، نظرا لما تسببه هذه المستلزمات المصنعة فى بيئة خاطئة من أمراض قد تتسبب فى التهابات الكبد الوبائى، فيرس سى، والسرطانات بمختلف أنواعها، لأنهم لا يلتزمون بالمعايير القياسية، وأهمها الترخيص الصادر من وزارة الصحة، كذلك فهم يغفلون الشرط الأساسى فيها وهو «العقامة» وغالبا ما يتم ذلك فى مصانع خارجية ولا يتم داخل المصنع الذى يقوم بالتصنيع نفسه.
رئيس شعبة المستلزمات بالغرف التجارية: الصيادلة لا يفهمون عملى ويضعون لى الخطط ويشرفون علىَّ.
محمد إسماعيل، رئيس شعبة تجار الأجهزة والمستلزمات الطبية بالغرف التجارية رئيس الاتحاد العربى للصحة والغذاء، قال: الذى يشرف علينا الإدارة المركزية لشؤون الصيدلة، وادعى عدم فهمهم لهذا العمل، فالصيدلى لم يدرس فى سنوات دراسته الخمس شيئا عن المستلزمات الطبية، إذن كيف يتسنى له وضع خططى والإشراف علىَّ.
مضيفا ليس من حق إدارة شؤون الصيدلة تفتيش المحلات والمصانع غير المرخصة قانونا، ولكنه من حق مباحث التموين، ولذا وجب استدعاء فريق من شؤون الصيدلة للنزول معهم باعتبارهم متخصصين، وهذا فى حد ذاته معوق، هناك قصور فى المراقبة على المستلزمات الطبية، ولذا كانت المصانع تنتج منتجات غير جيدة إلى أن دخل معنا برنامج تحديث الصناعة 2004، ثم برنامج دعم الصناعة، وهذا الفارق وجدناه فى التصدير، فبعد أن كنا نصدر فى 2004 بما يعادل 20 مليون دولار، وصلنا اليوم بما يعادل 320 مليون دولار.
صورة الملف المنشور فى جريدة اليوم السابع
موضوعات متعلقة..
◄خالد صلاح يكتب.. "كلمة واحدة": أرواح الناس فداءً لمشروع التمكين
تحقيق اليوم السابع الفائز بجائزة نادى دبى الأولى للصحافة العربية .. الزميلة إيمان الوراقى تفوز بفرع الصحافة الاستقصائية عن تحقيقها "مستشفيات الحكومة تشترى الموت من مصانع بير السلم "
الأربعاء، 21 مايو 2014 06:49 م
جائزة نادى دبى للصحافة العربية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
فاروق
الف مبروك
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد فهيم عبد الغفار
عاش رجالة اليوم السابع