أتعبها السهر كل ليلة تحت شجرة الأحزان تشكى وتبكى للقمر، تحكى له عن حالها تسترجع أحلامها بعد أن خدعها ذلك الإنسان الذى أحبه وتزوجته تئن بكلماتها المكلومه وتداوى جراح، استقرت فى قلبها وسكنت روحها...لا تدرى ما تفعله غدًا لأنه لم يعد لها غدًا.
فالزمن توقف بها عند هذه اللحظة.. لحظة اكتشاف الحقيقة، انقلبت السعادة إلى حزن... والأحلام صارت أسراب من الخوف والكوابيس، تبدلت ملامح وجهها ورسم الهمم خطوطه الصفراء بإصرار على ضحكتها... لم تعد تحتمل قسوة الأيام ولا قسوة إنسان تزوجته وألقى بها فى سراديب الألم بين ظلام الغدر وعمق الأحزان، ليغلب عليها إحساس الضياع، واحترقت الصورة التى دأبت على تخيلها كل يوم، وكيف ستلون بيتها بالسعادة مع من أحبته وتزوجته، كأنّ الزمن أراد أن يقيد تلك الأحلام عامدًا متعمدًا، لتنقطع عنها أسباب الفرح والسعادة وتنضب أنهار الأمل فى صحراء النفس والوحدة الموحشة.. عرفت أنها لا يمكن أن تعود بالأيام للوراء وأنها باتت فى مهب الريح، تأكدت بأن ما حلمت به معه كان سراب، واستحالة أن تخالط نور وضوء أحلامها من جديد، وتنزع حقها المغتصب من ظالمها!
عقبة كبيرة تقف وسط طريقها لن تجد أحدًا... وتعود وتسأل كيف تستوفى حق الأنوثة لنفسها، بعدما حفر الزمن خندقًا وسورًا من الحدود الفاصلة بينها وبين زوجها... كل لحظة هى طعنة تكابد فيها مرارة الغدر وحدها والدموع تروى ما جف من مشاعر وأحاسيس تجاهه.. ولكن هل الدموع ستخفف من يأس أملها، وكيف تبعد شماتة الوقت والعيون عنها....؟ تتلوى فى صمت من ضربات الزمن، وتنتظر لحظة أمل هاربة من معتقل اليأس لم يعد لديها سوى أن تسافر من اللاوجود إلى الضياع فى حياه تجردت من كل المعانى وأصبحبت أمرأة تجمدت فيها الأنوثه أمام القدر الذى أذاب فيها الحزن وتستعر فى جسدها نيران الوحدة والاشتياق، فتهرب بأفكارها لتجد آثار لهيب الحريق فى عروقها، ويسرى فى الدم لينتشر إلى كل أنحاء الجسد، لم يكن هذا إلا عذابًا للروح، وما هو إلا تقديم البرهان على فعلته بالتنسيق مع القدر الذى فرض عليها واقع مرير ويزداد سوءًا عندما حجبت عنها أسباب الرزق والعيش، لتحتسى من الحياة مرارة الألم والحرمان...حتى إن القلب ليرتعش، والكلمات تئن وتصرخ حين تحتبس الدموع فى عينيها امرأة ليس لها من ماض تتعقبه، ولا حاضر تعيشه، ولا غد تنتظره تقضى نهارها فى بعاد وليلها فى هجر وتعانى ويلات الفراق نهارا ووجع الهجر ليلا.
وتتعاقب فى مخيلتها أجمل ذكريات حملتها فى قلبها خلال أيام قليله عاشتها معه، ورغم ما يحتويها من مأسى فإنّ الجمال الحزين قد تورّد فى وجهها , ولا يمكن له أن يُحسن وصف جماله، وطهر عزريته تحاول أن تردّ أنفاسها إلى روح استعمرها الحزن ولكن عبثًا، وهى تجد ألماً عميقًا، وحزناً دفيناً قد سحق حقيقة وجودها تحت هذه الضغطة تعتصر، لتتحول إلى حبّة صغيرة تنحدر إلى قلب روحها ليتحرك فيها اللسان بسؤال واحد: لمَ هذا؟..لما ولدت وعاشت فى زمن لا تقوى فيه على الإجابة، لأن ظالمها أحال الخرس إلى لسانها، وقطع عليها كلّ أمانى عمرها، وصارت الإنسانية كلها عاجزة عن انتزاع أحزانها وهمومها وغير قادرة على أحياء كل ما مات بداخلها الإنسانية كلها لاهية وغافلة عما يجرى حولها وبداخل روحها وقلبها..إنها مجهول بشرى لم يجد من يشعر بحرقة زفراته, ولا ضوءا لوحشة دربه حتى بات الألم يؤلمها، والعذاب يعذبها، ولا أحد سواها يحسّ بما تعانيه فى سويداء قلبها.. بمقدار ما فيها من الإحساس بالألم, نجد ثورة السخط على هذا المجتمع تترامى على مصيبة عمرها....تمشى ذليلة ضائعة، يساورها الخوف والقلق، فترتعد ألفاظها، وتتوسل بعين قلبها من يعينها على كسب الحياة أو على الأقل كسب نفسها من جديد...؟
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد صوار
راااااااائعة
رائعة ياأستاذ اشرف