
فى الأيام القليلة الماضية رصدت المجالس المتخصصة فى مجال الطفولة وعلى رأسها المجلس القومى للطفولة والأمومة عددا من الأحداث التى كان ضحيتها بعض أطفالنا، ومما يزيد من هول الموقف أن نجد الأطفال هم الجناة والمجنى عليهم فى نفس القضية لنقف مكتوفى الأيدى، فهل نساند الطفل الجانى وندعمه لكونه طفلا، متغافلين ما اقترفه من جرم، أم نساند الطفل المجنى عليه مطالبين بتشديد العقوبة على الجانى الطفل الذى يجب أن يتمتع بحقوقه؟
وإذا نظرنا بشكل متعمق إلى الانتهاكات التى يتعرض لها أطفالنا داخل المجتمع سواء كانت من قبل بالغين تجاه الأطفال أو كانت أفعالا مخالفة يقوم بها الأطفال أنفسهم وتعرضهم للوقوع تحت طائلة القانون، نجد أنفسنا مسؤولين بشكل مباشر وغير مباشر عن هذه الانتهاكات، فوقائع تعدى البالغين على الأطفال سواء كان عنفا بدنيا أو جنسيا أو معنويا تقع فى أغلب الأحيان من قبل أشخاص غير مسؤولين اعتادوا على تناول بعض أصناف العقاقير والمواد المخدرة ليصل بنا الحال لنجد الأب يعتدى جنسيا على أبنائه.
والسؤال الذى يطرح نفسه الآن هو أين مؤسسة الأسرة؟
فى السنوات الأخيرة اهتمت الأسرة بتربية الأبناء وفقا لمفهوم التربية المطبق على كل الكائنات الحية دون الإنسان وهو يهدف إلى توفير الماكل والمشرب والملبس والمأوى دون النظر إلى التقويم والتهذيب وزرع القيم داخل الأطفال، وذلك تحت زعم اهتمام الأب برفع المستوى الاقتصادى للأسرة وإشباع احتياجات الأطفال، وتحقيق الأم لذاتها منكرة فى ذلك أن قمة إنجازها وتحقيق ذاتها هو تخريج جيل من الأطفال يحمل القيم والأخلاق وأن أفضل إشباع من الأب لطفله هو إشباعه بالأخلاق.
ففى كثير من الأحيان نجد الطفل داخل الأسرة يطلب منه الأب شراء المخدرات له أو إشعال الشيشة له بل أحيانا يدعى الطفل لتدخين الشيشة أو السجائر من قبل الأب كأحد أنواع المداعبة دون النظر لتأثير ذلك فى تعريض سلوكيات الطفل للخطر، كما نعرض الأطفال داخل الأسرة لعدد من الضغوط من خلال متابعتهم للمشكلات التى تحدث بين الأب والأم دون الالتفات لكون ذلك يدمر منظومة الأسرة لدى الطفل، فنحن نهمل أطفالنا داخل الأسرة ولا نهتم بتحقيق مصلحتهم الفضلى.
السؤال الثانى يتساءل عن دور مؤسسة التربية والتعليم، وهى أولى مؤسسات الدولة التى تلقى بظلالها على الطفل، فقد تحولت إلى بيئة طاردة للأطفال بعد أن أصبح يتم رصد لوقائع انتهاكات نفسية وبدنية بل وجنسية داخل المدارس، والأمر لا يتم من قبل فئة العاملين وإن كنا نستنكر هذا بل يتم من قبل المدرسين المفترض بهم أن يقوموا بدور الأسرة داخل المدرسة، فأغلب مدارسنا لا يوجد بها إخصائيون نفسيون أو اجتماعيون وإن وجد فإنهم مغلولو الأيدى نتيجة غياب الإمكانيات داخل المدارس وغياب الرقابة من قبل الوزارة.
أما السؤال الثالث فيتمثل فى أين المؤسسة الإعلامية؟
خلال السنوات الماضية انصب اهتمام المؤسسة الإعلامية على تحقيق الربح المالى دون النظر إلى منظومة الأخلاق والقيم المصرية، بل أصبحنا لا نمانع فى استخدام الأطفال فى تنفيذ بعض الأعمال الفنية رغم ما تحتويه من مخالفات أخلاقية، الأمر الذى أفرز لدينا جيلا من الأطفال المدرب على استخدام السلاح من خلال تقمصه لأدوار وشخصية بعض الأبطال ممن يرى فيهم الطفل القدوة، كذلك الإعلانات والأفلام التى تحتوى على مشاهد جنسية بل وممارسات جنسية قد دفعت الأطفال إلى البحث عن وسيلة لتنفيذ ما تم مشاهدته دون الاهتمام بمضمون الجنس وذلك ما يبرر لنا قيام بعض الأطفال بممارسة الانتهاكات الجنسية رغم صغر سنهم.
كل هذه العوامل تجمعت وتضافرت معا وأنجبت نوعية من الأطفال نواجهها اليوم فى عدد من المشكلات التى ظهرت على الساحة، فنجد نوعية من الأطفال داخل كل مشكلة تعانى من تفكك أسرى وغياب لاهتمام الأب والأم بمشكلات الطفل، إضافة إلى مدرسة طاردة ومدرسين يعنفون الأطفال ويغتصبونهم أحيانا ولا يراعون طبيعتهم النفسية وتفردهم داخل الفصل، وزملاء دراسة يتهكمون من بعضهم البعض دون رادع من المدرس بل أحيانا بوازع منه، مما يؤدى إلى ترك الطفل للمدرسة والهروب من الأسرة ليتوجه إلى الشارع فيتعرض للكثير من الانتهاكات.