حالة من الشد والجذب حدثت فى الأوساط السينمائية عقب إعلان وزير الثقافة محمد صابر عرب عن إنشاء لجنة لإعادة هيكلة الرقابة بعد الأزمة التى أثارها منع فيلم حلاوة روح، حيث تخوف عدد من السينمائيين من أن تكون هذه اللجنة جهة رقابية جديدة تشرف على عمل جهاز الرقابة على المصنفات الفنية وتمثل رقابة جوه الرقابة وهو ما يعيد للأذهان فترة التشدد ضد الفن والتضييق على الفنانين وصناع الأعمال السينمائية التى واكبت حكم جماعة الإخوان لمصر، الأمر الذى دفع وزير الثقافة لإصدار بيان يوضح بالتفصيل طبيعة عمل اللجنة المشكلة.
ورغم صدور البيان إلا أن وجود اللجنة المجتمعية تلك يثير لغطا كبيرا بين المخرجين والفنانين على مواقع التواصل الاجتماعى، حيث يرى بعض الفنانين وشباب السينمائيين أن هذه اللجنة ستزيد الأمر سوءًا، خصوصا وأن هناك قانون رقابة ينظم العمل الفنى، وتساءل البعض لماذا الإصرار على التعامل مع المجتمع بمنطق الوصاية، كما أن موظفى جهاز الرقابة أنفسهم يعانون من حالة ارتباك حقيقى، رغم أن القرار نص على أن عمل هذه اللجنة لا يعد تدخلا فى سلطة الرقابة.
فيما قال المنتج محمد العدل، إنه عارض تأسيس لجنة إعادة هيكلة الرقابة لاعتقاده بأنها ستكون بديلا عن هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ولكن فى السينما، مشيرا أنه لا يجوز أن يفرض وزير الثقافة لجنة رقابة فوق الرقابة التى نص عليها القانون.
وأضاف "خضنا معارك دامية مع الإخوان المسلمين وقت حكمهم بسبب محاربتهم للفن وفرضهم رقابة عليه وبسبب التضييق على الفنانين وصناع الأفلام ولسنا على استعداد لوجود هيئات تراقب على الرقابة".
وأضاف أنه غير رأيه بعدما أصدرت وزارة الثقافة بيانا أمس توضح فيه طبيعة عمل اللجنة الذى أكد أن لجنة إعادة هيكلة الرقابة لن تكون جهة رقابة ولكنها جهة استشارية.
قال المخرج أمير رمسيس، إنه عارض تشكيل لجنة إعادة هيكلة الرقابة فى البداية لاعتقاده بأنها ستمثل رقابة مجتمعية على الأفلام، قائلا "عندما علمت بأن هناك لجنة لإعادة هيكلة الرقابة تخوفت من أن تكون هذه اللجنة لفرض رقابة مجتمعية أو أن هذه اللجنة ستكون جهة رقابة أخرى على الأفلام، وكان ذلك لقلة المعلومات المتوفرة عن اللجنة وطبيعة عملها ولكن بعدما صدر البيان الرسمى لعمل اللجنة أدركت أنها لصالح الفن والإبداع والدليل هى فكرة وجود تصنيف عمرى للأفلام لأنها فكرة جيدة جدا ونحتاجها بشدة".
ومن ناحيته أكد الناقد الفنى رامى عبد الرازق بصفته واحدا من أعضاء اللجنة المجتمعية إن لجنة هيكلة الرقابة المشكلة بموجب القرار الوزارى رقم 362 لسنة 2014 ليست "رقابة على الرقابة" ولكنها لجنة لمتابعة الأفلام ووضع تصور عن المعايير المطلوبة لهيكلة جهاز الرقابة خلال الفترة القادمة على أساس التصنيف العمرى والمردود الإجتماعى والنفسى، موضحا أن اللجنة الحالية هى لجنة استشارية لضمان تقييم الأفلام من قبل الرقابة بشكل أكثر عمقا وتحديدا للفئات العمرية التى سوف تشاهد الأفلام.
وأوضح أن التنوع فى اختيار أعضاء اللجنة بهدف قياس مدى المردود الاجتماعى والنفسى الذى قد تخلقه الأفلام السينمائية لدى الجمهور لأن هناك أفلاما كثيرة تتناول موضوعات بها قدر من الحساسية ويجب مراعاة المبالغة أو التضخيم الفنى، مثل فيلم "بنت من دار السلام" الذى شاهدته اللجنة فى اجتماعها يوم الأربعاء الماضى حيث إن بطل الفيلم يعانى من "المازوخية" وهو مرض حب تعذيب الذات وهنا دور اللجنة أن تحدد هل هناك أطر فنية فعلا بالعمل يقدمها المخرج أم أن الفيلم ضعيف فنيا.
وأضاف أن أول معيار اتفقت عليه اللجنة هو رفض منع أى فيلم أو التوصية بمنعه ولكن اللجنة مكلفة بمتابعة الأفلام ووضع معايير لإعادة هيكلة جهاز الرقابة، بمعنى أن جهاز الرقابة ليس به تصنيف عمرى لمشاهدة الأفلام فأدوات الرقيب إما القص أو المنع الكامل أو تصنيف الفيلم للكبار فقط أو الترخيص بعرض الفيلم للعرض العام، ومهمة اللجنة هنا هى ترشيح خيارات أخرى مثل إمكانية إيجاز الفيلم ولكن لمراحل عمرية معينة أو عدم السماح لفئة معينة بدخول الأفلام إلا بصحبة احد الوالدين.
وأوضح أن اللجنة الحالية هى لجنة تمهيدية للجنة أخرى موسعة سيتم إنشاؤها فيما بعد لوضع كل المعايير المخصصة لإعادة هيكلة جهاز الرقابة بأفرعه المختلفة، ولكن وزير الثقافة محمد صابر عرب اهتم بعمل لجنة لتطوير المعايير التى تحكم الشق السينمائى أولا بسبب الأزمة الأخيرة التى تسبب بها فيلم حلاوة روح.
وأشار أن اللجنة الموسعة ستقوم بتنظيم حقوق الملكية الفكرية لمنع تصوير أى سيناريو به اقتباس أو نقل مباشر من الأفلام الأجنبية إلا بوجود تنازل أو موافقة من أصحاب الفيلم الأصلى.
وأكد المخرج عمر عبد العزيز، أنه يرفض أى نوع من أنواع زيادة الرقابة على الأفلام السينمائية، قائلا "عضويتى فى لجنة هيكلة الرقابة لنصرة الإبداع، وليس العكس، وحرص وزير الثقافة على التنوع فى اختيار أعضاء اللجنة من المثقفين والمفكرين والفنانين ليكون هناك تنوع فى وجهات النظر وفى مناقشة الأفلام السينمائية"، مشيرا أن عمل اللجنة ليس أن يفرض قيود على الرقابة ولكن مساعدة الرقابة فى الحكم على الأفلام.