انتهيتُ من دراستى الجامعية منذ خمس سنوات تقريبًا، وذهبتُ بعد حصولى على الشهادة الجامعية فورًا لقسم الشرطة الذى أتبع له، لأعرف موعد التقدم لأداء الخدمة العسكرية الإلزامية التى أخدم بها وطنى ودولتى ودينى.
فهناك فى كل قسم شرطة قسم خاص تابع لإدارة التجنيد والذى يُعلمك بالأوراق المطلوبة ويُساعدك فى إكمالها ويُقدم لك المساعدة والإرشاد بصدر رحب، وبالفعل سألتُ عن موعد تقديم أوراقى، فأجابونى: أنت جئتَ فى الوقت المناسب دون تأخير، وعليك الآن إكمال الأوراق لتذهب بعد أسبوع لمنطقة التجنيد التابع لها، للتقدم الرسمى للتسجيل الرسمى وإتمام فحصى الهيئة والطبى.
وبالفعل جهزت كل أوراقى وذهبت فى الموعد المحدد لمنطقة التجنيد، وفور دخولى لمنطقة التجنيد وجدت نظامًا وتعاملًا ليتنا نجده فى كل مؤسسات الدولة، الدخول برقم حضور وصالات استراحة نظيفة ومتطورة وأدب جم فى التعامل وسرعة فى تسلم الأوراق وتنظيم فعلى فى التحرك بين الأقسام.
بدايةً دخلت لتسليم أوراقى والتسجيل فى قسم واحد، ثم إلى قسم الكشف الطبى بفروعه المتعددة، ثم إلى لجنة الانتقاء والتوجيه التى تختار الشباب المميز من حيث الشخصية والبنية الجسدية والسلوك الشخصى والحمد لله كنت من هؤلاء الشباب.
وبعد الانتهاء استلمت "نموذج 110 جند" ومفاده أنك قد أتممت تسجيلك بنجاح، وعليك الحضور فى اليوم المحدد على النموذج لتعلم هل ستؤدى الخدمة العسكرية أو يتم إعفاؤك منها مؤقتًا وفقًا ليوم ميلادك؟
وبالفعل ذهبتُ إلى منطقة التجنيد فى اليوم المحدد وكلى ثقة فى أنهم لن يتركونى إلا وأنا معهم أؤدى خدمة وطنى العسكرية، لأننى أرى كما تعلمت من دينى الحنيف والوسطى أن الخدمة العسكرية هى جهاد فى سبيل الله أولًا وحماية للوطن والعرض ثانيًا، وهذا هو الخطاب الدينى الغائب، فالجهاد ليس معناه تفجير النفس أمام مديريات الأمن وترهيب المواطنين.
المهم انتظرتُ حتى أسمع يوم ميلادى، وللأسف لم أسمعه، وهذا يعنى أننى مُعفى مؤقتًا من الخدمة العسكرية، ويالها من حسرة غمرتنى وحزنٍ ملأ رأسى وقلبى معًا، واغرورقت عيناى بالدمع لأننى كنت أتمنى أن أدخل هذا الصرح وهذه المؤسسة العملاقة كى أخدم وطنى وأتعلم من علم تلك المؤسسة.
وسألتُ "هل معنى هذا أننى لن أدخل المؤسسة العسكرية نهائيًا"، فأجابونى "أنت الآن تحت الطلب لمدة ثلاث سنوات، ولو تم طلبكَ عليك الحضور"، وربما فرحتُ مؤقتًا على أمل أن يطلبوننى للحضور لأداء الخدمة، وربما يرى القارئ لمقالى بعض المثالية فى طرحى وصياغتى ولكن هذا ما حدث، وربما ود بعض الشباب لو كان فى موضع مثل موضعى، وبالتأكيد وددتُ لو كنت أنا فى موضعه.
ولكن انتهت الثلاث سنوات سريعًا، ولم يطلبنى أحد نظرًا لكثرة الدفعات المتقدمة، وبعد الثلاث سنوات ذهبتُ لمنطقة التجنيد لأعرف متى سأدخل لأداء الخدمة، فقالوا لى أنت الآن ستأخذ شهادة إعفاء نهائى من الخدمة العسكرية، وكانت الفاجعة! وسألتُ ثانية هل معنى هذا أننى لن أؤدى الخدمة العسكرية؟ فأجابونى "نعم إلا فى حالة دخول الدولة فى حرب"، ففرحتُ.
وأقول لأى شاب مجند: والله كم وددتُ لو كنتُ مكانك أخدم دينى وبلدى وحدودها وأحفظ شرفنا وكرامتنا وعرضنا، فكونوا على قدر الأمانة واحفظوا تراب أرضنا وسماه وصدروا الأمن والأمان لنا وللأمة العربية أجمع، فأنتم المجاهدون حقًا.
محمد صبرى درويش يكتب: بَكيتُ يوم إعفائى من التجنيد
الأحد، 18 مايو 2014 08:13 م
أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة