محمد فودة يكتب :مصر تتجه بقوة نحو أفريقيا لتستكمل دورها الحضارى والإنسانى..زيارة رئيس الوزراء لغينيا بداية لعودة التواجد داخل القارة السوداء

السبت، 17 مايو 2014 08:59 ص
محمد فودة يكتب :مصر تتجه بقوة نحو أفريقيا لتستكمل دورها الحضارى والإنسانى..زيارة رئيس الوزراء لغينيا بداية لعودة التواجد داخل القارة السوداء جانب من زيارة محلب لغينيا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقلا عن اليومى..

لقد أحسن صنعا المهندس إبراهيم محلب بزيارته المهمة والتاريخية التى قام بها مؤخرا إلى غينيا الاستوائية، فالزيارة وإن كانت ليست جديدة على شخص نشط مثله، فإنها جاءت فى الوقت المناسب بل فى المكان المناسب أيضا، ويرجع ذلك فى رأيى إلى عدة أسباب، أهمها أن غينيا الاستوائية هى الدول المضيفة للقمة الأفريقية القادمة، وبالطبع فإن مثل هذه الزيارة سيكون لها عظيم الأثر فى تهيئة الأجواء لعودة مصر إلى عضوية الاتحاد الأفريقى بعد أن تم تعليق تلك العضوية لأسباب نعلمها جميعا، ونعلم أيضا من كان يقف خلف صدور هذا القرار «غير الصائب» فى أعقاب فض اعتصامى رابعة والنهضة.

كما تكمن أهمية تلك الزيارة أيضا فى كونها ربما تصبح بداية لزيارات مماثلة تستهدف إعادة مد الجسور مجددا بين مصر والأشقاء فى الدول الأفريقية وبداية حقيقية وصادقة لاستئناف دور مصر الحضارى فى تلك الدول، وهو الدور الذى يعود إلى الستينيات من القرن الماضى حينما كانت مصر تحتضن تلك الدول وتقف إلى جوارها فى أوقات المحن، بل كانت بمثابة الدرع الواقية التى ساعدت هذه الدول فى التخلص وبشكل نهائى من الاستعمار الذى كان يستنزف خيرات تلك الدول، ‑‑‑‑فإذا كانت مصر عربية الهوية، فإنها دولة عربية داخل قارة أفريقيا، كانت وستظل عنصر ربط بين العروبة من جانب والأفريقية من جانب آخر، عنصر امتداد أفريقى فى العالم العربى، وعمق عربى فى أفريقيا.

الأمر الذى يدفعنى إلى القول بأن زيارة المهندس محلب رئيس مجلس الوزراء إلى غينيا الاستوائية كانت مؤشرا قويا يفيد بأن مصر تقف الآن على أعتاب مرحلة جديدة من التحرك نحو القارة الأفريقية، هذا التوجه الذى أصيب بحالة من الشلل التام خلال السنوات العشر الأخيرة من حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك، والذى لم نجن من ورائه سوى زيادة الأمور تعقيدا إلى أن وصلت إلى أوج تدهورها متمثلة فى قيام إثيوبيا بإنشاء سد النهضة الذى بلا شك سيؤثر سلبا على حصتنا فى مياه نهر النيل.

نعم لقد جاءت هذه الزيارة معلنة عهدا جديدا ومرحلة جديدة فى عمر الدبلوماسية المصرية المرتبطة بأفريقيا، وهذا ليس جديدا على الخارجية المصرية فقد كانت الدائرة الأفريقية إحدى الدوائر المهمة فى فكر وعقل قادة ثورة 23 يوليو 1952، فمنذ قيام ثورة 23 يوليو جعلت مصر الكفاح المشترك مع دول القارة من أجل نيل الاستقلال والتخلص من الاستعمار والتبعية أحد أهم أهداف سياستها الخارجية، حيث واصلت مصر دورها السياسى النشط مع شقيقاتها فى أفريقيا حتى نالت هذه الدول استقلالها فتحررت زيمبابوى ثم استقرت شؤون أنجولا واستقلت ناميبيا، ثم بفضل تضامن موقف الشعوب الأفريقية فى مساندة كفاح الأغلبية السوداء فى جنوب أفريقيا انتصرت هذه الأغلبية وانتهت إلى الأبد سياسات التفرقة العنصرية.

وحتى أكون موضوعيا فى الحكم على هذه الزيارة التاريخية التى قام بها المهندس محلب إلى غينيا الاستوائية وتقييمها بشكل موضوعى علينا تدقيق النظر فى الكلمة التى ألقاها الرئيس الغينى تيودور أوبيانج أثناء استقباله لرئيس وزراء مصر، فقد تحدث عن تأثره الشديد بما فعلته مصر تجاه بلاده قبل عقود.. وقال: لقد أرسل الرئيس جمال عبدالناصر قافلة طبية إلى بلادنا لمكافحة الملاريا والأمراض الاستوائية، ولم تأخذ مصر شيئا مقابل ذلك، لا سياسيا ولا اقتصاديا، إننى ما زال أحفظ أسماء جميع الأطباء الذين جاءوا إلى هنا، إن مصر فعلت ذلك ولم يكن لدينا ما نعطيها إياه، لكنها كانت تعطى دون دراسة جدوى، كانت دراسة الجدوى الوحيدة لها هى الرسالة الحضارية للدولة المصرية.

هكذا تحدث رئيس غينيا الاستوائية عن مصر بكل هذا الحب وبكل تلك المشاعر الإنسانية الصادقة، لذا لن أكون مبالغا إن قلت إن زيارة رئيس الوزراء إلى غينيا الاستوائية ستكون مرحلة فاصلة فى علاقة مصر القارة السوداء، وهو أمر فى غاية الأهمية، فها هى تصريحات المهندس محلب فى أعقاب الزيارة تؤكد ذلك، بل تصب جميعها نحو أمر غاية فى الأهمية وهو قرب انفراج أزمة العلاقة المتوترة بين مصر والاتحاد الأفريقى إلى جانب ما يمكن أن نطلق عليه هدوءا نسبيا فى الأجواء المتوترة بين مصر وإثيوبيا بسبب إنشاء سد النهضة، فقد صرح رئيس الوزراء بأن ملف سد النهضة ليس حربا، وإنما هو اتزان مصالح، ولابد من تواجد صيغة توافقية، فهم من حقهم الكهرباء ونحن من حقنا الماء والحياة ولا يمكن أن نتبنى شعور الخير وهم يتبنون الضرر فهم أذكياء ونحن أيضا أذكياء.

وأضاف محلب فى تصريحاته أن المشكلة الأساسية فى أزمة سد النهضة هى تصريحات الإخوان التى خرجت عن السد وأحدثت أزمة سياسية وشرخا بين الدولتين، بالإضافة إلى أن هناك خبثاء بالداخل والخارج كثيرين فى هذه القضية، مؤكدا أنه مازال عند رأيه بأنها سحابة صيف وأن هناك أشخاصا لا يريدون لمصر أو لمستثمريها أن ينتشروا لذلك فهم يضعون العراقيل.

لقد أثبت المهندس إبراهيم محلب وبشكل عملى أن منصب رئيس الوزراء ليس مجرد كرسى أو مكتب فخم فى غرفة مكيفة وإنما هو موقع رفيع المستوى يحتم على من يتبوأه التحرك فى كل الاتجاهات والبحث عن كل السبل الكفيلة بتحقيق النهضة الحقيقية للمجتمع، النهضة التى تعود بالنفع للجميع بشكل ملموس وليست نهضة على غرار «مشروع النهضة الإخوانى» الوهمى الذى لم نجن من ورائه سوى المزيد من التدهور الاقتصادى والمزيد من التراجع على المستوى الدولى دون أن يكون هناك أية اعتبارات لدولة فى حجم ومكانة مصر.

والحق يقال فإن الوفد الوزارى الذى رافق المهندس إبراهيم محلب فى هذه الوزارة كان على قدر المسؤولية وكان على نفس قدرة وكفاءة المهندس محلب فى اقتحام الصعاب، وهنا أتوقف أمام تلك الحركة الدؤوبة التى ظهر عليها المهندس شريف إسماعيل وزير البترول خلال الزيارة، حيث كان يبذل قصارى جهده من أجل تحقيق أكبر قدر من الاستفادة لمصر من وراء هذه الزيارة المهمة، فقد بحث المهندس شريف إسماعيل مقترحات التعاون مع دولة غينيا الاستوائية فى مجالات الغاز الطبيعى والبترول، وعرض إمكانات مصر فى مجالات الإنتاج وشبكات النقل والبنية التحتية، كما تمت مناقشة إمكانية استيراد الغاز المسال من غينيا الاستوائية، وعرض إمكانية قيام مصر بتدريب الكوادر الغينية فى مجالات البترول والغاز والثروة المعدنية، وتبادل زيارات الخبراء من الجانبين، ودراسة الجانب الغينى مشروع اتفاقية فى مجال البترول والثروة المعدنية.

هكذا ينبغى أن يكون الوزير الذى يعمل تحت قيادة رئيس حكومة فى قوة وقدرة المهندس إبراهيم محلب على اقتحام الصعاب، فرئيس الوزراء كما عهدناه لا يكل ولا يمل من الحركة والسعى هنا وهناك بحثا عن كل ما يمكن أن يعود على المجتمع والمواطن المصرى بالنفع فى شتى مجالات الحياة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة