غاب النحات الكبير عبد الهادى الوشاحى، عن أول معرض متكامل له منذ بداية مشواره الفنى، إلا أن روحه كانت حاضرة، جامعة لكل مبدعى مصر ومثقفيها، لتؤكد أن الفن الجيد يفرض نفسه ويعلو فوق كل شىء.
جاء حشد كبير من أدباء وفنانى مصر لتقديم رسالة حب للوشاحى فى معرضه الذى أقيم أمس بقاعة آفق، الذى ضم 15 عملاً نحيتياً من بينهم ثمانية أعمال تم استعارتها من متحف الفن الحديث، بالإضافة لتمثاله عن طه حسين الذى زين مدخل متحف محمود خليل.
قال الكاتب إبراهيم عبد المجيد فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" إن الوشاحى حاضراً بشخصه وفنه، وقد ازداد شعورى بافتقاده اليوم. حيث كان من أهم أصدقائى، وأرى أن هذا الرجل من أهم الفنانين ومهما تحدثت عنه لن أفيه حقه.
وأضاف "عبد المجيد" بأن منحوتات الوشاحى عصرية الشكل وإنسانية المضمون كلها تفاؤل ونظرة للمستقبل. وكأنه يبحث عن شمس للناس، رأى أنه فنان عظيم لذا اتفق عليه الجميع منوهاً بأنه عند الفن القوى تسقط كل الحساسيات.
وأضاف "عبد المجيد" بأن طه حسين لديه حركة للأمام ومسرع دائماً للمستقبل والأمة تسرع خلفه، مضيفاً ورغم عينه الضريرة إلا أن رأسه مرفوعة دائماً للأمام، لافتاً إلى أن الوشاحى استوعب ذلك وقام بتنفيذه فى التمثال.
ومن جانبه قال المصور السينمائى رمسيس مرزوق إن الوشاحى تميز بأسلوب وخطوط خاصة به ميزته عن غيره من النحاتين استطاع أن يصنع من هذه الخيوط قيمة عالمية، أرسى من خلالها قواعد هامة فى مجال النحت.
ومن جانبه قال الناقد التشكيلى عز الدين نجيب والذى أصدر كتاب عن الوشاحى بالتوازى مع معرضه، رسمت صورة متكاملة عنه فى الكتاب كإنسان وفنان، لأنى ارتبطت معه بصداقة كبيرة تسمح لى أن أكون قريباً من عالمه. موضحاً بأن عالمه فى الفن كان هو الحرية والانطلاق والانفصال عن الجاذبية الأرضية، بنفس قدر رؤيته للبعيد.
لافت "نجيب" إلى أن تماثيله تستشرف الآفاق، كونه مشغول بالاستطلاع والبحث عن المجهول، وعلى مستوى الشكل قام بثورة بتفجير الطاقة الداخلية له لذا لجأ للأسلوب التكعيبى وخلق طبيعة مختلفة.
وعن كتابه عن الوشاحى أشار "عز الدين نجيب" أنه قدم عدة دراسات عن الوشاحى خلال حياته لكنه كان يحملنى شخصياً مسئولية إحياء تراثه كاملاً ولكن الظروف لم تسمح بذلك، مضيفاً بأنه عندما توفى تبنت هيئة الكتاب إصدار كتاب عنه فى ذكرى الأربعين له، فعكفت على تجربته وصور أعماله التى اختزنتها فى الذاكرة وأنهيت الكتاب فى الوقت المحدد له.
وأوضح بأن مشاكل وآليات الطباعة تسببت فى تأخير صدور الكتاب إلى أن صدر مع معرضه.
وفى سياق متصل قال مدير قاعة أفق الفنان إيهاب اللبان أن الوشاحى أثر فى أجيال متلاحقة منذ بدأ التدريس فى الجامعة، مضيفاً بأنه نقل تجربة كاملة بأمانه لأجيال قادمة لكى ترى كيف كان يحافظ على مستوى أعماله.
وتابع "اللبان" لذا ننقل لأول مرة ننقل استديو فنان داخل قاعة العرض، لافتاً بأن حالة العمل لدى النحات مهمة جداً، حيث يقوم بعدة مهن منذ الكراكاز بالحديد ثم استخدامه الطين وأحياناً الجبس ثم البرنز ثم التلوين.
وأشار"اللبان" إلى إن هذه المراحل تتطلب أدوات وخامات لا حصر لها داخل الاستوديو الخاص به، لذا رأيت نقل الأستوديو مثال لمكان النحات المتميز الذى يرتبط بعلاقة خاصة بصومعة العمل.
وقال "اللبان" إن الوشاحى تم تكليفه بعمل تمثال لطه حسين منذ 15 عاماً، وكل المجتمع النحاتين يعرفون بأنه يستغرق وقتاً طويلاً فى أعماله. وللأسف توفى قبل إنهاء العمل فى الوقت المحدد له واستمر العمل به بعد وفاته حيث وضع له الفنان شمس القرنفلى بعض اللمسات الأخيرة.
أضاف "اللبان" عندما كنا نعد لهذا المعرض منذ خمس سنوات ولأنه كان ينتج بصعوبة فكان يسألنى: هل أنت متأكداً بأن هذا المعرض سيخرج للنور يوماً ما؟ ولكنى أقول له كان عهد ووعد منى أن يقُام للأسف يخرج فى غيابك، لكنك حاضر بأعمالك وهذه هى رسالة المجتمع اتجاه بعضه، حيث يبحث عن المميزات الموجودة لدى الآخر للعمل على نشرها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة