كان الخديوى "عباس حلمى الثانى"، مع والدته "أم المحسنين" فى قصرها المطل على خليج "البوسفور" بـ"استانبول" فى تركيا، وجاءه السفير البريطانى "السير مالت" ليبلغه بضرورة المغادرة بناء على قرار الحكومة البريطانية التى كانت تحتل مصر، وقال له إن هناك "فيللا" تم إعدادها له فى "نابولى" بـ"إيطاليا"، فرد الخديوى بأنه يستعجل العودة إلى مصر، لكن السفير قال له: "لن تعود بعد اليوم ولابد من تنفيذ القرار فورا"، أى عزله من حكم مصر، فى عملية مماثلة تمت سابقا لجده الخديوى إسماعيل الذى خرج من مصر إلى إيطاليا، ثم استقر به الحال بعد ذلك فى تركيا.
ما حدث مع "عباس حلمى الثانى" كان فى يوم 27 سبتمبر 1914، وهناك تفسيرات مختلفة لذلك، والمهم أن الخديوى لم يجد أمامه بديلا، وتولى السلطان حسين كامل أحد أعمامه الحكم، وبعده جاء الملك فؤاد، ورغم هذا الواقع إلا أن "المخلوع" ظل رافضا خلعه، وظل احتمال عودته هاجسا يشغل "الملك فؤاد" تحديدا، وحسب كتاب "نصف قرن بين الأدب والسياسة" لـ"فتحى رضوان" الصادر عن "دار الهلال": "كان فؤاد يتصور فى كثير من حركات بعض الأعيان الذين يعرفون "عباس حلمى" أنها مؤامرة لخلعه، ولذلك كان لابد من أن تعمل بريطانيا، ويعمل الملك فؤاد ما فى وسعهما لحمل الخديوى عباس على الإقرار بالنظام الملكى القائم، وأن يتنازل عن كل حق له فى ميراث العرش، وعن كل ما كان يملكه من أطيان شاسعة وعمارات وعقارات فى مصر".
ظل الخديوى عباس يرفض المحاولات البريطانية لتنازله سنوات طويلة على أمل العودة، ولما تضاءل أمله وكذلك تقدم السن به، واستقرار الملك فؤاد على عرشه، وقّع على الوثيقة المطلوبة فى مثل هذا اليوم "12 مايو 1932"، وكان ذلك أثناء رئاسة إسماعيل صدقى للحكومة.
بدأت الوثيقة بقوله أنه مغتبط بما رآه من خطى مصر الثابتة فى سبيل توثيق استقلالها والتوفيق بين نظامها السياسى وبين حاجتها وأمانيها، وأنه توصل إلى ذلك من خلال متابعته لما تحرزه البلاد من تقدم فى جميع المجالات.
وشملت "وثيقة التنازل" تأكيد "عباس حلمى الثانى" على التزامه للأمر الملكى الصادر فى 13 أبريل بوضع نظام توريث العرش فى المملكة المصرية، وللقانون الخاص بإقرار تصفية أملاكه باعتبارهما جزءا لا يتجزأ من الدستور المصرى.
وختم " الخديوى " الوثيقة بإقراره بأن الملك فؤاد الأول بن إسماعيل ملك مصر الشرعى، وأنه لذلك يعلن تنازله عن كل مطالبة ناشئة عن أنه كان خديوى لمصر أيا كان وجهها سواء عن الماضى أم عن المستقبل.
وانتهى "عباس حلمى الثانى" إلى الدعاء للملك بصالح الدعوات، وأن يحيط ولى عهد المملكة الأمير فاروق بعين عنايته، وليزيد فى إسعاد مصر فى حاضرها ومستقبلها.
كانت هذه الوثيقة بمثابة إسدال الستار عن قضية ظلت معلقة من فترة عزل "عباس حلمى الثانى" عام 1914 حتى يوم 12 مايو 1932.
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 12 مايو 1932.. الخديوى عباس حلمى الثانى يوقع على وثيقة تنازله بعد 18 عاما من عزله
الإثنين، 12 مايو 2014 08:35 ص
سعيد الشحات
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة