د. علاء غنام يرصد تحديات أزمة النظام الصحى وكيفية مواجهتها

الإثنين، 12 مايو 2014 01:34 م
د. علاء غنام يرصد تحديات أزمة النظام الصحى وكيفية مواجهتها الدكتور علاء غنام خبير السياسات الصحية ومدير برنامج الحق فى الصحة
كتبت أسماء مصطفى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يقول الدكتور علاء غنام خبير السياسات الصحية ومدير برنامج الحق فى الصحة، إننا إذا نظرنا فى قراءة معمقة لمؤشرات مخرجات الحالة الصحية للمصريين من واقع أعمال المنظومة الصحية فى العشرية الأخيرة، سوف نجد أن هناك تحسنًا نسبيًّا فى متوسط سنوات العمر المعيشة، وتحسنًا فى معدل وفيات المواليد والأطفال تحت سن الخامسة، والأمهات والحوامل بنسبة معتبرة تحقق الكثير مما أعلن عنه فى الأهداف الإنمائية للألفية الثالثة، إلا أن هذه النتائج قد تبدو مضللة لكثير من الباحثين والخبراء فى ظلال ما يبدو حول أزمة هذه المنظومة المتصاعدة منذ سنوات.

كما أن القراءة المعمقة للواقع الحالى سوف تصطدم بأرقام أخرى مضللة حول زيادة أعداد الأطباء اللازمين للعمل مما يدعو إلى خفض أعداد الطلاب الراغبين فى دراسة الطب فى الكليات المختلفة العامة والخاصة.

كما أن لدينا ما يكفى من أعداد الأسرة والمستشفيات بما يلبى تطلعات واحتياجات المجتمع الصحية، فهل هذا صحيح؟

وأوضح د. علاء غنام أنه لتفسير ذلك يجب النظر إلى نظامنا الصحى العريق من منظور تحليلى للاقتصاد السياسى، بمعنى وضعه فى الإطار العام القائم للنمو الاقتصادى ولمتوسط نصيب الفرد فى هذا النمو ولحجم المشكلة السكانية وتوزيع الشرائح الاجتماعية حسب الدخل والنوع، ثم نعرض معطيات النظام الصحى المختلفة مثل السياسات وكيفية صنعها، والتشريعات الصحية وإلى أى مدى تلائم الواقع الصحى وتنظمه وتموله وتدير خدماته بما يرضى احتياجات وتطلعات المواطنين دون تمييز. ذلك إلى جانب التقييم الدورى للقياسات الوسيطة (الإتاحة، الجودة، إلخ) لأداء هذا النظام فى الوصول إلى أهداف التغطية الصحية الشاملة فى إنصاف وعدالة.

وفى إطار الرؤية السابقة سوف نرصد 7 تحديات أساسية، قد يتفرع عنها تحديات فرعية أخرى، أولها منظور العدالة الاجتماعية فى الرعاية المقدمة، حيث يواجه الفقراء وبخاصة فى الريف والصعيد صعوبات بالغة فى الحصول على خدمات الرعاية فى المستشفيات والعيادات والأطباء. ويمكن الاستدلال على ذلك من تضاعف معدلات الوفاة من الأطفال تحت الخامسة فى الريف قياسًا بالحضر بنسبة لا تقل عن 5,2% (المسح الصحى السكانى DHS 2008) كما أن الفقراء عمومًا فى الشريحة الأفقر ينفقون من دخلهم للحصول على الخدمات كنسبة أكثر من الأغنياء فى الشرائح الأخرى من الدخل، إلى جانب أن كلا من الإنفاق العام والخاص على الرعاية الصحية يقل فى المحافظات الأفقر عن مثيلاتها فى المحافظات الأخرى (المصدر السابق).

ويبرز إلى جانب ذلك الأمراض المعدية باعتبارها الأكثر انتشارًا فى الريف المصرى وبخاصة الفيروسات الكبدية وأمراض الجهاز الهضمى وغيرها، لتردى المحددات الاجتماعية للصحة، مثل مياه الشرب والصرف الصحى. وتظل الأمراض غير المعدية فى إطار العبء المزدوج للمرض فى ارتفاع فى نسبة انتشارها مقارنة بالسنوات السابقة، بمعدلات مقلقة (السكر ومضاعفاته 17%، ارتفاع ضغط الدم 7,39%، حالات السرطان 100 ألف حالة سنويًّا جديدة، الفيروسات الكبدية 150 ألف حالة سنويًّا) إلى جانب عوامل الخطر المتمثلة فى الأوضاع الغذائية فى الطفولة المبكرة الراجعة إلى الفقر وسوء التغذية فى مظاهر نقص الوزن والتقزم وقصر القامة فى الريف قياسًا بالحضر (من 2005 إلى 2008) وهى الفترة التى شهدت تصاعد تأثيرات السياسات الاقتصادية للنيوليبرالية الجديدة التى انحازت إلى منهجية زيادة النمو الاقتصادى فى مقابل الحماية الاجتماعية وتساقط ثمار هذا النمو إلى طبقات المجتمع الأفقر ـ الذى لم يحدث ـ بسبب الاحتكار والفساد المالى والإدارى. وتفتقر لذلك الخدمات الصحية العامة إلى الجودة إجمالا، وعدم الكفاءة فى استخدام الموارد المتاحة ماليًّا وبشريًّا. وفى إطار تحديات الإنفاق الصحى العام والخاص، سوف نجد تدنيًّا فى نسب الإنفاق العام الصحى وتدنيًّا فى نصيب الفرد فى هذا الإنفاق الحيوي، وفى المقابل ارتفاعًا فى نسب الإنفاق الذاتى من الجيب كنسبة إلى الإنفاق الكلى (72% إنفاق ذاتى) وتدنى أجور الفريق الصحى وتدنى المخصصات الممنوحة للجانب الوقائى والرعاية الأساسية.

وعلى جانب وجود قواعد بيانات ومعلومات واضحة وشفافة لها المصداقية اللازمة لوضع خطط الإصلاح الإستراتيجية سوف نلحظ تضاربًا فى الكثير من هذه البيانات والمعلومات بين الأجهزة المختلفة، ما يعكس غيابًا لجهة واحدة يمكن الاعتماد عليها فى هذه العمليات الجوهرية للتخطيط السليم. ومن الملاحظ إجمالا من القراءة المدققة لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء وجود زيادة فى عدد الوحدات الصحية بأسرَّة فى القطاع الخاص بنسبة 5,5% قياسًا إلى نقص فى نسبة الوحدات فى القطاع الحكومى بنسبة 6,3% فى نفس الفترة، كما أن مشكلة البيانات الصادرة إجمالًا، أنها بيانات صماء لا تفسر ما يحدث ولا تحدد الفروق الجوهرية بين الريف والحضر ولا بين الإناث والذكور ولا تحلل مغزى الاتجاه العام فى هذا القطاع الحيوى ولا تفسر التناقض بين أعداد العاملين المسجلين فى الأوراق الرسمية والأعداد الفعلية للعمالة القائمة بالعمل، ما يجعل من الصعب التحدث بأى درجة من اليقين عن الحجم الإجمالى الفعلى لقوة العمل الصحى!! وهل هو ملائم للاحتياجات الفعلية من عدمه.

وفى النهاية يقول الدكتور علاء غنام خبير السياسات الصحية، إننا نستنتج مما سبق أن مظاهر الخلل هيكلية ترجع إلى عدم كفاءة وتكامل ونقص استخدام الإمكانيات المتاحة وعدالة توزيعها فى القطاع الصحى، ما يحتم ضرورة إعادة هيكلته وزيادة الإنفاق العام الصحى والاهتمام بالرعاية الصحية فى الريف من خلال تطوير خدمات وحدات طب الأسرة وتوفير الأطباء بها وتحسين أوضاع الفريق الصحى المادية والمهنية والانتهاء من قانون التأمين الصحى الاجتماعى كأسلوب للتمويل فى المنظومة، وإدارة المنظومة إدارة رشيدة عبر تأسيس مجلس أعلى للصحة يحدد التوجهات الإستراتيجية ويضمن مشاركة المواطن فى صنع السياسات فيها لصالح حقوقه فى الصحة.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة