كان الوقت فجرا، وقرية "دير ياسين" الفلسطينية نائمة، والعصابات الصهيونية تدخلها من شرقها وجنوبها وشمالها حتى يفاجئوا السكان وهم نائمون فى مثل هذا اليوم (9 إبريل 1948)، كان كل شىء معدا لمذبحة كبيرة، لا تزال وقائعها ماثلة فى الذاكرة العربية، كدليل على بشاعة الدولة الصهيونية وإقامتها عبر حرب إبادة شنتها ضد الفلسطينيين.
يقشعر البدن كلما عدنا إلى مراجع التاريخ لقراءة وقائع المذبحة، وفى موسوعة "الصهيونية" للمفكر الراحل الدكتور "عبد الوهاب المسيرى"، نقرأ جانبا من تفاصيلها التى تقول إن العصابات الصهيونية دخلت القرية فجرا والسكان نائمون، وقوبل الهجوم بالمقاومة فى بادئ الأمر، مما أدى إلى مصرع 4 وجرح 40 من الصهاينة.
ويقول "المسيرى" نقلا عن شهادة للكاتب الفرنسى "باتريك ميرسييون"، إن المهاجمين لم يستطيعوا التقدم أمام القتال العنيف، ولمواجهة صمود أهل القرية استعان المهاجمون بدعم من قوات "البالماخ" وهى (الاشتراكية اليسارية) الموجودة فى أحد المعسكرات القريبة بالقرب من القدس، حيث قامت بقصف القرية بمدافع الهاون لتسهيل مهمة المهاجمين، ومع حلول الظهيرة أصبحت القرية خالية تماما من أية مقاومة، ليبدأ استخدام الديناميت، وذلك بتفجير بيوت القرية بيتا بيتا، وبعد أن انتهت المتفجرات لديهم قاموا بتنظيف المكان من آخر عناصر المقاومة عن طريق القنابل والمدافع الرشاشة، حيث كانوا يطلقون النيران على كل من يتحرك داخل المنزل من رجال ونساء وأطفال وشيوخ، وأوقفوا العشرات من أهل القرية إلى الحوائط وأطلقوا النار عليهم، واستمرت أعمال القتل على مدى يومين.
كانت عمليات الإبادة تتم بدم بارد، حيث قامت القوات الصهيونية بعمليات تشويه سادية شملت التعذيب وبتر الأعضاء، وذبح الحوامل، والمراهنة على نوع الأجنة، وتم إلقاء 53 من الأطفال الأحياء وراء أسوار المدينة القديمة، واقتيد 25 من الرجال الأحياء فى حافلات ليطوفوا بهم داخل القدس طواف النصر على غرار الجيوش الرومانية القديمة، ثم تم إعدامهم رميا بالرصاص، وألقيت الجثث فى بئر القرية، وأغلق بابها بإحكام لإخفاء معالم الجريمة، وكان الهدف من كل ذلك هو إرسال رسالة إلى القرى الفلسطينية الأخرى.
كانت القرية صغيرة وعدد سكانها نحو 400 نسمة، قتل منهم فى المذبحة 260 شباب وشيوخ وأطفال ونساء، وبالرغم من بشاعة المجزرة، إلا أن قادة الكيان الصهيونى اعتبروها مفخرة لهم، ورأوا فيها جسرا نحو تحقيق حلم إقامة دولة إسرائيل، وعبر عن ذلك "مناحم بيجين" رئيس وزراء إسرائيل، فى السبعينيات من القرن الماضى، وحتى السنوات الأولى من الثمانينيات، وكان رئيسا لعصابة "الإرجون" التى نفذت المذبحة، ففى رسالة بعث بها إلى "رعنان" قائد المنظمة المحلى للعصابة قال: "تهنئتى لكم لهذا الانتصار العظيم، وقل لجنودك إنهم صنعوا التاريخ".
وفى كتابه "الثورة" قال "بيجين"، إن مذبحة دير ياسين أسهمت مع غيرها من المجازر الأخرى فى تفريغ البلاد من 650 ألف عربى، وأضاف قائلا: "لولا دير ياسين لما قامت إسرائيل".
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 9 إبريل1948.. إبادة "دير ياسين" الفلسطينية.. و"بيجين": لولاها ما قامت إسرائيل"
الأربعاء، 09 أبريل 2014 08:08 ص
بيجن
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة