ما سأقوله ليس رفضًا أو تأييدًا للحكم الصادر ضد أحمد دومة وأحمد ماهر ومحمد عادل، بالحبس ثلاثة أعوام وغرامة 50 ألفًا لكل منهم، لكنه يرصد الحالة التى تعيش عليها الأحزاب المصرية، وكيف وضعت نفسها فى موقف يبعدها عن الشارع ومشاكله، وأنها أحزاب نخبة ولا تمتّ للشارع بصلة. فأمس دعت أحزاب الدستور، والمصرى الديمقراطى الاجتماعى، ومصر الحرية، والعيش والحرية «تحت التأسيس»، والتيار الشعبى، وحركة «الحرية للجدعان» إلى مؤتمر صحفى لإعلان التضامن مع الشبان الثلاثة، بل نظم بعض هذه الأحزاب وقفات تضامنية معهم، وطالبوا رئيس الجمهورية، المستشار عدلى منصور، بإصدار عفو رئاسى عن الثلاثة.
الغريب فى الأمر أننا شاهدنا انتفاضة حزبية للدفاع عن دومة وماهر وعادل، والطعن فى الحكم من خلال منصات إعلامية ومؤتمرات، لكن هذه الأحزاب لم يتحرك لها ساكن لوأد الفتنة التى تمزق أسوان بين عائلتين.. يدافعون باستماتة عن ثلاثة نشطاء فى تهمة اختراق علنى لقانون التظاهر، ويلتزمون الصمت أمام الدماء التى تسال فى أسوان.. بعضهم اكتفى بتحميل الشرطة مسؤولية ما حدث، لكنهم لم يقدموا الحلول، ولم يعلن أحدهم عن مبادرة فعلية لوقف حمام الدم هناك.
أحزابنا المدنية مازالت تؤمن بأن العمل من داخل المكاتب، ودعم النخبة أهم لديها من النزول إلى الشارع، والتلاحم مع المواطنين، والعمل على حل مشاكلهم.. يؤمنون بأن حبس دومة وماهر وعادل أهم من دماء سالت وتسيل كل يوم فى أسوان جراء فتنة عائلية، لذلك فإنهم سيظلون بعيدين عن الشارع، وسيظل الشارع بعيدًا عنهم، لأن الشارع لا يؤمن مثلهم بالنخبة ونجوم الفضائيات، إنما يحترم ويقدر من يسانده ويقف بجانبه ولا يتعالى عليه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة