هالة سرحان أيقونة الإعلام تروى لـ«اليوم السابع» رحلة عنادها مع الإعلام والحياة وكيف كشفت جنسية والدة أبو إسماعيل: الثورة فتحت بكابورتات آدمية ونزعت خيمة الانكسار.. والمصريون حالياً مشغولون فى حالة ندب

الثلاثاء، 08 أبريل 2014 01:02 م
هالة سرحان أيقونة الإعلام تروى لـ«اليوم السابع» رحلة عنادها مع الإعلام والحياة وكيف كشفت جنسية والدة أبو إسماعيل: الثورة فتحت بكابورتات آدمية ونزعت خيمة الانكسار.. والمصريون حالياً مشغولون فى حالة ندب الإعلامية هالة سرحان
أدارت الندوة علا الشافعى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعدها للنشر- جمال عبدالناصر وهنا موسى وعلي الكشوطي وهاني عزب وأسماء مأمون تصوير حسن محمد وعماد عبدالرحمن

نقلاً عن العدد اليومى

◄◄ هالة سرحان فى ندوة "اليوم السابع": أنس الفقى قال لى أنت ذراع الوليد اليمنى فى مصر وسنقطعها

◄◄ لا يوجد لدينا سيدة أولى.. مصر هى التى تتسيد الجميع

◄◄ جلست مع الشحاذين والمتسولين أثناء عملى بـ"واشنطن".. وكنت أسير 7 كيلو على قدمى

◄◄ رجال الأعمال أدركوا أن الإعلام كرباج.. ومن كان يفعل مع ذلك أقول له "سلامو عليكو"

◄◄ خالد سعيد كان الشرارة التى حرقت كومة قش نظام مبارك الفاسد الذى كان يحكمنا

◄◄ الباليه علمنى الكثير وكنت متمردة منذ الصغر.. وتوأمتى ست بيت محجبة وعلى النقيض منى تماما وابنى مظلوم بسببى

◄◄ والدتى كانت تراقب تسعيرة البائعين فى شارعنا ومن يخالف تبلغ عنه حتى سارت تحكم الشارع

لا تتحدث هالة سرحان كثيرا إلى الإعلام، فهى نادرة الحوارات والتصريحات، دائما ما كانت تكتفى فقط بما تقدمه لجمهورها على الشاشة، وهو ما كانت تراه دوما معبرا عن وجهات نظرها فى الحياة، والسياسة، والفن، هالة سرحان ليست مجرد إعلامية لها رصيد هائل من البرامج المتنوعة سواء السياسية أو الاجتماعية أو الفنية، بل هى مؤسسة إعلامية كاملة ليست بالمعنى المادى، ولكن المعنوى، فهى أيقونة من أيقونات الإعلام العربى التى تمتلك القدرة على تحويل تراب الإعلام إلى ذهب، ليس فقط لأنها أول من كسرت التابوهات فى الإعلام، ولم تخش أحداً، بل لأنها تهدف دائما عبر برامجها إلى كسر السقف المتاح، لتصل لمجتمع حر يتنفس إنسانيته وآدميته، ويرفع رأسه التى انحنت من القهر وأثقلها فساد السلطة.

تتفق أو تختلف مع هالة سرحان، ومع طريقة تقديمها أو نبرة صوتها، ولكن تظل هالة نجمة من أهم نجمات الإعلام العربى، لم تكتف فقط بما قدمته ولكنها تمتلك عينا كاشفة للمواهب، حيث أطلقت الكثير من الإعلاميين والمذيعين الذين يملأون الشاشة أو يعملون خلفها، ومنهم محمود سعد، وإبراهيم عيسى، ووائل الإبراشى، وخالد صلاح، وعمرو خفاجى، ومحمد هانى.

فى ندوتها التى اختصت بها «اليوم السابع» كشفت الإعلامية البارزة عن العديد من أسرارها ورحلتها فى عالم الإعلام، وكيف بنت نفسها، وماذا علّمها السفر منذ أن كانت طالبة فى الجامعة، وصدماتها، وكيف أسست العديد من المطبوعا الصحفية، منها «كل الناس» و«سيداتى سادتى»، وإطلالتها لعدة قنوات منها الـ«إيه آر تى» و«روتانا»، وعلاقتها بالشيخ صالح كامل والوليد بن طلال، وصدامها مع أنس الفقى وزير الإعلام الأسبق قبل أزمتها الأخيرة ومكوثها خارج مصر 3 سنوات، وذكرت تفاصيل اللقاء الذى جمعها بالفقى الذى قال لها «أنت الذراع اليمنى للوليد بن طلال فى مصر وهنقطعها»، وجاء هذا بعد أن استحوذت روتانا على النسبة الكبرى من سوق الإعلانات فى مصر، وتصدرت المرتبة الأولى قبل التليفزيون المصرى بكل تاريخه وشاشاته.

وروت الإعلامية لـ«اليوم السابع» كيف تشكلت روح العناد والمقاومة داخلها، حيث تعلمت الكثير من أساتذتها منذ أن كانت طالبة سواء فى المدرسة، أو فى الإذاعة المصرية أمثال بابا شارو وصفية المهندس، والكاتب الكبير الراحل أحمد بهجت، والأستاذ محمد حسنين هيكل، والدكتور عبدالمنعم تليمة، وغيرهم كثيرون، كما تحدثت عن والدتها تلك المرأة القوية التى كانت تسعى دوما لإصلاح كل ما حولها، ووالدها ذلك الرجل المتحضر، الذى كان يقدر المرأة، ويعاملهم فى المنزل كأصدقاء، حيث كان أساس العلاقة بينهم المناقشة والحوار، وتوأمها «شقيقتها» تلك المرأة المصرية الأصيلة التى تشبه الكثيرات من المصريات فى طيبتها وإحساسها بوطنها ومصريتها، وكيف ترى الجيل الجديد وقدرته على المقاومة وتغيير المستقبل من خلال علاقتها بابنها الوحيد محمد وحفيد ابنة زوجها وتأثيرهما على رؤيتها لما هو قادم.



هالة سرحان على صفحات «اليوم السابع» كما لم تقرأ عنها من قبل، حيث فتحت قلبها لتروى الكثير من الأسرار، وكيف أنها كانت تملك معلومات مبكرة عن الجنسية الأمريكية لوالدة حازم صلاح أبوإسماعيل، وهى المعلومة التى تشاركتها مع رئيس تحرير «اليوم السابع» خالد صلاح، وكشفت من خلالها كذب أبوإسماعيل، حيث إن زوجها يعيش بسانت مونيكا فى أمريكا، وعادة ما يلتقى المصريين هناك فى مناسبات عدة، سواء فى الاحتفالات أو فى المسجد، وهناك رأت والدة المدعو حازم صلاح أبوإسماعيل، وكشفت كذبته التى يحاكم بسببها الآن. وعلقت هالة على المشهد الإعلامى الحالى، بقولها «الآن الإعلاميون بيغشوا فى «المونة»، والكل «بيقلد»، ولا يوجد أحد يبتكر شيئا، لذلك فكأننا نعيش فى عصر الإذاعة المرئية حيث لا يوجد اهتمام بالصورة، أو بمعنى آخر «أصبحنا فى زمن المسخ الإعلامى»، ورغم تحفظها على المشهد الإعلامى، فإنها قالت «أنا مع الحرية الكاملة غير المنقوصة رغم بالوعات المجارى التى انفجرت فى حياتنا السياسية والاجتماعية»، مشددة على أن هناك فارقا كبيرا بين السخرية والمسخرة والابتذال، وتحدثت حول ما يسمى بميثاق الشرف الإعلامى قائلة «لا يوجد حاجة اسمها ميثاق شرف إعلامى فى أى دولة بالعالم، بل هناك قوانين منظمة للإعلام، وشرف المهنة هو جزء أصيل فى كل من يمارس مهنة الإعلام، ولن يعلمه له أحد، والإعلامى يجب أن تكون لديه المسؤولية والرقابة الذاتية».

وتراهن هالة سرحان على برنامجها الجديد «آن الأوان» الذى تبدأ تقديمه على شاشة المحور، خلال الأيام المقبلة، والذى تطل من خلاله بشكل مختلف ونافذة جديدة، مؤكدة أنها طوال عملها الإعلامى دائما ما كانت تسبق الكل بخطوة فهى «تُقلَّد ولا تقلِّد».

وفى حوارها المطول مع «اليوم السابع»، تكشف تفاصيل تنشر لأول مرة عن أزمتها مع سوزان ثابت قرينة الرئيس الأسبق، حيث شددت على أن «مصر لا أحد يتسيدها».



«اليوم السابع»: رهانك دائما على التجديد وأطلقت العديد من المواهب الشابة فى مجال الإعلام العربى.. فكيف كانت البدايات؟
البداية الحقيقية كانت بدخولى الإذاعة المصرية من خلال عدة اختبارات، وهو ما اتخذته منهجا فى حياتى، فعندما كنت أؤسس مجلة أو قناة فضائية كنت أقوم بعمل اختبار لكل من يرغب فى العمل، ورغم الاختلاف، فأنا تم اختبارى من خلال قامات إعلامية هى بابا شارو، وصفية المهندس، وأنيس منصور، والدكتور مهدى علام، والاختبار كان يضم اللغة العربية والصوت والمعلومات العامة والتاريخ والسياسة وكان الاختبار يغربل المتقدمين إلى أن يصل إلى أكثر الأشخاص كفاءة، وهو سبب تقدم الإذاعة لأنها المدرسة الوحيدة التى لا تزال تتمسك بالتقاليد المهنية، وأنا تعلمت منها القيم والمبادئ فى الإعلام، وهى القيم التى تم هرسها، وضاعت المواهب الحقيقية تحت عجلات الواسطة والأقدمية وهى من موبقات العصر، ونتيجة طبيعية لما كنا نعيش فيه من قهر وفقر وكبت للحريات، وللعلم الكفاءة هى أساس انهيار الدول أو قيامها.



«اليوم السابع»: بعد رحلة عناد طويلة مع الحياة والإعلام كيف ترين المستقبل؟
بعد الثورة أستطيع أن أبشركم بأن زمن الكفاءة قادم، وأن الشعب المصرى الذى أرهق من القهر والظلم والواسطة والأقدمية سينتصر فى النهاية، وحقيقة كنت أتعجب جدا من مفهوم الواسطة فى مصر، والحمد لله طوال عمرى وأنا أعانى من حساسية شديدة من مفهوم الواسطة، ولا أطيق أبدا الفكرة نفسها، وعندما تقلدت مناصب كثيرة كنت أرفض أن يقابلنى أى شخص بواسطة من أى طرف، وأذكر أن المخرج هيثم بيطار، نجل الإذاعى الكبير كامل البيطار، جاء لى فى قناة دريم، وطلب مقابلتى فرفضت، وبعدها كنت أشاهد التليفزيون وأعجبت جدا بشغل أحد المخرجين، وطلبت أن أقابله ليعمل معنا، واكتشفت وقتها أنه هيثم البيطار، فقلت له، إنك مخرج جيد فلماذا تستخدم اسم والدك؟ وقال لى بعدها، إنه امتنع عن تعريف نفسه بأنه ابن البيطار تماما، وأنا أيضا أتعجب ممن يستسهلون الواسطة، فأنا تعبت وعملت فى واشنطن دى سى، ومجلة سيدتى، وبعدها أصبحت رئيس تحرير، وكنت زمان أنزل إلى الشارع وأظل به من العاشرة مساء وحتى السابعة صباحا من أجل الجلوس مع الشحاذين والمتسولين لعمل تحقيق صحفى، ولأننى لا أملك سيارة سرت 7 كيلومترات، لأصل للمستشفى الذى كان يقوم بعمل التلقيح الاصطناعى لأول مرة حينئذ، وكنت أول من قدم تحقيقات صحفية عن الإيدز، وتعبت حقيقة وقتها، فلم يكن هناك إنترنت أو تليفونات ولم تكن الأمور سهلة مثل الآن.




ما المؤشرات التى تجعلك تشعرين بأن القادم هو الأفضل رغم أن البعض يرى أن كل شىء يعود إلى الوراء؟

- لا نستطيع أن ننكر أن الثورة فتحت لنا ما يسمى بالتعبير الدارج «البكابورتات» الآدمية، ولكن فى نفس الوقت لا بد أن نكون منصفين، لأنه مثلما أظهرت الثورة لنا «البكابورتات»، هناك أيضا ورود تفتحت، بمعنى أن المواطن المصرى لم يعد كما كان سابقا، حيث أصبح من الصعب أن يستسلم للقهر والظلم، وما يشعر به المواطن المصرى من إحباط فى الفترة الحالية يعود إلى بعض صفات المصرى الأساسية وهى الصفات المتعلقة بـ«اللطم والصراخ» على الراحل، فنحن شعب مدرب على «الولولة» واللطم فى أى مناسبة حتى فى الفرح نبكى ونصرخ، شعب متأجج المشاعر و«ألوانه دافية»، ولكنه أيضا هو نفس الشعب الكريم النقى الذى نزل إلى الشارع من أجل مصر، وبدون أى توجهات أو حسابات سواء فى 25 يناير أو 30 يونيو أو محمد محمود، ذلك الشعب نزع خيمة الانكسار ولن يسمح بالعودة مرة أخرى إلى الخلف.



لكن بعض المثقفين يرون أننا نعود إلى الخلف.. فما هو رأيك؟
- الشعب المصرى يحب أن يعيش دائما فيما يعرف فنيا بالميلو دراما والانشغال فى حالة الندب وعدم النظر لأى شىء إيجابى، ولكن الحقيقة أن التاريخ تغير والشعب المصرى يجب أن يعى أنه غير التاريخ، وأننا نعيش الآن فترات تاريخية، والشباب محظوظ بأنه يعيشها، ولكن يجب علينا أيضا أن نتغير فى سلوكياتنا وأخلاقياتنا، فأنا دائما أحرص على أن أقف فى الطابور ولا أتخطى دورى، وأتذكر عند عودتى إلى مصر قادمة من أمريكا مؤخرا، طلبت من سلطات الأمن ألا أقف فى الطوابير وأن أتمتع بخدمة خاصة لعدم احتكاك أحد بى ومضايقتى نظرا للوضع والتهديدات التى تحاصر الإعلاميين حاليا، ووجدت المسؤول يستأذننى فى أن أقف أمام الضابط حتى يرانى، وقلت له إن هذا من حقه ويجب علىّ كمواطنة مصرية أن أقف أمام الضابط، الذى يؤدى واجبه، وذهبت إلى الضابط وطلبت منه أن يضع حقيبتى على جهاز الكشف على محتوى الحقائب وعندما ظهر بالجهاز أن بالحقيبة بعض الإكسسوارات، طلبت منه أن يفتح الحقيبة ليتأكد من محتواها ووجد بعض السلاسل وخاتما وأشياء بسيطة للاستخدام الشخصى، وملخص هذه القصة أننى أؤكد أنه يجب أن نتغير وأن نواكب التغير والعصر، خاصة أن التكنولوجيا اختصرت الزمن، وأذكر أن ابنة زوجى أنجبت طفلا -هو كل حياتى حاليا وأعيش معه لحظات سعيدة- وأجده دوما يلعب بالتليفون المحمول ويحاول استخدام الـ«game» ويختار الأفلام التى يجب أن يشاهدها ويتذمر من أجل أن يشاهد ما يحلو له، كل ذلك وهو لا يزال فى عامه الأول، فالزمن بالفعل تغير وأدوات التطور اختلفت.

وأتذكر عندما استعملت الهواتف المحمولة الذكية لأول مرة كنت خائفة جدا فأنا من جيل الورقة والقلم، وعندما سافرت إلى أمريكا وأثناء دراستى فى الجامعة، طلبت منى أستاذتى بالجامعة ورقة بحثية، ووقتها لم أكن أعلم كيف أستخدم الآلة الكاتبة، لذا طلبت منى إحدى زميلاتى بالجامعة أن أعتنى بكلبها فى مقابل أن تكتب لى الورقة على الآلة الكاتبة، لأننى كنت متأخرة عن ركب الحضارة، ومع بداية ظهور الكمبيوتر وجدت مشاكل كوميدية فى التعامل معه فمرات كثيرة كنت أعتقد أن الكمبيوتر «اتحرق» وأصرخ حتى يأتى أحدا ويقول لى إن الشاشة فقط مغلقة، أو أنها تغلق أتوماتيكيا فى حالة عدم استخدام الجهاز، وكنت أطلب من ابنى محمد أن يساعدنى فى فتح البريد الإلكترونى وإرسال الرسائل وغيرها.

فالضرورة هى التى ترغم الشعب على التغير، ولن يستطيع رئيس أن يجلس على كرسى الحكم كما يشاء من سنوات، ولن يأتى أحد ليحكمنا 30 عاما، ولن يستطيع تغيير المسار الديمقراطى وعمل استفتاء بدلا من الانتخابات، ولكن على الفئة الواعية التى نزلت إلى الشارع أن تقاوم كل الموبقات التى خرجت من «البكابورتات».



حياتك مشوار من التمرد وهناك مواقف دائما فى مسيرتك الإعلامية يجب أن نتوقف عندها خاصة قدرتك على التحمل والخروج من الأزمات وذكائك فى تعاملك مع الأمور وعودتك دائما أقوى بعد لحظات الانكسار؟
- دائما أضع قدمى على الأرض ولا أسبح فى الأحلام، فالإنسان عبارة عن مجموعة من القيم لا بد أن تسير معه فى كل حياته، وأنا شخصيا لا تتجزأ المبادئ لدىّ، فهى تكون مع الرجل الذى أحبه وفى العمل الذى أمارسه وفى الشارع الذى أسير فيه، وأنا شربت هذه القيم من أساتذتى بداية من المدرسة التى علمتنى بها «أبلة نبيهة» ومرورا بكل من عملت معهم.
طفولتى كانت فى القاهرة رغم أننى من بورسعيد والشعب البورسعيدى بحكم موقعهم الجغرافى خليط من الحضارات، والحضارة الغربية موجودة بداخله وتظهر جليا فى السلوك المتحضر الذى يمارسه فى حياته، وأنا كنت محظوظة لأن كل أساتذتى كان لهم دور كبير فى حياتى، وكل أساتذتى ما زالوا أصدقائى وهم سبب تلك القيم فى حياتى، وأنا كنت أعمل دائما فى عملين بنفس الكفاءة، وربما يرجع ذلك لأن لدى شقيقة «توأم» وهى على النقيض منى وبعيدة تماما عن العمل الإعلامى فهى ست بيت ومحجبة، ولكنها تعلمت مؤخرا الكمبيوتر وأصبحت تتابع ما يحدث وفاجأتنى حيث أصبح لها مشاركة قوية فى منطقتها فيما بعد الثورة.

وقد تكون روح المقاومة والتمرد بداخلى جينات وبذور، فوالدتى -رحمها الله- كانت امرأة شديدة التميز ولا تستسلم لقانون وترفض الظلم والاستغلال، وأذكر أنها كانت تراقب تسعيرة البائعين فى شارعنا ومن يخالف التسعيرة كانت تبلغ عنه، وصارت تحكم الشارع.

وتضحك هالة قائلة: أذكر فى ذلك الوقت أن كل من حولها نصحها بضرورة الترشح فى انتخابات مجلس الشعب لشعبيتها الجارفة، لكنها فى ذلك الوقت قابلت السيدة جيهان السادات، حرم رئيس الجمهورية فى ذلك الوقت، وأخبرتها القيادات أنهم يرغبون فى ترشيح السيدة الفاضلة زينب السبكى عن تلك المنطقة، ولم ترفض أمى، ووقفت خلف زينب وساعدتها وصارت أقرب صديقة لها.



هل ترين أن هذه الجذور لها تأثير فى تربيتك وتكوين شخصيتك ونجاحك؟
- بالفعل، فالجذور لدى والبيئة كان بها الكثير من الحرية، فالوالد كان يربينا على «الندية» ولم يكن بيتنا به تقليدية الأداء بين الأب والابنة أو بين الأم وابنتها، وهذا خلق لدى مساحات من الحرية حصلت عليها منذ الصغر، أما فيما يخص النجاح فلا يوجد لدى تخطيط للنجاح، ولم يكن النجاح هدفى ومن يصدق أنه نجح ووصل للقمة فهذا يكون بداية النهاية بالنسبة له، ويجب على الإعلامى أو الفنان أو شخص ينال من الشهرة جانبا ألا يترك شخصيته الحقيقية للشخصية التى يفرضها عليه عمله، والفنان توفيق الدقن نموذج لذلك فمن كثرة تماهيه مع الشخصية واندماجه فيها كان يقول، إنه يبحث عن توفيق الدقن الحقيقى فلا يجده، وأنا عن نفسى لا أحب ذلك.



كيف دخلتِ عالم الصحافة والكتابة الساخرة؟
- قربى من كتاب وصحفيين كبار مثل الأستاذ أحمد بهجت جعلنى أتجه للكتابة، فهو له فضل كبير جدا علىّ فى عملى الصحفى، وخاصة الكتابة الساخرة فقد كنت أحكى له عن سفرياتى، عندما كنت أسافر فى مرحلة الشباب لاستكشاف العالم قبل ظهور التكنولوجيا والتواصل الاجتماعى، وكانت تلك الرحلات تخصصها الدولة لانفتاح الشباب على العالم، وأنا كنت أستغل ذلك وأزور متاحف وأحضر مسرحيات، وأشاهد سينما، فقد شاهدت أغلب المسرحيات العالمية التى كانت تعرض بالـ30 سنة الأخيرة مثل مسرحية «CATS» لأنها علامة من علامات المسرح والمسرح لديهم يعرض لفترات طويلة جدا وعندما رجعت من أوروبا، كنت قد شاهدت مجموعة من المسارح، وكان هناك مسرح العبث والمدرسة العبثية كانت سائدة وكنت أحكى للأستاذ أحمد بهجت الذى كان يشغل وقتها رئيس تحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون، قال لى اكتبى مقالا كما تتحدثين وكتبت مثلما قال لى، ومن هنا بدأت علاقتى بالكتابة الساخرة وتعلمت منه الكتابة الساخرة فهو أستاذ فى هذه المنطقة.



هل استغل الإعلام مساحة الحرية التى أتيحت له بعد الثورة خطأ وأصبحت السخرية والشتائم تأخذ مساحة أكبر مما ينبغى لها؟
- بشكل عام هذه هى الحرية، فنحن كانت لدينا ممنوعات وأنا شخصيا لم أعمل بالحكومة بسبب تلك الممنوعات، وعندما دخلت امتحان الإذاعة ونجحت وكنت وقتها أدرس فى أكاديمية الفنون ونجحت أيضا، عرض عليا التعيين فى الأكاديمية وفى الإذاعة وفى كلية الآداب أيضا كمعيدة ولكن الدكتور رشاد رشدى نصحنى باختيار الأكاديمية قائلاً لى: هناك الآلاف يتخرجون فى الجامعات كل عام ولكن من يدرسون الفنون ويقومون بتعليمها قليلون جدا، واستمعت بالفعل لنصيحته لكننى كنت أعشق الإذاعة فرفضت تعيينى بها وعملت بالقطعة.
ومثلما عشقت المسرح علمنى البالية الكثير، أول شىء الدقة، والتقيد بكل شىء لأنها رياضة قائمة على حسابات هندسية وبدأت التدريس فى الأكاديمية وكانت إلهام شاهين تلميذة لى.
وكنت من صغرى متمردة، فمثلا كنت أقود زملائى وأنا طالبة ونتوجه للناظرة للشكوى من شىء ما، ومن فرط حماسى لم أكن أنتبه لعدم وجود زملائى بجوارى عند الدخول للناظرة ولم أكن موظفة بالإذاعة بل كنت حرة، ولكنى تعلمت من الإذاعة الانضباط واحترام المواعيد، لأننا عندما كنا نتأخر ثانية واحدة عن موعد الهواء كانت تطبق علينا عقوبة شديدة، وهى الوقف لمدة ثلاثة شهور مثلا، وفى مرة كانت لدى سيارة متواضعة فى بداية حياتى وتعطلت فى وسط الطريق وكان لدى موعد هوا فتركت السيارة فى منتصف الشارع وجريت للإذاعة حتى لا يفوتنى موعد الهوا.. حيث كنا نعلم جيدا قيمة العمل ولم يكن لدينا رفاهية «الدلع المرق» الذى نراه الآن كل يوم.



برنامج «يا هالة» هو أول برنامج حوارى مصرى وحقق نقلة للتليفزيون وقتها، فكيف جاءت فكرته؟
- اتصل بى الشيخ صالح كامل وكنت قد أنشأت مجلة كل الناس ومجلة سيداتى سادتى وانفصلت عن والد ابنى عماد أديب، وقال لى صالح «أريد تأسيس قناة جديدة وأريد أن يدفع الناس نقودا مقابل مشاهدة قناتى»، وحينها قلت له إن الشعب المصرى «الاشتراكى فى هذا الوقت» من الصعب أن يدفع نقودا مقابل مشاهدة قناة تليفزيونية وإذا أردت أن يدفع الناس مقابل مشاهدتك لابد أن تأتى بشىء جديد كليا عما هو متواجد فى الساحة، وقلت يجب أن نعلم الناس التحدث بحرية فى التابوهات الثلاثة الجنس والدين والسياسة وتفاجأت بموافقة الشيخ صالح على كسر التابوهات الثلاثة وهو رجل متدين وقال لى حينها توكلى على الله بماذا تفكرين؟! وكان لدينا آنذاك القناة الأولى والقناة الثانية فقط فى التليفزيون المصرى وكان المصريون منقطعين عن العالم وعما يدور به، وهنا كانت الفرصة لأننى كنت أطلع على التليفزيون العالمى وخاصة برنامج أوبرا وينفرى الذى تأثرت به جدا، وفكرت أن أنشئ برنامجا على غراره وقلت لنفسى لماذا لا يكون لدينا نفس النوعية من البرامج الحوارية، وعرضت على الشيخ صالح أن نقوم بعمل برنامج توك شو وكان ذلك أول برنامج توك شو فى مصر، والشيخ صالح من جانبه أطلق لى العنان ولم يتدخل فى شىء مشترطا ألا نناقش شيئا غير موجود بالقرآن، وكان برنامج «يا هلا» انقلابا وقتها وأنا لم أقصده ولم أسع إليه، ولم أرد أن أقدمه فى البداية حيث إنى عرضت وقتها على ليلى رستم ونجوى إبراهيم ورفضتا العودة للتليفزيون وكان عندهما حق لأنهما عانيا الأمرين.



ولماذا استمررتِ فى تقديم البرنامج؟
- قدمت البرنامج بصورة مؤقتة حتى نجد مذيعة، ولم يحدث ولكن بعض ردود الأفعال التى جاءتنى اكتشفت من خلالها أن الفضائيات توفر لى الحرية التى كنت أحلم بها والتى تعلمتها فى بيت إستاذى الدكتور عبدالمنعم تليمة، وهى الحرية التى كنا نجتمع من أجلها فى منزله وأذكر أننا كنا نجلس على الأرض ولم يكن لديه آنذاك «عفش» أساسا وكنا نتكلم ونتناقش عن مفهوم الحرية كانت حلما بالنسبة لنا خصوصاً وأن القبضة الأمنية كانت شديدة جدا وكان من الممكن أن يختفى المرء ولا نعلم ما الذى حل به إلى أن بدأنا ندخل فى زمن الفضائيات وكانت شيئا مختلفا تماما عما نشاهده فى التليفزيون الذى بدأ كإذاعة مرئية، وللأسف أعتقد أننا عدنا لهذا الشكل مرة أخرى رغم ازدحام الفضائيات وثراها،لذلك أعتقد أن القائمين على الفضائيات يجب أن يدركوا أهمية الصورة وكيفية توظيفها، ولكن للأسف كل ما نشاهده الآن أن لسان المذيع هو الذى يتحرك وبجواره ضيف ينافسه فى الكلام.



ألم تخشى من كسر التابوهات الثلاثة فى برامجك فى ظل تصاعد النبرة المحافظة فى المجتمع؟
- عندما أخبرت فريق الإعداد بأننى أريد عمل حلقة عن فشل العلاقة الزوجية وأن بداية الانفصال تبدأ من السرير، فوجئت بأن الإعداد يصرخ و«يقولون لى مفيش حد هيرضى يتكلم»، وتفاجأت بأن سيدة شيك من الحاضرين أثناء تصوير الحلقة قامت، وقالت أنا زوجى يعاملنى «بطريقة شاذة»، وأنا أرد عليها: اعقلى، زوجك يراك الآن على الشاشة، فلسنا فى غرفة مغلقة، وترد والدتها: «أيوه زوجها بيعاملها بطريقة شاذة ونريد الطلاق»، وكنت مذهولة من سقف الحرية الذى وصلنا إليه ولكنى كنت أحتفظ بسماع رأى الدين من خلال استشارة أحد أعضاء الأزهر العاقلين والأزهر كان متواجدا فى السياسة والاجتماع وكل شىء أناقشه فى البرنامج، وعرفت بعدها أنها تصالحت مع زوجها، وكنت أعلم أنه عندما تعطى الحرية للإنسان سيدافع عنها بكل ما أوتى من قوة، وكنت أرسل أوتوبيسات لطلبة الجامعة والأزهر ليحضروا الحلقات وكان لدى جمهور حقيقى وكنت اتفاجأ، من انطلاقهم وصراحتهم وجرأتهم فى الدين أو الجنس أو السياسة أو أى شىء، وقتها كنا نسجل البرنامج بسينما ريفولى ومن هؤلاء الشباب تعلمت أن الحرية تقتنص ولا تمنح أو تعطى، والشعب المصرى عندما يجد طاقة نور اتفتحت أمامه يمسك فيها بكل قوته.



هل تعرضتِ لتهديدات نتيجة جرأتكِ فى مناقشة الموضوعات؟
- بالطبع، لكن من كان يهدننى كنت أقف أمامهم وأقول لهم أن آخرهم أن يمنعوا البرنامج أو أن يغلقوا القناة، ولكن سماء الفضائيات فتحت بالفعل، ولم يعد أحد قادرا على أن يسلب هذا الشعب حقه فى العيش والتحدث بحرية مطلقة، وهذه البداية الحقيقية للحرية، ولا أستطيع أن أنكر دور الفضائيات فى نشر الحرية بالمجتمعات التى كنا نسميها بالمجتمعات المتخلفة، والحكومات حاولت خرس الأصوات واستطاعوا إيقافى فى يوم من الأيام «بس أنا كنت زودتها برضو» بالنسبة لهم، و«عليت السقف» وكان حولى عناصر أمن دولة فى كل مكان، ولكن الجمهور كان يحب ما أقدمه وأعتقد أن هذا السبب الأساسى لأن تصدر أوامر بأن «أخرس» لأنه لم يكن مسموحا لأى شخص تخطى حدود الحرية المسموح بها، ويحصل على شعبية مؤثرة، وقبل أزمتى الشهيرة بعد حلقة فتيات الليل التى كنت أناقش فيها الفقر الذى يؤدى بالناس إلى هذا الطريق، نشر فى إحدى الجرائد المصرية اليومية - وكانت تشتم فى ليل نهار - بيان أظهر أننى أحصل على أعلى نسبة مشاهدة و«عملولى احتفال» لذلك كنت أصر وقتها على الدعوة للفكر الحر، وأقول لجمهورى «ما تخافوش وقولوا اللى انتوا عايزينه، خصوصا أننى أرى أن شغلتى مش إنى أحل مشاكل الناس شغلتى أننى أحرضهم على التفكير»، وفى هذه اللحظة رغم الأزمة التى كنت فيها والتى كانت تشبه مشهد الزعيم عادل إمام فى فيلم «عمارة يعقوبيان» عندما وقف فى ميدان طلعت حرب وقال «نحن فى زمن المسخ» وقتها كنت أشعر كشخص محاصر من كل الاتجاهات «الرئاسة والأمن والمنافسين».



كيف ترين التحول فى السوق الإعلامى وسيطرة وتدخل رؤوس الأموال فيما يبث من خلال القنوات الموجودة؟
- فى البداية لم يكن أصحاب رؤوس الأموال على وعى بما يجرى وعندما أدركوا أهمية الفضائيات بدأوا يتدخلون لخدمة مصالحهم وأدركوا أن الفضائيات أداة خطيرة فى السيطرة على الناس وبعضهم قال «أقدر أشتم الوزير دا لو ما لم ينفذ ما أطلبه»، لذلك بدأوا يدركون أن بين أيديهم كرباج يجلدون به من يشاءوا وتحولت الفضائيات من قنوات تحرص على الحرية والتفكير لمنبر لرجال الأعمال وأصبح بعض هؤلاء رجال الأعمال يتدخلون فى كيفية إدارة المحتوى الإعلامى بالكامل، والمشكلة أن القناة الفضائية «مش مصنع للزيت» نعبى ونحط على الرف وخلاص، لذلك أعتقد أن بعض رجال الأعمال لم ينجحوا فى فهم معنى المؤسسة الإعلامية التى يتوجب أن يبتعد عن محتواها رأس المال تماما، وعن نفسى كان أساس تعاملى مع الشيخ صالح كامل أو الأمير الوليد بن طلال، أن يكون أصحاب رؤوس الأعمال بعيدين عن الإدارة وأول ما «بيحطوا إيدهم كنت أقول لهم سلام عليكم»، والمؤسسة لا تستطيع الضحك على الجمهور، فهى تقدر تضحك وتكدب طول النهار لكن لا تستطيع أن تخدع المشاهد لأنه «شوكة رنانة» يفهم جيدا إذا كنت منافقا أو بوجهين أو كذابا أو بتدافع لمصلحتك فقط وهو صحيح عاطفى ولكنه لا ينسى أن يستخدم عقله، وبعد الفضائيات ظهر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى و«البكابورتات» اتفتحت وأصبحت الحرية بمفهوم «غبى ومبتذل» بمعنى «إن كل واحد يعمل اللى على كيفه»، ولكن «الحرية مسؤولية قبل ما أعمل إللى على كيفى من المنطق والعقل أن تعرف أين تنتهى حدود حريتك أنت ولا تتماس مع الآخرين، ولكن للأسف أصبحت هناك تفسيرات كثيرة للحرية».



هل تعتقدين أن صورة خالد سعيد هى من أطلقت الثورة؟
- وقت خالد سعيد كنت فى دبى وكنت قاعدة بكتب على الفيس وكنت كلما كتبت كلمة فيها مبارك أو الحكم أو جمال، أو أقوم بتشيير فيديو «فيه شىء يمس شخصية فى السلطة كانت تطير على طول كنا مراقبين طول الوقت» لأننا قادة رأى وكلمتنا مسموعة وعندما شاهدت صورة خالد وضعتها على صفحتى الخاصة بالفيس بوك وعلقت صديقة سورية لى قائلة «حبيب العادلى القاتل والسفاح وقتها قال لى كل أصدقائى على الصفحة اعملى بلوك لها وأنتى قاعدة برة ومش ناقصين تترمى من الشباك».



ما توصيفك لمفهوم الحرية الآن؟
- ما نراه الآن هو الحرية الفوضوية والحرية بالنسبة لنا أصبحت واقعا، وخالد سعيد كان الشرارة «اللى ولعت فى كومة القش المترسب من النظام القاهر الذى كان يحكمنا» واشتعلت الثورة ولكن الآن هناك علامات استفهام لا نعلم من وراءها والمخطط والمؤامرة والأجندات الخارجية ولكننا خدعنا فى أشياء، ولكننا لم نخدع بأن خالد سعيد ضحية وأيا كان السبب الذى تم إنشاء هذه الصفحة من أجله فإن خالد سعيد واقع وصلنا له كلنا عن طريق حرية التواصل الاجتماعى والناس نزلت عشان الفقر والظلم الفساد والتوريث، وأنا جلست 30 سنة ما بنزلش مظاهرات ولكن نزلت فى شهر واحد 4 مرات ومرة ابنى منعنى من النزول وقال لى «مش هتروحى ميدان التحرير» ودخلنا فى مرحلة حرية «حمادة الجديد»، بمعنى أن ما حدث فى الحرية والإعلام كان «حمادة»، والقادم «حمادة تانى خالص».



كيف كشفت حقيقة جنسية والدة حازم صلاح أبو إسماعيل؟
- كنت أمتلك معلومات مبكرة عن الجنسية الأمريكية لوالدة حازم صلاح أبوإسماعيل، وهى المعلومة التى تشاركتها مع رئيس تحرير «اليوم السابع» خالد صلاح، وكشف من خلالها كذب أبوإسماعيل، حيث إن زوجها يعيش بسانت مونيكا فى أمريكا، وعادة ما يلتقى المصريين هناك فى مناسبات عدة، سواء فى الاحتفالات أو فى المسجد، وهناك رأيت والدة حازم صلاح أبوإسماعيل، وكشفت كذبته التى يحاكم بسببها الآن.











مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة