نظمت السفارة المصرية بباريس اليوم الثلاثاء مائدة مستديرة حول "العملية الانتقالية فى مصر.. التحديات والآمال" تحدث خلالها الدكتور عمرو الشوبكى أستاذ العلوم السياسية وعضو لجنة الخمسين.
وأكد السفير محمد مصطفى كمال سفير مصر بفرنسا -فى الكلمة التى ألقاها فى افتتاح المائدة المستديرة- أن مصر تمر بمرحلة انتقالية ليست سهلة، كما تواجه العديد من التحديات وعلى رأسها الإرهاب والأمن بخلاف المشاكل الاقتصادية والاجتماعية.
وأضاف السفير أنه وفى ظل كل هذه التحديات إلا أن المصريين لديهم آمال كبيرة فى عبور مصر إلى الديمقراطية والحداثة والعدالة الاجتماعية التى نادت بها ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 وتم التأكيد عليها فى ثورة الثلاثين من يونيو 2013.
وشدد السفير على أن استقرار مصر يشكل أهمية كبرى ليس فقط بالنسبة لمصر والمصريين ولكن أيضًا بالنسبة للمنطقة العربية والأفريقية والمتوسطية.. مشيرًا إلى أن ما يحدث فى مصر يؤثر بشكل مباشر على المنطقة بأسرها.
ومن ناحيته.. أشاد فيليب فوليو، رئيس مجموعة الصداقة المصرية - الفرنسية بالبرلمان، بالعلاقات الراسخة والتاريخية التى تربط بين البلدين، مشيرًا إلى أن مصر دولة كبيرة وذات حضارة كبيرة للغاية، بالإضافة إلى الدور الكبير الذى تقوم به على الساحتين الإقليمية والدولية.
وأضاف أنه بالنظر لعمق ونوعية العلاقات بين القاهرة وباريس، فمن الضرورى دعم مصر فى هذه الأوقات الصعبة، معتبرًا أنه ينبغى على فرنسا أن تعطى إشارات قوية الآن تجاه مصر التى اختارت طريق الحداثة، وأن تواكب باريس مصر فى هذا التوقيت فى إطار علاقات قوية تقوم على الاحترام والتبادلية.
وأثنى النائب البرلمانى الفرنسى على الدستور الجديد الذى أقرته مصر منذ عدة شهور والذى يتضمن نقاط مهمة بشأن احترام القانون والعقيدة وحقوق الإنسان.. مشيرًا إلى أن المشاركة الكثيفة من جانب أبناء الشعب على عملية التصويت فى الاستفتاء على الدستور أعطته شرعية.
وأوضح أن مصر تواجه بالطبع تحديات فى هذه المرحلة الانتقالية وأولها الأمن مع وجود مجموعات راديكالية مسلحة ومتطرفة تهدف إلى الترويع والإرهاب.. مؤكدًا أنه لابد من دعم السلطات المصرية فى مواجهة الإرهاب.
وأشار النائب الفرنسى أيضًا إلى التحديات الاقتصادية التى تواجهها مصر حاليًا.. مضيفًا أنه فى مصر كما فى جميع أنحاء العالم ينبغى حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية لتحقيق الاستقرار.
وقال إن الوضع الحالى فى مصر ليس بالصورة التى ينقلها الإعلام ومن بينها الفرنسى.. مشددًا على ضرورة دعم ومساندة السياحة المصرية للمساهمة فى تعزيز الاقتصاد.
كما أشار إلى أن "الفرانكفونية"، ومصر عضو بارز بها، تعد عنصرًا مهمًا فى العلاقات بين القاهرة وباريس، معربًا عن أمله فى أن يتم بمجلس الشعب المصرى القادم تشكيل لجنة للصداقة بين فرنسا ومصر من أجل تعزيز العلاقات بين البرلمانيين.
ومن ناحيته، استعرض الدكتور عمرو الشوبكى الوضع فى مصر فى سياق الانتقال الديمقراطى الذى تشهده البلاد، والعناصر الخاصة بالانتقال بالمقارنة بتجارب أخرى مرت بها فرنسا وأوروبا ولاسيما الشرقية.
وأشار الشوبكى إلى وجود مشكلة فى عدم فهم بعض المراقبين فى الغرب خلال تحليلهم للوضع، حيث يغيب عن هؤلاء أنه فى الوطن العربى هناك غياب للدولة فى عدد من البلدان ومنها ليبيا الواقعة على الحدود الغربية لمصر، وأيضًا فى العراق على ضوء الغزو الأمريكى، هذا بخلاف انقسام الجيش فى سوريا، متطرقًا إلى وجود الإرهابيين فى شبه جزيرة سيناء والذين عززوا تواجدهم إبان حكم الرئيس المعزول محمد مرسى.
وأكد أن الشعب المصرى عازم على تحقيق الإصلاح وتحديث الدولة، موضحًا أن مصر لديها تقليد راسخ منذ عهد محمد على باشا وقائم على فكرة "الدولة الوطنية"، ولذا شعروا أثناء حكم الإخوان بأن هؤلاء يقومون باختطاف الدولة.
وشدد الشوبكى على أن المصريين يرغبون فى إقامة دولة وطنية ديمقراطية وتحقيق إصلاحات ووضع نهاية للبيروقراطية ولكن هناك فرق بين إصلاح الدولة وهدمها.
وتطرق أيضًا إلى العملية السياسية فى المرحلة الانتقالية فى مصر والتى بدأت بلجنة الخمسين التى ضمت جميع التيارات السياسية ومنهم السلفيون، موضحًا أن الدستور يشكل الخطوة الأولى فى العملية كما أنه يضمن حقوق جميع أبناء المجتمع المصرى.
وفيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية المقبلة.. قال الدكتور عمرو الشوبكى إن الأغلبية الساحقة من الشعب المصرى ليس لديهم مشكلة مع وصول رئيس جديد للبلاد ذى خلفية عسكرية..مشيرًا إلى أن المصريين يريدون إجراء انتخابات حرة، وهو ما سيجرى فى الانتخابات القادمة التى ستجرى تحت إشراف قضائى.
كما أكد أن حقبة الرئيس الأسبق مبارك لن تتكرر فى مصر.. مشيرًا إلى عدم وجود انحياز من جانب الدولة لمرشح بعينة.
وأضاف أن مصر لديها الآن مرشح قوى وهو المشير عبد الفتاح السيسى. وردًا على أسئلة الحضور.. أكد أن غالبية الأقباط فى مصر لم يكونوا يشعرون بالارتياح أثناء حكم مرسى، واضطر عدد كبير منهم إلى الهجرة خارج البلاد، متطرقًا إلى أحداث العنف التى قام بها أنصار المعزول والتى استهدفت عددًا كبيرًا من الكنائس إلى جانب الاعتداءات على المواطنين الأقباط.
وأضاف أن الأقباط يقومون بدور كبير فى العملية السياسية الحالية وكذلك فى ثورة الثلاثين من يونيو حيث كان موقفهم ينبع من وطنيتهم فى قضية تخص جميع أبناء الشعب، مشيرًا إلى أن الدستور الجديد للبلاد يضمن حقوق الأقباط.
وفى سياق آخر، أكد الشوبكى أن مصر لن تنجح بدون إدماج جميع التيارات ولكن بشرط ألا تنتهج تلك التيارات العنف أو تحض على الكراهية.
وشارك فى المائدة المستديرة نخبة من الخبراء والمتخصصين الفرنسيين، كما حضر اللقاء أعضاء السفارة المصرية ومكاتبها الفنية بباريس.
مائدة مستديرة بالسفارة المصرية بباريس حول خارطة الطريق
الثلاثاء، 08 أبريل 2014 09:47 م