أحيانًا نحمل أنفسنا أكثر من طاقاتها، عندما نظن أن المكان الذى نحن فيه سوف يتوقف بعد رحيلنا، أو من نتحمل مسئوليتهم سوف تختل حياتهم وتوازنهم بعد فقدنا العالم الذى نحيا فيه، أو أن العالم سوف يخسر الكثير بدوننا وسوف يعانى ويلات التمزق والفقر والحروب والتشرد.
لا شك أن العالم والكون بما فيه لن يتوقف عن الاستمرارية، فظنوننا ليست فى محلها لأنه لا يسير على وتيرة واحدة، بل من طبيعته تغيير جلده من آن إلى آخر بقوانين وأفكار ونظم جديدة .
بل العكس هناك من سوف يسعد لرحيلك ليحل مكانك ويمارس دوره بفاعلية وبصورة مغايرة تمامًا، وإن تشابهت فى المضمون والهدف والرؤية ممن كنت تقوم به، بل قد يؤديه بصورة أفضل مما كنت تؤديه، لأن أصبح يملك من القدرات والأدوات والرؤى المختلفة ما يؤهله للابتكار والتطور وقد رأينا ذلك فى الأجيال المختلفة المتعاقبة سرعة التطور والتغير فى كثير من المجالات بل فاقت الكثير من العقول المستنيرة التى رحلت.
ثق تمامًا فى ذلك، العالم ليس فى حاجه لك، ولا لغيرك، فقط أنت مجرد ضيف وإن طالت مدة بقائك فيه، فالحياة مهما طالت قصيرة جداً، لذلك لا تحمل ذاتك أكثر مما هو مطلوب منك وفى حدود طاقاتك واستطاعتك فكل منا مصير لما خلق له، فقط أنت تؤدى دوراً معيناً قم به على أكمل وجه وأفضل أداء، بل أجعله فى حدود يومك ولا تكلف ذاتك أكثر مما تنبغى .
اجعل شعورك بالتميز حالة ارتقاء وليس غروراً بل علم ينتفع به، لذلك علم من هو دونك ليكمل ويرتقى هو الآخر بذاته وبمن حوله، وهكذا هى الحياة، لأننا لا يمكن إنجاز كل الأعمال وحدنا، فأنت وأنا جزء بسيط جداً من منظومة هذا الكون.
فالعالم بما فيه ملىء بالتناقضات الغريبة جداً، كونه لا يتوقف على شىء بعينه، فقد لا تجد من يقدرك فيه ويضعك فى المكان الذى تستحقه، فقد تجد أحيانا أن المشاكل لا تصيب إلا الفقراء والطيبين، بل قد تتعرض أنت للقهر والظلم والاضطهاد كون الأمزجة والعقول والأهواء مختلفة بل تصل إلى مرحلة أن العالم لا يحكمه إلا قانون الغابة، لذلك قد لا تشعر فيه بالراحة، وتميزك فقط فيما تتركه ولكنه ليس كل شيء لأن العالم لا يتوقف على أحد.
عصام كرم الطوخى يكتب: العالم لا يتوقف على أحد
الثلاثاء، 08 أبريل 2014 12:07 م