كانت الساعة التاسعة وعشرون دقيقة من صباح الأربعاء يوم 8 إبريل 1970، حين أطلقت الطائرات الإسرائيلية بصواريخها وقنابلها على مدرسة بحر البقر بقرية أكياد محافظة الشرقية.
كانت المدرسة عبارة عن دور واحد يضم ثلاثة فصول، تضم كل يوم 130 تلميذا، أعمارهم من السادسة إلى الثانية عشر، وفى يوم الغارة حضر 86 تلميذا يرتدون "المرايل"، ويحملون حقائبهم المدرسية.
علا الصراخ، سالت الدماء على الكراريس، واستشهد 30 طفلا ومدرسا، وأصيب 36، و11 عاملا، ورغم هذا الجرم قالت إسرائيل عنهم: "كانوا أطفالا فى منظمة تخريبية"، وقال المتحدث العسكرى الإسرائيلى: "إن الطيارين الإسرائيليين التزموا الدقة فى ضرب الأهداف العسكرية وحدها"، هكذا رأت إسرائيل أن المدرسة بأطفالها هدفا عسكريا، وهو ما قاله موشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلى، لراديو إسرائيل: "المدرسة التى ضربتها إسرائيل هدفا عسكريا"، والى الأمم المتحدة، أرسل "يوسف نكواه" مندوب إسرائيل رسالة قال فيها: "تلاميذ المدرسة الابتدائى كانوا يرتدون الزى الكاكى اللون، ويتلقون التدريب العسكرى"، هكذا واجهت إسرائيل المجتمع الدولى بالكذب، لتدارى جريمتها البشعة التى جاءت بعد جريمتها بغارة لطائراتها على عمال مصنع أبو زعبل يوم 12 فبراير 1970، واستشهد فيها 70 عاملا، وأصيب 69.
وكى تبقى هذه الجريمة حية وشاهدة على الجرم الصهيونى، تم جمع الكراريس، وبعض متعلقات الأطفال من مرايل وأقلام وكتب وأحذية، وما تبقى من ملفات، فضلا عن بقايا لأجزاء من القنابل التى قصفت المدرسة، وتم وضعها جميعا فى متحف عبارة عن حجرة أو فصل، وتعلو حجرة المتحف عبارة مكتوبة بخط اليد: "متحف شهداء بحر البقر".
جاءت هذه الجريمة فى سياق سياسى، كانت مصر تعيد فيه بناء قواتها المسلحة بعد نكسة 5 يوينة 1967، وذلك من أجل الاستعداد لحرب تحرير الأرض التى سلبتها إسرائيل فى "النكسة"، كما جاءت والجيش المصرى يخوض حربه الباسلة "حرب الاستنزاف"، وبينما كانت الجهود المصرية تسير يوما بعد يوم نحو العهد الذى قطعته على نفسها، عهد الإصرار على استعادة الأرض، كانت إسرائيل تسعى من غارتها ضد الأهداف المدنية المصرية إلى كسر الإرادة المصرية، وعبر عن ذلك موشى ديان بقوله: "هدفنا من هذه الغارات بعيدا عن جبهة المواجهة الفعلية فى قناة السويس هو، أن نحافظ على معنويات الشعب الإسرائيلى وتقويض الزعامات السياسية والعسكرية فى مصر".
شملت معركة إعادة بناء القوات المسلحة، شحن أسلحة جديدة من الاتحاد السوفيتى، تشمل صواريخ جديدة، وبناء حائط صد الصواريخ لتحمى سماء مصر من أى غارات إسرائيلية فى العمق المصرى، وحسب ما ذكره الكاتب الصحفى "محمود عوض" فى كتابه "اليوم السابع- الحرب المستحيلة حرب الاستنزاف": "بمجرد أن بدأت المخابرات الإسرائيلية تسجل دلالات شحنات السلاح الجديدة إلى مصر، بدأت إسرائيل تتصاعد بغاراتها ضد المدنيين فى العمق المصرى، لتتخذ طابعا هستيريا ومحموما، وفى سباقها مع الوقت لمنع الصواريخ الجديدة من اتخاذ مواقعها طبقا للخطة المصرية، زادت من توحشها ضد المدنيين داخل مصر".
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 8 إبريل 1970.. استشهاد 30 طفلا فى غارة جوية إسرائيلية على مدرسة بحر البقر
الثلاثاء، 08 أبريل 2014 07:58 ص
مجزرة بحر البقر
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة