محمود سرحان يكتب: حاول أن تُصلح من نفسك قبل التفكير فى إصلاح الكون

الأحد، 06 أبريل 2014 09:07 م
محمود سرحان يكتب: حاول أن تُصلح من نفسك قبل التفكير فى إصلاح الكون أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عند كتابة هذه الكلمات وضعت يدى على رأسى، بعد أن وضعت فنجان القهوة وفرغت منه، أخفضت صوت فيروز ونظرت إلى الورقة، فسمعت أصوات الأفكار تتعارك فى عقلى ويعلو صوتها، ليست المشكلة أن الكلمات قد غابت عنى، ولكن الأفكار هى التى ازدحمت أكثر من اللازم، فأصبحت مثل جمهور من الناس يريدون أن يمروا من بابٍ ضيق، والكل يحرص على أن يخرج أولاً، فلنجعله سياسياً فمن أين نبدأ.. فالحديث فى مثل هذه الأمور ما هو إلا كاللعب بالنار، فعليك أن تضع رأيك وتتحمل التعليقات، فلن تُرضى أحد، ومنذ متى وأنت تبحث عن إرضاء الناس، إرضائهم غاية لا تدرك، فكيف سأقول لنفسى وقد وعدتها بكتابة مقال فى هذا اليوم.

فتأخرت عن الكتابة كثيراً بسبب ضيق الوقت، إذا لا عليك، عليك أن تُسكِت جميع الأفكار وتكتب، فقط أسرد ما يمليه عليك قلمك دون تفكير، ولكنى احترت فى كتابة العنوان أولاً أم الموضوع، وكيف يكون العنوان، ومن أين العنوان وليس هناك موضوع من الأساس.. سمعت بالخارج قرآن يُتلى فأنصتُ إلى كلام الله فخير الكلام وأبلغه وأحكمه، فوقَعَت فى أذنى فنزعنا ما فى صدورهم من غلٍ إخواناً على سرر متقابلين، فيا ترى لو نزع الله ما فى صدورنا وقلوبنا من غلٍ، ستنكشف عنا جميع المشاكل، وكأننا أصبحنا نعيش فى المدينة الفاضلة.

فلا كره ولا حسد ولا شحناء، ويسود الحب والتسامح والمودة وتزداد الرحمة ونتصف بالعطف والرضا، فهل الغل هو منبع المشاكل بين الناس، أم أن الغل ما هو إلا صفة قبيحة مثل الحسد والكره والكذب والنفاق إلخ.

إن النفس البشرية هى مكمن الخير والشر معاً، فالنفس البشرية هى الروح التى أخفى الله تعالى سرها حتى عن الأنبياء، فجسمك ما هو إلا هيكل يحمل نفسك، عند انتزاعها لا قيمة له ولا فائدة، فالنفس بها من الشر ما يحطم الدنيا ويفسد ما فيها، وفيها من الخير أيضاً ما يبنى الحضارات ويقيم المعجزات، فالنفس هى أقوى الأشياء على الأرض، وهكذا أختصها الله تعالى فى كتابه فى آيات عديدة فقال ونفس وما سواها، إن النفس لأمارة بالسوء، يوم تجزى كل نفس بما عملت، واتقوا يوماً لا تجزى نفس عن نفس شيئاً، وأحضرت الأنفس الشح، ثم أقسم الله تعالى بها وقال ولا أقسم بالنفس اللوامة، وقال أيضا يا أيتها النفس المطمئنة، وما أصابك من سيئة فمن نفسك، وأما من خاف ربه ونهى النفس عن الهوى، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون، بل الإنسان على نفسه بصيرة، أولم يتفكروا فى أنفسهم، وغيرها من الآيات الكثيرة، فالنفس أضر عليك من إبليس نفسه، فهل فكرت وقت رمضان من يوسوس لك بالشر وإبليس وجنوده مقيدين، إنها النفس الشريرة.

فالشيطان إبعاده عنك غير مكلف فقط بالاستعاذة يفر منك هارباً، فإن كيد الشيطان كان ضعيفا، هل فكرت أول معصية على الإطلاق كانت بسبب من، فأبى إبليس أن يسجد لآدم وعصى ربه، وهى أول معصية فإذا كان إبليس يُبيت العداء لآدم وذريته ويجاهد أن يضله ليدخل النار معه كما كتبها الله عليه، فمن الذى وسوس لإبليس نفسه أن يعصى ربه.

إنها النفس الشريرة التى تأمر بالسوء، لذا لا نظن بأنفسنا خيرا، فالنفس تحمل من السوء أكثر ما تحمله من الخير، فأنت تعلم نفسك وتعلم ماذا تفعل، حتى وإن كسوت وجهك بالصورة الجيدة أمام الناس، فنحن جميعاً نستحق النار بما كسبت أنفسنا فى السر والعلن، لذلك كان دخول الجنة برحمة الله وليست بأعمالنا مهما بلغت ذروتها فى العبادة والطاعة، فما لك من الأعمال القليل وما عليك من الذنوب الكثير، ومهما بلغت شكر الله على نعمة التى لا تحصى لن توفيه حقه، فالله وحده هو من يُلهم النفس الهدى، فكلما تسلل إليها الهدى خرج منها الشر رويداً فلا يجتمعان إلا قليل، فالأصل أن النفس البشرية شريرة أنانية تحب الهوى والكسل واللذات، والله من يمنحها الرضا والإيمان والخير بحكمة منه، لذلك قال يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا على إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان، فالله وحده من يختار عبادة المخلصين ويمنحهم الإيمان ويطيب أنفسهم بالخير ويهديهم للإسلام والتسليم به.

فيترك الله فى الدنيا القليل من عباده الشكور يخالطون الكثير من عبادة الجاحدين الكافرين ويعانون من شرورهم، ليبين الله الخبيث من الطيب، وتلك سنة الحياة، وفى الآخرة يقع الأشرار فى النار بينما الأخيار يدخلون الجنة فيُسوى الله أنفسهم وينزع منها الآفات وينزع ما فى قلوبهم من غلٍ، فيزداد الحب بينهم والمودة والتسامح، فلا تجزع من بعض الأشخاص ممن حولك، فكلنا فى الأصل سواء، ولكن الله يهدى من يشاء، فهى حكمة الله، ولا تتكبر على أحد بالطاعة فقط أشكر من ألهمك الهدى، وأدعو الله أن ينزع الغل من بينهم فإن حدث ستنتهى جميع الخلافات، ولكن لن يحدث فى الدنيا أبداً، سيظل الاختلاف وارد، والصراع بين الخير والشر قائم.

فدع الخلق للخالق، وحاول أن تُصلح من نفسك قبل التفكير فى إصلاح الكون، وأترك الحديث قليلاً فى السياسة فأنها متغيرة ومتناقضة و لا تأتى بالخير.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة