الدعاء والابتهال والتضرع إلى الله من العبادة.. أن يمنحنا الخير ويبعد عنا السوء ويكفينا شر المجهول ومن شر الغفلة وشر الطريق.. دعوات مازال صداها يتردد فى أذنى من أكثر من نصف قرن، أو يزيد وقد استجاب الله لبعض الأدعية دون الأخرى، ربما كانت مؤجلة فلكل إنسان نصيبه من السعادة ونصيبه من الألم وفق قدر معلوم.. نسعد إذا صادف ما يحقق لنا السعادة ونشقى لما حل بنا من أضرار، أو بأحد من أحبائنا والعمل عبادة أيضاً نحقق به ما يسعدنا ويريح ضمائرنا.
وقد يجوز الدعاء بالنسبة للفرد أم أو أب يرجو لأولاده الخير فنحن فى حاجة إلى عناية الله فى كل خطوة نخطوها، وأن يترفق بنا القدر، أما على مستوى المؤسسات والدول فالدعاء فى هذا المجال لا موضع له من الحقيقة ولا يستقيم فى الفهم فكيف ندعو من على المنابر على اليهود والأمريكان "اللهم شتت شملهم.. اللهم خذهم أخذ عزيز مقتدر"، وقد غاب عنا قوله تعالى "واعدوا لهم ما استطعتم من قوة" هذه الأية تحثنا على العمل والعبادة والفعل لا على رد الفعل.. قد نلجأ للدعاء إذا داومنا على الأخذ بالأسباب بلا انقطاع، وكان العمل هو طريقنا إلى الحياة التى نأملها على أن نحيى فى النفس القيم الدينية لا الموروثات والفولكلور الشعبى.. لقد سبقتنا دول كثيرة بدأت معنا طريق النهضة وأصبحت اليوم قلاعا صناعية "كوريا.. الصين..اليابان.. ألمانيا.. سنغافورة.. تايوان.. ماليزيا ومجموعة دول الآسيان" واكتفينا نحن بصناعة الشيبسى والعصائر وإنشاء المنتجعات والشواطئ، وتنمية السياحة وبيع المصانع وكل ما من شأنه النهوض بالوطن فى ظل تدهور فى العلوم والمعارف ومن العمر مضى أكثر من أربعة عقود عانينا فيها سكرات لحظة الاندهاش نفيق لحظة نرفع فيها أكف الضراعة ونبتهل إلى الله مع كل طلعة شمس: اللهم شتت شملهم وفرق جمعهم، والناس تردد: آمين.
