حصل "اليوم السابع" على نص مذكرة واسباب طلب رد المحكمة التى تنظر القضية المعروفة اعلاميا بـ"الخطة رابعة"، والتى قررت المحكمة نظر اولى جلساتها فى 8 ابريل الجارى، والمقدمة من الدكتور صلاح سلطان، ضد المستشار محمد ناجى شحاتة محمود ( رئيس الدائرة 5 جنايات الجيزة ).
واستند الرد إلى نص المادة 148 / 4 من قانون المرافعات على جواز رد القاضى:" إذا كان بينه وبين أحد الخصوم عداوة أو مودة يرجح معها عدم إستطاعته الحكم بغير ميل وتتسع هذه الحالة من حالات الرد لتشمل كل ما من شأنه أن يمس حياد القاضى , وما يجب أن يتمتع به من إستقلال تام فى نظر الدعوى , وإدارة الدليل فيها , وتحقيق الوقائع وصولا لحكم فاصل فى موضوعها ".
وهى قاعدة ذات شقين :
الأول يتعلق بالقاضى وقدرته على نظر الدعوى و الحكم فيها دون تأثره بأى تأثير خارجى تجاه موضوع الدعوى والخصوم والمتقاضين فيها
والثاني ويتعلق بالخصوم فى الدعوى وما يجب أن تمتلأ به نفوسهم من ثقة وطمأنينة تجاه قاضيهم فى كل مرحلة من مراحل الدعوى .
وعلى ذلك يحمل مضمون النص لتعلقه بقواعد حسن سير العدالة والتى بدونها يهتز ميزانها , ويضعف اليقين فى أحكامها , ذلك اليقين الذى يشارك فيه العامة القاضى ولا ينفرد به القاضى مستقلا منفردا.
وأوضحت المذكرة أن المستشار رئيس الدائرة المردود بموجب هذا الطلب، خالف ما توجبه هذه المادة وذلك لسببين :
أولا : معاملة رئيس الدائرة لطالب الرد معاملة متدنية خرج بها عن حد مساوة طالب الرد مع باقى خصوم الدعوى , وذلك بما وجهه لطالب الرد من عبارات مسيئة لشخصه مهدرا بها أصل براءة المتهم الذى يصاحبه فى كافة مراحل الدعوى , وكاشفا عن سبق تكوين عقيدته تجاه موضوع الدعوى ومركز طالب الرد فيها.
وأضافت:"لقد فوجئ طالب الرد فى أول جلسة من جلسات محاكمته برئيس الدائرة التى تحاكمه - والمردود بموجب هذا الطلب، وقبل إبداء طالب الرد أو دفاعه لأى دفاع أو كلمة فى موضوع الدعوى، يوجه له ألفاظا غير لا ئقة حيث خاطبه بألفاظ مثل : اخرس , ونسب إليه أنه غير محترم ، وهو ما أهدر به المستشار المبدأ الدستورى أن الأصل فى المتهم البراءة , وهو المبدأ الذى يصاحب المتهم طوال إجراءات الدعوى طبقا لنص المادة 95 من الدستور الحالى والتى تنص على أن ( المتهم برئ حتى تثبت إدانته فى محاكمة قانونية عادلة , تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه".
وتابعت المذكرة:" وهو ما لا يمكن أن يتحقق إلا بحصول المتهم على محاكمة قانونية منصفة تراعى فيها كافة الضمانات التى تكفل توازنا بينه وبين وباقى أطراف الخصومة فى الدعوى الجنائية , وترسخ فى نفسه الشعور بالأمن والطمائنينة أثناء مباشرة إجراءات الدعوى
وتسائلت :" كيف للمتهم أن يشعر بهذه الطمائنينة , ويرسخ فى نفسه هذا الشعور بالأمان , وهو يرى ويسمع أن قاضيه يعاملة معاملة متدنية يهدر به إعتباره , وينال بها من شرفه , وهو أستاذ الجامعة فى كلية دار العلوم الذى يقوم على تعليم الأجيال , ولا ينال من ذلك أنه متهم طالما لم يصدر حكم نهائى بإدانته , بل إن صدور هذا الحكم لا يجعل إعتباره غرضا ولا شرفه هدفا".
وجاء بالمذكرة :" ما حدث لا يمكن تفسيره إلا بأن المحكمة قد كونت رأيا مسبقا تجاهه , الأمر الذى جعلها تضعه فى مركز إجرائى متدنى , حال بينه وبين أن يستمر فى إجراءات الدعوى واثقا أنه سيلقى الحكم العدل القائم على المحاكمة المنصفة للمجتمع , وله على حد سواء ".
وتابع:" ذلك ولد فى نفسه الشعور بأن إجراءات الدعوى ستتحول إلى وثيقة إتهام مستمرة يقف طالب الرد أمامها موقف الإذعان أو الخضوع مما يهدر أصل البراءة فيه ويعصف بمبدأ التوازن بين خصوم الدعوى ويهدر حقه فى مواجهة حقوق الإتهام".
وأوضحت، أن المستقر عليه أن القاضى يتقيد فى سبيل الوصول إلى الحقيقة بضمان تطبيق قانون العقوبات , وبألا يصل إلى هذه الحقيقة إلا من خلال إجراءات قانونية ( منصفة ) تكفل حماية الحرية الشخصية للمتهم , وتنفذ الضمانات القانونية المقررة له تحقيقا للتوازن بين أطراف الخصومة فى الدعوى الجنائية
كما لا تتوافر المحاكمة المنصفة العادلة إلا بضمانة حق الدفاع الذى تتساوى فيه ووتكافأ فيه الخصوم فى الأسلحة المقررة بمقتضى القانون , وتتوازن فيه الحقوق المقررة للخصوم فى الدعوى
وشددت المذكرة على أنه لكل خصم فى الدعوى أن تتوافر له إمكانية معقولة لتقديم قضيته أمام المحكمة فى ظروف لا تسيئ إليه بالنظر إلى خصمه فى الدعوى , وهذا التوازن الواجب بين خصوم الدعوى يجد مصدره وأساسه الدستورة والقانونى فى قرينة البرءاة وقوامها أن كل متهم بجريمة مهما بلغت جسامتها، يجب معاملته بوصفه شخصا بريئا حتى تثبت إدانته بحكم قضائى.
وأضافت:" لا ينال من ذلك القول بأن للمحكمة كاملة السلطة فى إدارة الجلسة بما يكفل نظامها وعلى النحو الذى تملك أن تستعين بأى وسيلة تكفل ضمان هذا النظام , لأن كفالة هذا النظام والقيام بتلك الإدارة يجب أن لاتنال بها المحكمة الحقوق الشخصية للمتهم واعتباره وشرفه تلك الحقوق التى لا تقبل تعطيلا ولا إنتقاصا طبقا لنص المادة 92 من الدستور الحالى".
وأوضحت أن طلب طالب الرد من رئيس الدائرة أن يعامله معاملة تكفل له إعتباره ومساواته بباقى الخصوم فى الدعوى وتحفظ له أصل البراءة إلا أنه ظل على سيرته معه , حيث عمد إلى الإسراع فى مباشرة إجراءات الدعوى , وعلى النحو الذى أرهق الدفاع ,و اثقل كاهل طالب الرد فى عدم قدرته فى الإستمرار فى محاكمة لا يستطيع أن يتمتع خلالها بأدنى الحقوق الإجرائية التى تكفل التوازن بين خصوم الدعوى ومركزه القانوى فى مواجهة سلطة الإتهام . ويشعر أنه يعامل بصفته برئ لا متهما صدر ضده حكم قبل أن تبدأ إجراءات الدعوى , وهو ما اضطر معه الدفاع إلى مخاطبة المحكمة بعدم إستطاعته أن يستكمل دوره الملقى على عاتقه فى ظل هذه المعاملة التى تنال من إعتبار طالب الرد ودفاعه على حد سواء , وهو ما يجعل طلب الرد هذا جديرا بالقبول.
أما الشق الثانى الذى استندت عليه المذكرة، هو إستمرار المستشار المطلوب رده فى نظر الدعوى رغم الإهدار بضمان علانية الجلسات، حيث فوجئ طالب الرد بعقد أولى جلسات دعوى محاكمته فى معهد أمناء الشرطة الملحق بسجن طرة , وهو مكان شديد الحراسة , غير مفتوح لعامة الناس ولا يملك كل من يريد حضور جلسات الدعوى حضورها رغم سعة قاعة المحاكمة وشدة حراستها .
وأوضحت أن المحكمة وقفت بالحضور عند حد المتهمين و دفاعهم , و دون حضور عامة الناس أوجزءا من الشعب الذى يصدر الحكم بإسمهم ودون حضور أهالى المتهمين وأهل طالب الرد، وهو ما يتعارض مع ما يوجبه التحقيق النهائى - خلاف التحقيق الإبتدائى من أن يكون علنيا وقد أكدت ذلك المادة 18 من قانون السلطة القضائية , و المادة 268 من قانون الإجراءات الجنائية بنصها :
( يجب ان تكون الجلسة علنية ، ويجوز للمحكمة مع ذلك مراعاة للنظام العام او محافظة على الاداب ، ان تامر بسماع الدعوى كلها او بعضها فى جلسة سرية ، او تمنع فئات معينة من الحضور فيها . )
وتعتبر العلانية - على هذا النحو - من القواعد القانونية الجوهرية ذات الطبيعة الدستورية فى المحاكمات الجنائية - والتى يترتب على مخالفتها البطلان المطلق للإجراءات ويبطل الحكم الذى يصدر تبعا لذلك , وهى بهذه الصفة , تعد حقا متعلقا بحسن سير العدالة , فلا يملك الخصوم التنازل عنه , ولا تملك المحكمة المساس به , إلا فى إطار التنظيم القانونى الحاكم لهذا الضمان , وهو ما يتحقق معه الإطمئنان إلى الجهاز القضائى ويمنح الثقة فى عدالة الأحكام التى تصدر بناء على المحاكمة
واستشهدت بالإجراءات الجنائية فى التشريع المصرى د مأمون محمد سلامة – الجزء الثانى – ط 1992 ص 89 , الإجراءات الجنائية فى التشريع المصرى - د أمال عبد الرحيم عثمان – ص 412 وما بعدها , الوسيط فى شرح قانون الإجراءات الجنائية – د أحمد فتحى سرور ط 1992 ص 715 وما بعدها )
وأشار ت المذكرة إلى ما تحققه العلانية من تدعيم مصلحة العدالة نظرا لأنها تدفع الشهود , وكل من يعاون السلطة القضائية إلى إلتزام الصدق والدقة فيما يقدمه من إقرارات وبيانات , فضلا عما تحققه من ضمان للمتهم فى أن يدلى بدفاعه أمام الرأى العام وأن يعلن براءته على الجمهور .
واختتمت مذكرة طلب الرد:" مما لا شك أن المحاكمة وفى ظل هذا الإفتقاد للعلانية , يحيل المحاكمة فى مواجهة المتهمين إلى محاكمة سرية وهو الباطل فى حكم القانون"، ملتمسا قبول طلب الرد شكلا وموضوعا.
"اليوم السابع" ينشر نص مذكرة أسباب رد محكمة "الخطة رابعة"
الأحد، 06 أبريل 2014 03:45 م
صلاح سلطان فى القفص
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة