أسدل الستار مساء أمس الجمعة من على مسرح المجاز فى الشارقة على الملحمة التاريخية العالمية "عناقيد الضياء"، أعظم قصة رواها التاريخ، بعد خمسة عروض حضرها أكثر من 15 ألف شخص، وتناقل تفاصيلها الملايين عبر مواقع التواصل الاجتماعى، وحظيت بتغطية مئات وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة والإلكترونية من كافة أنحاء العالم، التى أفردت مساحات واسعة لتغطية العمل الذى دشنت من خلاله الشارقة احتفالاتها باختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية.
وأحدث العمل الذى يروى سيرة النبى محمد صلى الله عليه وسلم، ومسيرة الإسلام وقيمه السامية، تحولاً فى المشهد الفنى العربى والعالمى، لما تمتع به من إمكانيات فنية وتقنية هائلة أبهرت الحضور، وأكدت أن الشارقة قادرة على تقديم عروض فنية عربية الهوية وإسلامية الروح وعالمية الأداء، يمكنها أن تؤسس لمفهوم فنى شامل، يستطيع أن يغير فى بنية الإنتاج الفنى العربى، ويخرجه من نمطيته وتشابهه إلى مستوى عالمى قادر على المنافسة وإبراز هويتنا وقيمنا وتقديم إنجازاتنا الحضارية إلى العالم بأسلوب رفيع المستوى.
واجتذبت عروض "عناقيد الضياء" مئات الشخصيات الرسمية والفنية والثقافية والإعلامية التى حضر بعضها من خارج دولة الإمارات العربية المتحدة، ليكونوا فى طليعة من تسنى لهم رؤية العمل على مسرح المجاز، إضافة إلى جمهور كبير تكبد بعضه مشقة الحضور من مناطق بعيدة فى دولة الإمارات، ليشاهد عملاً فنياً ضخماً تمت الاستعانة فى مراحل تصويره وإنتاجه بخبراء فى التاريخ الإسلامى ومتخصصين بإعادة تمثيل المشاهد التاريخية وفق تقنيات غير مسبوقة فى العالم العربى إلى جانب الموهبة الكبيرة للفنان البحرينى الكبير خالد الشيخ ونخبة من الفنانين العرب وهم: من الإمارات الفنان حسين الجسمى، ومن مصر الفنان على الحجار، ومن تونس الفنان لطفى بوشناق، ومن فلسطين الفنان الشاب محمد عساف، وأكثر من 200 ممثل كى يظل ضياؤه ماثلاً فى نفوس الجمهور إلى الأبد.
وقال الشيخ سلطان بن أحمد القاسمى، رئيس اللجنة التنفيذية لاحتفالات الشارقة عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2014: " فخورون بالنجاح الكبير الذى حققته الملحمة التاريخية "عناقيد الضياء" فى إبراز القيم الإنسانية العظيمة التى ميزت سيرة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فى عمل فنى مهيب نال إعجاب الجمهور بكل أطيافه واهتماماته، وسعداء بالأصداء الطيبة التى لاقها من خلال تغطية وسائل الإعلام والجمهور الكبير عبر مواقع التواصل الاجتماعى".
وأضاف: "كما كانت الشارقة على الدوام منارة مميزة فى العمل الثقافى، كانت عناقيد الضياء مميزة فى كل شىء، فالعمل الذى يمثّل الشارقة هو ذلك الذى ينهل من قبس الإسلام ويعبّر عن طبيعته السامية وآفاقه الكونية الرحبة، ونعد الجمهور الذى لم يتمكن من مشاهدة العمل فى عروضه الخمسة الأولى بإعادة عرضه مرة أخرى خلال هذا العام، ونتمنى أن نكون قد أسهمنا فى إثراء المنظومة الفكرية العالمية بعمل فنى يخدم الثقافة الإسلامية ويبرزها، لترتوى بفكرها وروحها أجيال الحاضر والمستقبل".
وشكر الشيخ سلطان بن أحمد القاسمى فرق العمل كافة والفنانين والممثلين الذين تمكنوا من تقديم هذا الإنجاز الكبير خلال فترة لا تزيد عن ثلاثة أشهر من الإعداد والجهد المتواصل، كما شكر كافة الوسائل الإعلامية التى غطت وتابعت الحدث، وكذلك اللجان التنظيمية وكافة الجهات الداعمة والراعية للعمل، كما شكر الزوار والضيوف والجمهور الذين تابعوا العرض، وتفاعلوا معه بكل الوسائل الممكنة، وأكد أن هذا الحدث سيظل ماثلاً إلى الأبد فى نفوس كل من عمل فيه أو شاهده.
وأكد عدد من الزوار والضيوف الذين شاهدوا العمل، أن "عناقيد الضياء" ليس عملاً تسجيلياً يستقصى سيرة الرسول عليه السلام ونشأة الإسلام فحسب، رغم أنه قدم صورة راقية وجلية فى هذا الشأن، بل هو عمل ملحمى استقصى الاستفادة من جميع الفنون المتاحة لمصلحة عمل فنى شامل، يحشد بين ثناياه الإلقاء الشعرى، والموسيقى، والغناء، والمشاهد التمثيلية الحية، والمقاطع السينمائية الاحترافية المعروضة فى عمق المسرح، إضافة إلى الديكور المنفذ باحترافية كبيرة من خلال المجسمات، وتقاطعات الضوء التى شكلت لوحات مبتكرة على أرضية المسرح وخلفيته، وكذلك فى فضاء المسرح الحر بسماء الشارقة. وأكدوا أن كل مفردة فى العرض كانت تؤدى قيمة مضافة، تتجلّى للمشاهدين الذين غصت بهم مدرجات المسرح المبنى على الطراز الرومانى القديم وسط الماء، ما أضفى جواً أسطورياً على الحالة برمتها.
وعبّر الجمهور عن إعجابه باللوحات الفنية الاستثنائية والإبداعية التى تضمنها العمل، وبدأت من الشارقة، عندما حلق بنا "عناقيد الضياء" من اللحظة الراهنة فى تجوال مهيب، حيث الشارقة تحتفى بجوهر الإسلام فى احتفاليتها الكبيرة، إلى الأراضى المقدسة، ثم بكل إبداع إلى اللوحة الثانية، حيث مكة ومولد الهدى، واللوحة الثالثة، حيث نزول الوحى، ثم اللوحة الرابعة صوب الإسراء والمعراج، ومن بعدها اللوحة الخامسة التى حكت عن الهجرة، فاللوحة السادسة حيث المدينة المنورة، إلى اللوحة السابعة لنشهد معركة بدر، بكل ما فيها من بطولة وفروسية وقيم نبيلة، إلى يوم الفتح حيث اللوحة الفنية الثامنة، فاللوحة التاسعة، التى جسدت وفاة الرسول، ومن ثم اللوحة العاشرة، وأنوار الشارقة، ليعود بنا "عناقيد الضياء" ويحط فى رحاب الشارقة، حيث روح الإسلام ما زالت تسرى فى فضاءاتها، وحيث احتفالية الشارقة عاصمة للثقافة الإسلامية 2014، تعلن أن الإمارة لم تحِد يوماً عن روح الإسلام وتعاليمه السامية، ولم تفترق عن لحظة الضياء الغامرة.
وكانت تذاكر العرضين الأخيرين من العمل قد نفذت قبل يومين من موعدها المقرر مساء يومى الخميس والجمعة، بعد ورود تفاصيل العرض الافتتاحى إلى الجمهور عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى، حيث تم تناقل هذه التفاصيل باهتمام كبير من قبل المهتمين بالعروض الفنية المميزة، والمتابعين لنجوم العمل، ما شكل ضغطاً على شباك التذاكر وعلى موقع الشركة المشرفة على بيعها عبر الإنترنت، لتنفذ كافة التذاكر خلال ساعات، وهو ما يعكس النجاح الكبير الذى حققه العمل والتأثير البارز الذى تركه فى نفوس متابعيه.
ومع انتهاء عروض "عناقيد الضياء"، تكون الشارقة قد أنهت الفعالية الأولى من برنامج احتفالاتها الغنى بالفعاليات والذى سيتواصل على مدار العام الجارى، وستقدم من خلاله الإمارة إلى عشاق الثقافة الإسلامية بألوانها كافة، معارض ونشاطات تحتفى بإنجازات الحضارة الإسلامية، وتبرز القيم العظيمة التى تضمنها الدين الإسلامى، بما يرسخ حضور هذه القيم والمفردات فى ذاكرة الأجيال الحالية والقادمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة