جمال الجمل

«نظرية الصرصار» فى تصريح مبارك عن حمدين

الأحد، 06 أبريل 2014 09:21 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نظرية «الصرصار» نظرية مصرية خالصة.. قد نجد لها صوراً أو أصداء فى مجتمعات أخرى، لكنها تظل إبداعاً شعبياً مصرياً رغم ارتباطها بجماعات من المثقفين، وهى على عكس ما يوحى الاسم ليست نظرية فى «علم الحشرات» أو أى من علوم البيولوجى، لكنها فى الأساس نظرية فى النقد الأدبى ابتدعها مثقفو المقاهى للسخرية من التناول النمطى، وفق قوالب جاهزة ومعدة سلفاً و«التأويل التعسفى» الذى يقود إلى نتائج مسبقة فى ذهن الناقد.
كيف نشأت هذه النظرية؟ ولماذا؟ وما سر التسمية الغريبة؟
أسئلة من حقك أن تعرف لها إجابة، لكن لا أحد اهتم بتدوين تاريخ نشأة «نظرية الصرصار» ومحتواها، رغم أن النماذج التطبيقية للنظرية تملأ صفحات النقد، بل والواقع نفسه.
لذلك أجد نفسى مضطراً للإجابة - باختصار - عن هذه الأسئلة!!
فى الحقيقة (لا شك أنكم ستلاحظون أننى للمرة الأولى أجيب عن أسئلة، وبالتالى فمن حقى أن أستخدم تعبيرات مثل «فى الحقيقة»، «فى الواقع»، «حقيقة الأمر» وما إلى ذلك) ظهرت الحاجة إلى هذه النظرية بعد غياب النظرة الموضوعية إلى الأمور، وشيوع الأحكام المسبقة والمتعسفة، بحيث أصبحت سمة تشمل المجتمع كله، وانطلقت تسمية النظرية من نكتة مصرية شائعة تقول إن صعيدياً مفلساً دفعه الجوع لدخول أحد المطاعم وبعد أن فرغ من التهام الطعام فوجئ بفاتورة الحساب، وأراد أن يكسب بعض الوقت ليفكر فى وسيلة للخروج من المأزق، فسأل عن مكان المرحاض ودخل وأثناء استغراقه فى التفكير أخذ يراقب حركة الصراصير حتى التمع فى رأسه الحل فانحنى والتقط «صرصاراً» وخرج إلى مائدته وطلب طبقاً من «الملوخية»، وما أن وضعه العامل وانصرف، أخرج «الصرصار» من جيبه ودسه فى الطبق وأخذ فى الصراخ محتجاً فأقبل صاحب المطعم يعتذر حتى لا يسىء إلى سمعة المحل وطلب منه الانصراف دون أن يدفع الحساب، وعندما عاد الصعيدى إلى بلدته أخذ يحكى مباهياً ما دفع أحد «بلدياته» لاحتراف اللعبة وبدأ فى تجهيز أدواته إذ رأى أنه من الذكاء تجهيز «الصراصير»، تحسباً لعدم عثوره عليها فى بعض المطاعم، وانطلق المتذاكى إلى القاهرة بغية تحويل «المصادفة العابرة» إلى طريقة حياة «أسلوب» ودخل المطعم بثقة وطلب طعاماً فاخراً وبعد أن شبع، طلب طبق الملوخية ليضع فيه «الصراصير» لكنه فوجئ بالعامل يقول له: «مفيش ملوخية» فصرخ حائراً «أمال الصرصار ده أوديه فين؟
نقاد كثيرون يذهبون إلى النص وفى جيوبهم «الصراصير» المعدة سلفاً بهدف الاحتيال والارتزاق، فهل آن الآوان لكشف هذه النوعية من دون أن نلغى «الملوخية»؟
أعتقد أن المسألة فى غاية الصعوبة لأن أصحاب «نظرية الصرصار» يتوارون عادة خلف شعارات براقة تتحدث عن النظافة والدقة والنظام والعدل وطهارة اليد، ويحولون المعرفة من «وسيلة تنوير وتطوير» إلى «وسيلة تكييف تاريخى» و«توظيف للتزييف» من أجل تحقيق مكاسب فردية صغيرة قد تتعارض مع مصلحة الجماعة والسياق، وإذا كان أمبرتوايكو قد رأى أن كل قراءة هى خيانة للنص، فإننى أرى أن بعض القراءات فقط هى التى ترتكب فعل الخيانة، لأن اختلاف التأويل ليس دليلاً على الخيانة وربما يكون تعدد القراءات أكثر فائدة لتحقيق الثراء والتنوع والعمق، لأنه يضفى أبعاداً تساعد على تنامى النص وقبوله للتطور، بحيث لا تتحول الأفكار إلى جثث، بل إلى كائنات حية غير مقولبة، لكن القراءة «الصرصارية» تمثل خروجاً «انحرافياً» على النص، يتناقض مع سياقه ليحقق أهداف مرحلة صغيرة خارج دائرة الفعل العام.
من هنا يمكن أن نقترب أكثر من فهم العقلية السائدة فى مجتمعنا الآن، حيث انتشرت «نظرية الصرصار» على نطاق واسع، وخرجت من حدود الدائرة الضيقة للنقد الأدبى، إلى مجالات الفكر السياسى والاجتماعى والاقتصادى، واتسعت عضوية الحزب الجديد بصورة مذهلة: تحت شعار «احمل صرصارك واتبعنى».
الأهداف واضحة و«الصراصير جاهزة».. يقلب التلاميذ كتاب الحساب ليحفظوا إجابة المسألة، من دون أن يتعلموا خطوات الحل، ويفاجأ المعلم أن الإجابات صحيحة لكن من دون خطوات منطقية.
لا يوجد مسار.. فقط قفزة فى فراغ غامض يأخذك إلى الهدف النهائى، لكن المعلم لا يجرؤ على الجهر بالحقيقة، ومن هنا وجد الجهلاء طريقهم إلى الصعود، فانتفخت «البالونات»، وانتشر السراب، وزادت مساحات الوهم، ولمعت النجوم الزائفة.
هل أقول «ليس كل ما يلمع ذهبا؟» أم أقول «الكل باطل» كما قالها ريتشارد قلب الأسد فى فيلم الناصر صلاح الدين؟
لن أقول شيئاً
لكن هل يمكن أن تفكروا معى فى مضمون مكالمة مبارك التى هاجم فيها حمدين صباحى معتبرا أنه «مفيش منه فايدة»؟
ربما يصرخ أحدكم ساخرا: «الشيطان يعظ»، وربما يبحث آخرون عن «الصرصار» الذى دسه مبارك فى «طبق التصريحات» ضمن حملات الدعاية فى الانتخابات الرئاسية، لكن هل فكرتم مثلى فى مظاهر الصعود والسقوط، فى المجتمع المصرى؟ هل تأملتم أحوال النجوم التى تهوى فجأة، والأوهام التى تتحول إلى حقائق، والنتائج المعروفة مسبقاً، والتى يتم الوصول إليها بطرق ملتوية على طريقة «أذن جحا» القريبة البعيدة، سواء كان ذلك فى الانتخابات والاستفتاءات السياسية، أو فى حركات تغيير القيادات، أو فى حركة دوران الكلام فى فضاء مفتوح مشحون بزحام هائل من الصور واللغة التراكمية وبرامج «التوك شو»، والتصريحات الممجوجة التى لا تحقق لنا شيئاً يذكر إلا إعادة إنتاج التخلف، وجمع أكبر كمية من «الصراصير» للاحتيال على دفع الحساب، والتهليل بتحديات الأمن والخوف من الإرهاب لصنع نوع أكثر تأثيرا من «الإرهاب»، بحيث يؤدى بأنصار ثورة يناير للوقوف فى صف واحد مع مبارك رأس النظام، الذى أسقطته ثورة تم الاحتيال عليها بوضع صرصار الإخوان على رأسها، للتخلص من «طبق الثورة»، والتهرب من دفع الحساب.
فهل آن الأوان لاكتشاف خدعة «الصرصار المدسوس» فى حياتنا؟
أتمنى.
- إذا خدعك شخص مرة فهذا ذنبه، أما إذا خدعك مرتين فهذا ذنبك أنت. (إلينور روزفلت).





مشاركة




التعليقات 4

عدد الردود 0

بواسطة:

asd

ماشي ياعم ديكسان !!!

فوق

عدد الردود 0

بواسطة:

owdy81

يوميات اودي المقهور

عدد الردود 0

بواسطة:

hesham

الى اودى المقهر

عدد الردود 0

بواسطة:

م. منير

مقال جميل

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة