أكد وزير المالية هانى قدرى دميان، أن المؤشرات بدأت تدل على تعافى الاقتصاد المصرى، نافيا الاتجاه إلى فرض أى نوع من الضرائب على المصريين المقيمين فى الخارج، أو الاقتراض من صندوق النقد الدولى فى الوقت الراهن.
وأعرب وزير المالية- فى حوار مع صحيفة "عكاظ" السعودية اليوم السبت- عن شكره العميق، وتقدير الحكومة المصرية برئاسة رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب للمساعدات التى قدمتها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ودعمها التام للاقتصاد المصرى، مؤكدا أن الشعب المصرى لا يمكن أن ينسى ذلك الموقف النبيل لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وكافة الدول التى وقفت بجانب مصر فى أزمتها من أجل إنقاذ الاقتصاد المصرى.
وعن الحالة التى وصل إليها الاقتصاد المصرى، قال "لدينا برنامج تتبعه الحكومة الحالية من أجل النهوض بالاقتصاد، لكن من المبكر الإعلان عن تفاصيله، إلا أننى أقول إن البرنامج يستهدف خفض العجز البالغ حاليا نحو 12 فى المئة إلى 2 فى المئة من الناتج القومى، يبدأ تنفيذه على مراحل بدءا من العام المقبل، من خلال إجراءات هيكلية حقيقية، مرجحا أن يتم وقف العمل بفرض ضريبة 5 فى المئة على أصحاب الدخول المرتفعة التى أقرتها الدولة أخيرا، بعد ثلاث سنوات من الآن، مشيرا إلى أن هذه الضريبة مؤقتة ومقطوعة بنسبة 5 فى المئة على أصحاب الدخل العالى.
وفى ظل الظروف الاقتصادية التى تمر بها مصر نتيجة متغيرات سياسية واقتصادية متوالية وحكومات متتابعة، قال وزير مالية إنه من الطبيعى أن تلجأ إلى مصادر دخل أخرى، وهى قواعد معمول بها فى معظم بلدان العالم، حيث إن معدل الضريبة فى مصر لا يزال أقل من المعدل العالمى، فالضريبة فى مصر 20 فى المئة، فيما أن المعدل فى أكثر دول العالم يتراوح من 35 فى المئة إلى 50 فى المئة.
وعن عجز الموازنة والدين العام قال "من المبكر الإعلان عن تفاصيل عجز الموازنة العامة والدين العام بالنسبة للناتج القومى، إلا أن البرنامج يستهدف خفض العجز البالغ حاليا نحو 12 فى المئة إلى 2 فى المئة من الناتج القومى".
وبالنسبة للتحديات التى تواجه الاقتصاد المصرى حاليا ومدى قدرته على مواجهتها، أوضح قدرى أن "الاقتصاد المصرى يمر بتحديات كثيرة منها ارتفاع معدلات التضخم التى وصلت إلى 10 فى المئة، وأخرى تتعلق بالهيكلة الاقتصادية فى المقام الأول، ومن ثم الظروف السياسية التى نعيشها، لكننا نعمل فى المرحلة الراهنة على جذب مستثمرين إلى السوق المصرية إلى جانب تطوير عقلية ومنهج إدارة الأزمة، بحيث يتم تحقيق جهد فاعل لتحقيق النمو الاقتصادى والحماية والعدالة الاجتماعية.
وتابع "أشدد على أنه من الخطأ أن نحصر العدالة الاجتماعية فى قضية حد أدنى أو أعلى للأجور، إذ أن المسألة تتعلق بتوزيع جودة وقيمة الحياة على جميع الناس، وكيفية تحقيق حياة كريمة تحفظ للفئات جميعها حقوقها الاجتماعية، إلى جانب اتخاذ إجراءات اقتصادية حقيقية وناجزة، وهذا يتطلب تغيير منهج فكر الاقتصاد القومى، وإدارة الاقتصاد على مستوى تجزئة كل قطاع على حدة، ثم نخرج بمستوى الاقتصاد القومى بنتيجة متوازنة تضمن للجميع الاستفادة من مقدرات الوطن".
وحول مساعدات الدول الخليجية لمصر، وماذا أعدت الحكومة كبديل تمويلى؟، قال وزير المالية "أولا أقدم شكرى العميق لكل دول الخليج التى سارعت بالوقوف بجانب الحكومة المصرية، ولكن رغم هذا الدعم فإن مصر لن تعيش على المساعدات للأبد، لذلك وضعنا خططا طموحة حتى يتعافى الاقتصاد، ويتحقق ذلك بالتعاون بين جميع مؤسسات الدولة، ويتطلب وقتا وجهدا، خصوصا أن مطالب فئات المجتمع متعددة ومتنوعة، ويصعب التعامل مع كل فئة من فئات المجتمع على حدة.
وأكد ضرورة أن تتضافر كل مؤسسات الدولة، من صحافة وإعلام ومجتمع للخروج من أزمة الاقتصاد المصرى الذى لن يدار ولا يصح أن يدار بمعونات كريمة قادمة لنا من الخارج، ولعل واحدة من أوجه هذا التعاون فى المرحلة الراهنة لضمان إعادة بناء الاقتصاد المصرى، هى الإجراءات الجادة التى يتحملها كافة أصحاب الدخول، الإجراءات الضريبية الجديدة، باستثناء الفئات المشمولة بالرعاية الاجتماعية والفقراء.
وحول زيارة الولايات المتحدة الأمريكية وماتردد عن إحياء طلب مصر لقرض صندوق النقد الدولى المتعثر من فترة والبالغ 4.8 مليار دولار..قال وزير المالية "بداية أؤكد أننا لن نطلب قرضا من صندوق النقد الدولى على الإطلاق، ولا سيما قبل انتخاب رئيس الجمهورية، ثم نحن نعلم لماذا نطلب القرض، وماذا سيكون رد الصندوق، لذلك وضعنا خططا بديلة تمكننا من الاستمرار دون طلب قرض من صندوق النقد الدولى.
وأضاف "زيارتى إلى الولايات المتحدة كانت لبحث أوجه نشاطات أخرى، وليس بهدف طلب القرض من صندوق النقد الدولى، نعم علاقتنا مع الصندوق طيبة ومستمرة، ونعمل معا لتحقيق الانطلاقة للاقتصاد المصرى بواقعية، ولكن التوقيت الآن غير مناسب للحديث مع الصندوق عن أى قروض قد نحتاجها مستقبلا".
وعن كيفية حساب العجز فى الموازنة المصرية ولماذا وصل إلى 10%، قال وزير المالية" العجز كان يأخذ افتراضيات لها توجيهات تشمل برامج إصلاحية فى فترات زمنية معينة، وعلى فرضيات ترتبط بمعدلات نمو أعلى مما هو محقق فعليا وتدور حول 10 فى المئة و12 فى المئة، لكنها فى الغالب كانت تميل أكثر نحو المستوى الأعلى، ونحن الآن نبذل كل جهد ممكن للتعامل مع هذه المعادلة، للحصول على ذلك، لكن بصراحة أعتقد أن عجز الموازنة المصرية لا بد أن يقاس بطريقة هيكلية جديدة، يتم خلالها استبعاد الإنفاق والإيراد الاستثمارى، لمعرفة المشكلة الحقيقية".
وأوضح وزير المالية أن استبعاد المنح الخارجية المختلفة واستبعاد الإيرادات الاستثنائية، والإنفاق الاستثنائى، سيرفع مستوى العجز الهيكلى الذى ربما يدور حول 13 فى المئة إلى 14 فى المئة، و من هنا فإنه لا مجال للتوسع فى عجز الموازنة العامة، والدين العام بالنسبة للناتج القومى، ولكن سنبدأ فى تحجيم الناتج العام خلال برنامج من المبكر أن أعلن عن تفاصيله يستهدف خفض العجز إلى 2 فى المئة من الناتج القومى.
وأشار إلى أن تنفيذ البرنامج يبدأ على مراحل، بدءا من العام المقبل من خلال إجراءات هيكلية حقيقية، فإذا كنا نتحدث عن 11 فى المئة و12 فى المئة هذا العام، فسنعمل على أن يكون العجز العام المقبل فى حدود 10.5 فى المئة، رغم الأخذ فى الاعتبار زيادة الإنفاق على الصحة والتعليم الجامعى وما قبل الجامعى والبحث العلمى، حيث من المتوقع أن يصل حجم الإنفاق عليها خلال السنوات المقبلة إلى ما يوازى 10 فى المئة من الناتج القومى، وعندما نصل لعام 2016 و2017 نحتاج إلى 140 مليار جنيه للإنفاق عليها.
وقال وزير المالية "من هنا فإنه علينا أن نواجه وبكل جدية ووضوح هذه التحديات، خصوصا أن الالتزامات التى نشأت عن الموازنة العامة وهى التزامات طويلة الأجل، ونحن فى وزارة المالية نعى ذلك ونواجه الأزمات طوال الوقت، كما أن الحكومة تعى هذه التحديات ولابد أن نوضح أن الدخل العام للموازنة يتم توظيفه لصالح الفئات الأوسع من المجتمع، فالدخل لن تكتنزه الدولة، ولن تكتنزه الحكومة، ولكنه يعاد تدويره مرة أخرى لفئات أوسع من المجتمع، فنحصل على الدخل الضريبى وغير الضريبى من فئات معينة تستطيع أن تحقق الفوارق وقيادة النمو إلى فئات أخرى تشملها نفس الفئات التى أخرجت الأموال لصالح جموع المجتمع والفئات الداخله.
وعن التوجه لفرض ضرائب على المصريين العاملين فى الخارج وما هى آليات تحصيلها؟، قال "بكل تأكيد لن نسعى على الإطلاق لفرض أى ضرائب على المصريين المقيمين فى الخارج، ولن نحاسبهم ضرائبيا، وكل ما قيل حول هذا الموضوع لا أساس له من الصحة. فهم يدفعون ضرائب للدول المقيمين فيها. ولن نطالبهم بدفع أى ضرائب تحت أى مسمى".
وحول سبل تعزيز الحكومة المصرية من مستوى الإيرادات لتنفيذ المشاريع على أرض الواقع، قال وز ير المالية "أعتقد أن تعثر تنفيذ بعض المشاريع سببه تنظيمى، حيث إنها ممكن أن تتعطل رغم وفرة النقود لها، لكن لم يبت فى المناقصات المطروحة أو لم يتقدم أحد للمشروع لعدم شعوره بضمان الربح، أو أن يكون من هيكل السوق وممكن لمقاول تكون لديه رغبة للدخول فى مشروع، لكنه مشغول بعدة مشاريع أخرى، ولم يتقدم لها مقاول غيره.
وأضاف أن لهيكل السوق تأثيره على بعض المشروعات، بالإضافة إلى مسألة تأخير التوقيعات والتردد فيه، ولذلك مطلوب تشريع لحماية الموظف العام على مختلف مستوياته طالما أنه لا يتربح بشكل مباشر أو غير مباشر من أداء عمله بخلاف راتبه، ومن أداء عمله لا بد أن يحصل على الحماية الكاملة، حتى يستطيع أن يتقدم وهو مطمئن البال، ويجب أن نتعامل من خلال واقعنا من دون أى هتافات والمسألة تتلخص فى مشكلة تشريعية.
وحول اتهامات البعض لوزارة المالية بأنها تتعامل مع القانون الضريبى كجباية، خصوصا بعد فرض ضريبة الدخل والضريبة العقارية وضريبة المبيعات قال وزير المالية "ضريبة المبيعات مجمدة، وهو موقف نريد أن نضع له حلا بطريقة هيكلية، بحيث يبنى على أسس متقدمة للغاية، أما بالنسبة لمسألة تحول الضريبة إلى جباية فهذا كلام غير دقيق نهائيا، نحن ننظر إلى الدخل الضريبى كنسبة من الناتج القومى وكلنا نسهم فيه، ومعدل الضريبة فى مصر أقل من أى مكان فى العالم، وهناك خلل فى التوزيع.
وأضاف أن "الضرائب وسيلة لإعادة الدخول مرة أخرى للفئات الأقل دخلا، لكى نوسع القاعدة الضريبية وهى أقل من 20 فى المئة، فيما تتراوح فى معظم دول العالم ما بين 35 فى المئة إلى 50 فى المئة، وهذا مرتبط بهيكلة الأجور أيضا والتى كانت فى عام 2010 فى حدود 80 مليار جنيه، لكنها سترتفع العام المقبل إلى 185 مليار جنيه، أى زيادة بنسبة 124 فى المئة، فى ثلاث سنوات فقط، فالضغط الشعبى على الحكومات، دفع بعض مسئوليها لاتخاذ قرارات برفع الرواتب دون النظر إلى العبء المالى على ميزانية الدولة، كما أن ذلك لم يصاحبه برامج ترشيد فى مواقع أخرى".
وعن برامج ترشيد دعم الطاقة التى بدأها الوزير السابق قال "سوف أكمل ما بدأه الدكتور أحمد جلال، ولا يمكن أن يستمر دعم الطاقة كما هو عليه لأصحاب الدخول القليلة، لكى نحقق العدالة الاجتماعية علينا أن نتعامل مع 300 مليار جنيه تذهب لدعم الطاقة، كما أن مجموع ما صرف خلال 10 سنوات سابقة على المنح والمزايا وبرامج الدعم بلغ تريليون جنيه، فهل لمسنا تحسنا فى الحالة المعيشية للناس توازى هذا المبلغ؟، وهل معدلات الفقر تحسنت؟، وهل هناك عدالة فى توزيع الدخول؟، لا بد أن نجد آليات جديدة لتحسين ظروف الأحوال المعيشية، غير برامج الدعم المهدرة للمال العام".
وزير المالية: نقدر مساعدات السعودية ولا ضرائب على المصريين بالخارج
السبت، 05 أبريل 2014 12:11 م
هانى قدرى دميان وزير المالية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة