كنا نباهى فى السابق بأننا سادس أكبر الدول المصدرة للغاز فى العالم، ولغبن عقود تصديره أصبحنا الآن نسعى لاستيراده مثل باقى المنتجات البترولية.
فبخلاف شحنات الغاز التى تم شراؤها من حصص الشركاء فى الإنتاج المحلى عن طريق مبادلة شحنات Gas Swap من قطر بالعام الماضى، يتطلب استيراد الغاز المسال بواسطة مستورديه فترات طويلة للاتفاق على شحنات فائضة من تعهدات منتجيه، فضلا عن إنشاء تسهيلات بإعادة الغاز المستورد إلى حالته الغازية، تصل التكلفة المتوقعة لوحدات مثيلة إلى حوالى 300 -500 مليون دولار بخلاف تكلفة الناقلات، والتى تصل تكلفة شراء الواحدة منها إلى 120 مليون دولار لكل ناقلة، يعنى ببساطة سعر الغاز المستورد ثلاث أضعاف المحلى، وهو ما لا يقبله عقل القارئ لخبر قرب استيراد الغاز فى خلال الشهور القادمة للصيف، إلا إذا تم استيراده بالخطوط من دولة مجاورة؟.
نحتاج للغاز الطبيعى بالصناعة وتوليد الكهرباء، ونتيجة لعدم تفعيل بحوث الخبراء منذ عقود طويلة بالتحول للطاقة البديلة الغير ناضبة والنووية، تزايد عوار اتفاقيات إنتاج الغاز لتحفيز شركاء الدولة فى الإهدار! فالبديل " فاتورة تأمين بدائل الغاز" أغلى بكثير.
فقد أدى زيادة سعر استخراج الغاز محليًا للعبء الحكومى والمديونية والعجز فى سداد المستحقات.
وقد تسببت عقود تصدير الغاز المصرى التى أبرمتها الحكومات السابقة فى رهن المستقبل الاقتصادى، من خلال التعاقد لتصدير نسبة 25-30% من إجمالى الإنتاج بسعر صافى العائد، الذى لا تتعدى دولارين لوحدة الطاقة MMbtu دون ضمان أمن الطاقة، لما ستواجهه من تضخم سكانى وتوسع اقتصادى، وبتناقص الإنتاج فرض علينا استيراد، فالبديل مزيد من العجز التجارى باستيراد الوقود الأكثر كلفة وضررًا للبيئة "سولار، مازوت" إضافة إلى تحجيم المستقبل الاقتصادى فى تطوير الصناعة، التى تعتمد على الغاز ومشتقاته لبلد كبير بحجم مصر.
واجهنا منذ فترات متفاوتة مشكلة انقطاع الكهرباء لعجز توليدها بنسبة ١٥٪ فى أقل التقديرات لنقص الغاز، الأمر الذى فاقم الجدل والغضب الشعبى حول هذا الملف المبهم لملابسات غياب الشفافية باستنزاف الغاز بسعر يقل عن التكلفة بالقطاعات الصناعية كثيفة الاعتماد على الغاز كمادة أولية للبتروكيماويات أو طاقة مستخدمة فى إنتاج الأسمدة والكيمياويات والصناعات الأخرى.
فالتراجع فى وضع الطاقة فى مصر ليس وليد الفترة ولكنه جاء نتاجًا لسياسات اقتصادية غير مستدامة ودعم مدخلات الطاقة لفئات محددة من المصانع المحلية، ذات استثمارات دولية ومحلية، شجعت النمو الكبير فى استهلاكتهم من الطاقة وتحقيق مكاسب طائلة على حساب غالبية المجتمع.
حقيقة لا أملك توصيفًا دقيقًا لملف إنتاج الطاقة بشروط لا تحقق المنفعة المحلية، فمعادلة الفرق المالى وانعدام الرؤية لواضعى سياسة الطاقة المصرية تعنى أحد أمرين لا ثالث لهما الغباء أو التواطؤ.
فقد أقنعت الشركات العالمية الدولة فيما سبق بتصدير الغاز "الفائض" من خلال استثمار مبالغ هائلة فى مشاريع تصدير عملاقة، دون اعتبار ما إذا كانت تدر عائد عادل للدولة، التى تقف اليوم على شراء الغاز بأكثر من قيمة تصديره بتعاقدات الأمس. والمعادلة فيها من الألغاز الكثير، فما تعانيه الدولة فى مواجهة أزمات إمدادات الوقود التى تتصاعد وتيرتها لهو نتاج لضغوط شركاء العقود بعدم التزامهم بخطط الإنتاج وتنميتة، استمرار خسائر النظام المتبع فى اقتسام الإنتاج منذ عشرات السنين وعدم الحد من نزيف موارد الدولة الذى لا يتعدى عائدها (50%) من قيمة الإنتاج” قبل الإتاوة والضرائب التى يتحملها الجانب الوطنى نيابة عن الشركاء الأجانب”، فضلا عن زيادة نفقات تلك العقود ورفع سعر الغاز المنتج مع انخفاض الإنتاجية وشراء حصص إنتاج الشركاء.
نعم نحن بأمس الحاجة للاستثمار الاجنبى ونتطلع للدور الإيجابى من قبل الشركات العالمية، لكن فى نفس الوقت على الدولة، أن تأخذ بعين الاعتبار كيفية التعامل مع العقود المبرمة، لإحقاق التوازن التجارى. فبحسب نص جميع العقود البترولية يتعين تفعيل نصوص التزامات الشركاء بالانفاق على تنمية المناطق، التى تعاقد على الإنتاج منها " تقل مساحات المناطق المنماة عن 30% من جملة المساحات المسندة "، رغم الاتفاق على زيادة سعرية، ليصل قيمة الغاز المنتج 6 دولارات للوحدة الحرارية فى بعض العقود
عماد محمد شاهين يكتب: "ألغاز"عجز الطاقة والحلول الممكنة
السبت، 05 أبريل 2014 07:13 م