د. محمد على يوسف

شعور جديد

الجمعة، 04 أبريل 2014 06:06 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أتدرى ما الفارق الرئيسى بيننا وبين سيدنا أبى بكر الصديق، رضى الله عنه، حين سمع قول الله "وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم"، فقال: بلى والله يا رب نحب أن تغفر لنا، وعفا عن مسطح الذى كان قد خاض فى الإفك مع الخائضين؟..

أتدرى ما الفارق الرئيسى بيننا وبين سيدنا أبى الدحداح، الذى تصدق ببستانه لما سمع قول ربه "من ذا الذى يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له"؟..

أتدرى ما الفارق الرئيسى بيننا وبين الفضيل بين عياض، الذى تغيرت حياته بالكامل بعد أن سمع آية واحدة "ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق"، فصاح باكيا بلى يا رب قد آن.. بلى يا رب قد آن، وصار من أعبد الخلق وأتقاهم لله؟..

أتدرى لماذا أجاب الجن حين سمعوا السؤال المتكرر فى سورة الرحمن، "فبأى آلاء ربكما تكذبان"، فردوا من فورهم: "لا بشىء من آلائك نكذب ربنا ولك الحمد"، واستحسن النبى إجابتهم؟..

أتدرى لماذا صاح الصحابة: انتهينا يا رب انتهينا يا رب وأريقت الخمر فى شوارع المدينة أنهارا لما قال الله: "فهل أنتم منتهون" بعد أن ذكر بشاعة الخمر والميسر؟..

أتدرى ما الفارق الرئيسى بيننا وبين هؤلاء وغيرهم ممن أجابوا واستجابوا؟

الفارق إنهم تعاملوا مع القرآن أنه كلام الله لهم، أنهم تفاعلوا مع القرآن ونظروا إليه نظرة سديدة دقيقة ظهر أثرها جليا فى ردود أفعالهم التى ذكرت فى السطور السابقة طرفاً يسيراً منها. نظرة مفادها وخلاصة أثرها: أن الله يكلمنا، هذه الآيات كلام الله لنا، ملك الملوك يخاطبنا نحن، هذه النداءات والسؤالات والأوامر والنواهى والتوجيهات موجهة لنا لك ولى.. كيف إذن لا أرد؟ كيف إذن لا أتفاعل؟ وهل يسعنى أن أعرض وألا أجيب ولا أستجيب؟ هذا هو الفارق المحورى بيننا وبينه..

للأسف كثيراً ما نتعامل مع القرآن على أنه فقط كتاب شعائرى تعبدى أو أنه وسيلة لتحصيل الحسنات وجمع الثواب فى المواسم التعبدية وحسب، بينما ننسى أو نتغافل عن تلك الحقيقة العظمى.. حقيقة أنه كلام الله، أنه حبله الممدود طرفه بأيدينا كما وصفه رسوله صلى الله عليه وسلم ورغم أن حل كثير من مشكلاتك ومفاتح نفسك وتذكرة أوبتك قد تكمن فى آية واحدة أو فى كلمة أو كلمات ربانية تقرؤها أو تسمعها فتشعر أنها موجهة لك أنت تنتشلك معانيها.. وتشفيك موعظتها.. وتضىء توجيهاتها طريقك، ورغم أنه كثيرا ما يكون الحل فى التذكير بالقرآن – وحسب - دون وسيط أو إضافة أو تكلف أو كثير من كلام البلغاء ونظم الفصحاء الذى ربما يكون له مواطن أخرى.

رغم كل ذلك إلا أن قليلا من ينتبه وقليلا من يدرك هذه الحقيقة البسيطة النقية حقيقة كونك فى لحظة ما تحتاج إلى أن يُخلَّى بينك وبين كلام ربك.. وأن تتذكر أنه كلام ربك وأنه يدعوك.. يدعوك ليغفر لك، كما قال عن نفسه، حاول تتعامل مع القرآن من هذا المنطلق.. حاول أن تتفاعل معه.. تجيب عن سؤالاته وتمتثل لأمره وتنتهى عن نهيه، حاول تستشعر أنك أنت المخاطب أنت نعم أنت.. حاول تعتبر أن اسمك مكان كل كلمة عبادى أو الذين آمنوا أو الناس وسائر تلك الكلمات التى تأتى بعد النداءات القرآنية الكثيرة واستمتع بشعور جديد.. شعور أن ربك يناديك يكلمك.. يسألك.. حاول وصدقنى ستلمس بإذن الله فارقا كبيرا وتغيرا واضحا فى علاقتك بالقرآن فقط إذا ترسخت فى نفسك تلك القيمة ونبت ذلك الشعور الجديد شعور بأنه يكلمك.. أنت.








مشاركة

التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

You've imrpessed us all with that posting!

You've imrpessed us all with that posting!

You've imrpessed us all with that posting!

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة