اليوم تحل ذكرى السادسة عشر، لرحيل صاحب الكلمات التى لم ينساها الوطن العربى بأكمله، وهو شاعر"الحب والمرأة" نزار بن توفيق القبانى والذى عرف باسم نزار قبانى، إذ رحل عن عالمنا فى مثل هذا اليوم 30 إبريل 1998.
كان نزار قبانى دبلوماسى وشاعر سورى معاصر، ولد فى 21 مارس 1923م من أسرة دمشقية عريقة إذ يعتبر جده أبو خليل القبانى رائد المسرح العربى، وكما يقول القبانى فى مذكراته، أنه ورث من أبيه ميله نحو الشعر، و خلال طفولته كان يحبّ الرسم ولذلك وجد نفسه بين الخامسة والثانية عشر من عمره غارقًا فى بحر من الألوان، ومن ثم شُغف بالموسيقى، وتعلّم على يد أستاذ خاص العزف والتلحين على آلة العود، لكنّ الدراسة خصوصًا خلال المرحلة الثانوية، جعلته يعتكف عنها.
درس الحقوق فى الجامعة السورية، وفور تخرجه منها عام 1945، والتحق بوازرة الخارجية السوريّة، وفى العام نفسه عيّن فى السفارة السوريّة فى القاهرة، وانتقل بعد ذلك إلى عواصم أخرى مختلفة، فعمل فى السفارات السوريّة فى أنقرة ولندن ومدريد وبكين وبيروت حتى استقال عام 1966، ليتفرغ للعمل الأدبى.
صدر أولى دواوينه عام 1944م بعنوان "قالت لى السمراء"، وظل يكتب حتى بلغ خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات".
كما أسس دار نشر لأعماله فى بيروت باسم "منشورات نزار قبانى" وكان لدمشق وبيروت حيزًا خاصًا فى أشعاره لعل أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت"، أحدثت حرب 1967 مفترقًا حاسمًا فى تجربته، إذ أخرجته من نمطه التقليدى بوصفه شاعر الحب والمرأة لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة فى الوطن العربى وصلت إلى حد منع أشعاره فى وسائل الإعلام.
كما كتب قبانى العديد من الشعر الغنائى منها"أصبح عندى الآن بندقية، رسالة عاجلة إليك" لأم كلثوم، "رسالة من تحت الماء، قارئة الفنجان" لعبد الحليم حافظ، "ماذا أقول له، متى ستعرف كم أهواك، أسألك الرحيلا" لنجاة الصغيرة،" رسالة من امرأة" لفايزة أحمد، كما كتب لفيروز، وماجدة الرومى، وكاظم الساهر وغيرهم الكثير.
عرف قبّانى مآسى عديدة فى حياته، منها انتحار شقيقته، بعد أن أجبرها أهلها على الزواج من رجل لم تكن تحبّه، وهو ما ترك أثرًا عميقًا فى نفسه، ومقتل زوجته بلقيس خلال تفجير انتحارى فى بيروت، وصولاً إلى وفاة ابنه توفيق الذى رثاه فى قصيدته "الأمير الخرافى توفيق قبانى"، وقد عاش السنوات الأخيرة من حياته فى لندن يكتب الشعر السياسى ومن قصائده الأخيرة" متى يعلنون وفاة العرب؟".
وفى عام 1997م، كان يعانى نزار قبانى من تردى فى حالته الصحية ورحل عن عالمنا فى30 أبريل 1998، عن عمر يناهز الخامسة والسبعين فى لندن، نتيجة لأزمة قلبية.
وكتب قبانى فى وصيته وهو بالمستشفى بلندن، بأن يدفن فى دمشق التى وصفها وصيته قائلاً:
"الرحم الذى علمنى الشعر، الذى علمنى الإبداع والذى علمنى أبجدية الياسمين".