لعقود طويلة فرضت «أسوان» نفسها كمقصد من أهم المقاصد السياحية فى مصر، لما تتمتع به من طبيعة ساحرة وكنوز أثرية، وعادت قبل أسابيع لتفرض نفسها بقوة على ساحة الأحداث فى مصر مع اندلاع اشتباكات دامية بين قبيلتى الهلايل والدابودية، أودت بحياة 26 شخصا فضلا عن عشرات المصابين، واستدعت تدخل الدولة والأزهر والشخصيات العامة لوقف تداعيات تلك الفتنة.
«اليوم السابع» التقت محافظ أسوان اللواء مصطفى يسرى وحاورته بشأن الأوضاع حاليا فى المحافظة، فضلا عن أوضاع مشروعات التنمية والخدمات المقدمة فى مختلف المناطق.. وإلى نص الحوار:
نريد أن نطمئن منكم على الأوضاع الأمنية فى المحافظة بعد النزاع المسلح بين قبيلتى الدابودية والهلايل؟
- الأوضاع الأمنية مستقرة تماما فى مختلف ربوع المحافظة وهو ما يعكس تزايد نسب التدفق السياحى خلال الفترة الحالية، كما أن جهود المصالحة مستمرة وتتم برعاية الإمام الأكبر شيخ الأزهر، فضلا عن المبادرات الشعبية والتى تعكس تلاحم المصريين بكل فئاتهم وأطيافهم عند المحن، وحرصهم على تجاوز هذه المحنة التى ألمت بأهل أسوان الذين يشتهرون بحسن التعامل والأخلاق وبشاشة الاستقبال.
والحقيقة أيضا أنه يجب الإشادة بالدور الحكيم والشجاع لقيادات وشباب القبيلتين فى التصدى للمحاولات الدنيئة لإثارة الفتنة بينهم ومقاومتها لتغليب المصلحة العليا للبلاد، وعدم ترك الأمور للمزايدين وأصحاب المصالح الشخصية، خاصة أن الجميع يدرك أن هذا الحادث العارض جاء نتيجة لعوامل كثيرة منها زيادة معدلات البطالة، وتغير الثقافات والسلوكيات لدى الشباب، الذى ساهم بدوره فى انتشار العنف والتعصب والنعرات القبلية لتتحول مشكلة بسيطة بين طلاب أحد المدارس إلى أحداث غريبة عن أسوان وأهلها.
وهل يتوقف دور المحافظة عند متابعة هذه المبادرات؟
- المحافظة والدولة بكل أجهزتها الحكومية والأمنية والدينية تقف بجانب أبناء أسوان لعبور هذه الفتنة التى تم إشعالها لتفتيت تماسك المجتمع والجبهة الداخلية من خلال إحداث الوقيعة بينهم، وهناك متابعة أولا بأول من رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء وكل أجهزة المحافظة للاطمئنان على استقرار الأوضاع.
وما مدى انتظام المرافق والخدمات فى منطقة شرق مدينة أسوان التى شهدت الأحداث المؤسفة؟
- جميع المرافق الخدمية بأنحاء المحافظة تعمل بكفاءة بدون استثناء وفيما يتعلق بشرق مدينة أسوان، فإن العملية التعليمية مستقرة، ولا توجد أية معوقات بجانب انتظام عمل المخابز، وتوزيع المواد التموينية مثل أى منطقة بالمحافظة، كما أن لجنة حصر الخسائر والتلفيات المادية تقوم بأعمالها، لإعادة الأمور لطبيعتها بإزالة كل آثار الاشتباكات المؤسفة، فهناك جهود حثيثة وسريعة لإعادة تأهيل وترميم المساكن والمحلات التى تعرضت لبعض التلفيات بها خلال الاشتباكات الأخيرة، وتجرى حاليا فى 50 مسكن كمرحلة أولى بعد انتهاء معاينة النيابة العامة والبحث الجنائى لهم، بجانب 15 محلا تجاريا، فى حين سيتم البدء فى 50 مسكنا آخر بمجرد موافقة النيابة العامة على البدء فيها، وأنا أتلقى تقريراً يومياً عن مدى تنفيذ الأعمال الجارية، وأعمل على تذليل أى عقبات لإنهائها طبقاً للبرنامج الزمنى؟.
رغم وجود مستشفى جامعى بأسوان ومركز قلب عالمى ومعهد أورام إلا أن الكثير من أهالى أسوان لا يجدون فرصة للعلاج فى بلدهم، ويتكبدون مشاق وعناء السفر لأسيوط والقاهرة، كما أن أغلب الوحداث الصحية خالية من الأطباء، بجانب نقص الإمكانيات المتاحة للرعاية المركزة.. ما ردكم؟
- وزارة الصحة تدعم المحافظة بشكل كامل فى كل المجالات الطبية للارتقاء بمستوى المنظومة الصحية، وتوفير الرعاية الكاملة للمواطنين حيث تم خلال الفترة الأخيرة رفع ميزانية الصحة المخصصة للمحافظة إلى 230 مليون جنيه لأول مرة فى تاريخ المحافظة، وشملت أعمال التجديد والتطوير للمستشفيات، بجانب شراء العديد من الأجهزة الطبية الحديثة، وكل ذلك يتواكب مع تنظيم قوافل طبية للمناطق النائية، تضم كل التخصصات الطبية، بالإضافة إلى دعم كل المستشفيات والوحدات الصحية بكميات كبيرة من العلاج والمستلزمات الطبية. فضلا عن ذلك فقد تم بدء العمل بالفعل فى إنشاء مستشفى أسوان العام بالصداقة الجديدة بتكلفة 300 مليون جنيه ومن المقرر الانتهاء منه فى بداية عام 2015، ويتوازى ذلك مع الانتهاء من تجهيز مستشفى غرب أسوان بتكلفة 3ملايين جنيه بجانب تطوير معظم مستشفيات أسوان، وأنا تدخلت لدى وزارة الصحة لتعزيز مستشفيات أسوان بأكبر دفعة من الأطباء فى تاريخها، كما أننى خصصت يوما كاملا فى الشهر للاطمئنان على كفاءة المنظمومة الصحية والعلاجية ميدانيا على أرض الواقع بكل ربوع المحافظة وبشكل مفاجئ.
متى تنتهى مشكلة مياه الشرب التى تعانى منها منطقة الصداقة الجديدة؟
- من المقرر خلال أيام أن يكون هناك انتظام فى ضخ مياه الشرب لهذه المنطقة، والتى تحمل أهلها كثيرا، وذلك بسبب أعمال التطوير وتحسين كفاءة رافعات المياه سواء رافع الجزيرة أو رافع السيل، بالإضافة إلى تطوير بقية الروافع بالصداقة.
لرافع محطة الجزيرة والتى يجرى حالياً التشغيل التجريبى للطلمبات التى تم إضافتها للمحطة وتركيبها على قواعد خراسانية، وتضم 2 طلمبة جديدة، وإحلال وتجديد محطة الصداقة الجديدة العلوية، بإضافة 4 طلمبات جديدة، وبالانتهاء من أعمال الإحلال والتجديد لهذه المحطات ستنتهى تماماً مشكلة ضعف تدفق مياه الشرب لمنطقة الصداقة الجديدة، وخاصة أنه يجرى فى نفس الوقت تعديل مسار خط مياه الشرب المغذى للخزان العلوى بالصداقة بطول 1 كم، لاستيعاب كل كميات المياه التى يتم ضخها للخزان العلوى 2، و3 بالصداقة.
تم مؤخرا تمثيل أسوان فى بورصة السياحة فى برلين.. هل تنوون المشاركة فى بورصات سياحية أخرى؟
- تمثيل أسوان فى بورصة برلين لأول مرة شىء يجب استثماره بشكل جيد، لما سيكون له من تأثير على التدفق السياحى للمحافظة، خاصة وأن بورصة برلين هى من أكبر البورصات العالمية، وعندما التقيت مع بعض أبناء الجالية الأسوانية بألمانيا وبالعاصمة برلين، كان هناك اقتراح بأن يأتى أبناء الجالية برفقة أصدقائهم الألمان وزملائهم بالمدارس والجامعات لزيارة أسوان، خاصة أنهم يدرسون فى ألمانيا الحضارة الفرعونية، وبالفعل كان هناك فوج مكون من 50 شابا من ألمانيا، كان من المقرر أن يصلوا أسوان فى إبريل الجارى ولكن تم إلغاء الزيارة بعد أحداث أسوان المؤسفة.
ونحن نستهدف أن يمكث السائح أكبر فترة زمنية ممكنة بالمنتجعات السياحية بالمحافظة، لزيادة الليالى السياحية والعائد الاقتصادى، خاصة وأن أسوان تتسم بتنوع المنتج السياحى من سياحة ثقافية وأثرية وبيئية وعلاجية وسفارى وصيد ومراقبة الطيور، بجانب الجزر والمناظر الطبيعية الخلابة، فضلا عن أن جميع المعابد والمزارات والمتاحف الأثرية تشهد تأمينا كاملا من خلال كاميرات المراقبة لرصد أى تجاوزات فى معاملة السائحين وهو الذى دفع المحافظة لابتكار منظومة جديدة سيتم تطبيقها خلال الموسم السياحى القادم، تقوم على وضع شعار الجودة الذى يماثل الأيزو على كل المحلات والبازارات والكافتيريات والمطاعم الملتزمة بمعايير النظافة وحسن المعاملة والالتزام بالأسعار وصلاحية وجودة السلع لضمان الحفاظ على حقوق المستهلك سواء كان مواطنا أو سائحا، وفى حالة الشكوى من المترددين سواء كانوا سائحين أو مصريين عند عدم الالتزام بذلك، سيتم رفع شعار الجودة من مصدر الخدمة.
مع انحسار التدفق السياحى.. برأيك ما الواجب على شباب أسوان الذين يعتمدون بشكل كبير على هذا القطاع؟
- أنصح أبنائى الشباب بعدم الاعتماد بشكل كامل على السياحة تحسبا لأى ظروف نظرا لحساسية صناعة السياحة، وأطمئنهم بأن هناك حزمة من المشروعات التى تم تقديمها لمكتب استثمار المحافظة، وهى من شأنها أن توفر الآلاف من فرص العمل للشباب.
يتطلع الكثيرون إلى أن تساهم أسوان بطبيعتها فى الاتجاه إلى الطاقة الشمسية.. كيف ترون المستقبل بالمحافظة فى هذا الشأن؟
- الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة فى توفير الطاقة بمختلف أنواعها يعد الحل الأمثل لمواجهة مشكلة نقص الكهرباء التى أصبحت من أهم التحديات التى تواجه مصر فى الفترة الحالية، وأسوان منحها الله موقعا جغرافيا متميزا يجعلها تقع فى قلب الحزام الشمسى، وبذلك فإنها تعد من أغنى المناطق فى العالم بالطاقة الشمسية، كما أنها ونظراً لوقوعها فى منطقة الإقليم المدارى الجاف فهى تتمتع بشمس ساطعة طوال أيام السنة، ما يجعلها تمتلك ثروة هائلة من طاقة الشمس التى يجب العمل على استثمارها واستغلالها بالشكل الأمثل خاصة أنها صديقة للبيئة ولا تسبب أى أضرار أو ملوثات بيئية أو سمعية أو بصرية قد تؤثر بالسلب على صحة الإنسان أو البيئة المحيطة به.
وأسوان الآن أصبحت قبلة للعديد من مشروعات الطاقة المتجددة وعلى رأسها المحطات الشمسية التى تعمل بنظام التخزين الحرارى، حيث تستعد وزارة الكهرباء لإنشاء أضخم محطة توليد كهرباء باستخدام الخلايا الشمسية بقرية فارس غرب كوم امبو بقدرة 20 ميجا وات وباستثمارات 315 مليون جنيه لتضاف هذه الطاقة إلى الشبكة القومية الموحدة، وأؤكد أن مثل هذه المشروعات ستوفر الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة وتساهم فى مواجهة غول البطالة.
ومشروع محطة أسوان الشمسية يعد البداية أمام القطاع الخاص لاستثمار الطاقة الشمسية لإنشاء محطات شمسية أخرى، تساهم فى توفير كميات كبيرة من الكهرباء يمكن استغلالها فى تشغيل العديد من المشروعات الضخمة التى تساهم بدورها فى تقدم ونهضة الوطن، وسوف يتم عمل خلايا طاقة شمسية أعلى ديوان المحافظة لتشغيله بالطاقة الشمسية مناصفة مع وزارة البيئة، بجانب تعميم هذه التجربة على بقية مبانى الوحدات المحلية بالمحافظة وكذلك كمائن الشرطة على الطرق السريعة كى تتمكن من أداء دورها الأمنى فى تأمين المواطنين وأيضا إنارة حوالى 490 عامود إنارة بواسطة خلايا الطاقة الشمسية.
نريد أن نعرف منكم أسباب توقف افتتاح الميناء البرى الحدودى بين مصر والسودان؟
- قريبا سيتم تشغيل الميناء البرى بين مصر والسودان بشكل تجريبى وذلك بعد أن كان هناك اجتماع ضم الجانبين المصرى والسودانى وتمت خلاله مناقشة كل العقبات أمام بدء التشغيل ووضع حلول لها.
محافظ أسوان: الأزهر والمبادرات الشعبية أنهيا فتنة «الدابودية» و«الهلايل»..اللواء مصطفى يسرى: طاقة مصر الشمسية ستشرق من عندنا وتحل أزمة الكهرباء التى تواجه مصر
الأربعاء، 30 أبريل 2014 09:32 ص