فاتن البوشى تكتب: الوجع فى جملة "سنة الحياة"

الأربعاء، 30 أبريل 2014 06:02 م
فاتن البوشى تكتب: الوجع فى جملة "سنة الحياة" صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أخذت تتراءى أمام عينيها الذكريات، فـرأسها ملىء بأحداث كثيرة وذكريات منها الحزين ومنها السعيد، ولكن كان للحزين الموجع النصيب الأكبر فى كتاب ذكرياتها، وهذا قدرها الذى حمدت المولى سبحانه وتعالى عليه.

عندما يولد الوجع فى قلب أم وصلت لسن المعاش، وتجد كل ما حولها يقول لها دورك انتهى أنت كبرتى أصبحتى الآن بالمعاش ارتاحى, تشعر وكأنهم يقولون لها اعتزلى الحياة أو بمعنى أصح (كفاية عليك حياة) بعد أن كانت نبض الحياة وجسدا مفعما بالحيوية والنشاط، وهمه لا تتفرعن ولا تمل كانت حولها أطفالها يطلبون الرعاية والعناية، وقبل كل هذا كانوا متعطشين إلى الحب والعطاء، وإلى كلمة معناها أكبر من أن تشملها حروف إلى (الأم).

كانت تلك الأم التى تمنوها وأرادوها لم تعرف الملل يوما أحبت العطاء، لأنه يرضى غريزة الأمومة فى داخلها، كانت كل شىء فى حياتهم, الأمان تحملت أخطاءهم ورسمت لهم طريقهم عرفتهم الصح والخطأ الحلال والحرام الحب وصلة الرحم العيادة والتقرب إلى الله.

تمنت أن يدخلهم الله الجنة، فحرصت أن تدلهم على طريقها.
تعبت ..عانت.. فرحت ...بكت.. ولكنها ربيت.. كبروا وكبرت.. أينعوا وذبلت وفجأة نظرت حولها فلم تجد أحدا منهم وبدأت تسأل أين ذهبوا؟ أين هم؟ كيف حالهم؟ وكان ردهم واحد مسئوليات الحياة المشاغل والعائلة والزوجة والأطفال والعمل والمستقبل.

وهى؟! أين هى من كل هذا؟ تردد لنفسها صرت ماض مجرد ذكرى صفحة فى كتاب طفولتهم المليئة بالذكريات أيام البراءة واللعب والشقاوة والحرية، نعم مجرد صفحة لا تجد لها مكانا فى يومياتهم الآن.

فراغ فى حياتى لم أعتقد أنى سأعيده يوما كنت أبحث عن دقيقة هدوء أرتاح بها من أصوات مشاجراتهم، كنت أجد فى نومهم إجازة ممتعة لى، والآن أبحث عن ضجيجهم، والآن أدخل غرفهم أبحث عنهم، وأستعيد ذكرياتى معهم، إنها سنة الحياة (يالها من جملة تحمل بداخلها كل الوجع) عندما تجبرك على على الوحدة والعزلة وتشعر وكأنك بطىء النسيان، ولكننى استبحت لهم العذر تحت مسمى تلك الجملة الموجعة (سنة الحياة).

فرأيت أمومتى تتجسد فى أمومتهم وتعاملهم مع أطفالهم، ورأيت انشغالى بهم ينعكس فى بيتهم ومسؤولياتهم.

ابنتى فى بيت زوجها تبحث عن ذات الراحة التى كنت أبحث عنها، وإن وجدتها لا تقضيها عندى ستلجأ إلى فراشها دون تفكير.
وابنتى التانية محكومة ببيتها وأطفالها.

هكذا هى الحياة أعرفها ربما الآن، والآن فقط تذكرت أمى رحمها الله، وكانت لا نطلب إلا أن ترانا لنملأ فراغها بوجودنا حولها، وتنعش ضحكاتنا قلبها أن نشركها، ولو بالحديث عن مشاريعنا وأفكارنا، وأن نقول لها "أمى" من صميم قلوبنا.

رحلت وربما ماتت قبل أن تموت حقيقة بسنين، رحلت حين أيقنت ألا دور لها فى حياتنا، وأنها مجرد صفحة فى كتاب ذكرياتنا تماما كما أنا الآن, إنها هى المؤلمة الموجعة التى نرضى بها رغم وجعنا لنموت ونحن أحياء "سنة الحياة".





مشاركة




التعليقات 3

عدد الردود 0

بواسطة:

مصرى

مقالة جميلة !! يا فاتن !!.....وفعلاً !!.......ف سُنة الحياة !!.....تحوى فى طياتها وجع دفين

عدد الردود 0

بواسطة:

الصحفى / محمد قويدر

مقال رائع جدآ ويناقش موضوع فى غاية الآهمية ، احسنتي اختي الكاتبة /فاتن البوشي

عدد الردود 0

بواسطة:

emad gharam

(( ملكة الاحسااااااااااااااس ))

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة