تحتفل مدينة الأقصر التاريخية، فى صعيد مصر، بيوم اليتيم على خطى الفراعنة، الذين تنتشر معابدهم ومقابرهم فى شرق المدينة وغربها، وتتضمن الاحتفالات بجانب الحفلات الترفيهية للأيتام وتقديم الهدايا لهم، وتنظيم رحلات جماعية لزيارة آثار الفراعنة، واسترجاع صورة اليتيم فى مصر القديمة، وكيف كان يحظى بمكانة ورعاية خاصة فى المجتمع الفرعونى.
وقالت نجلاء عبد العال الصادق، منسق لجنة نجدة الطفل فى المحافظة، إن احتفالات الأقصر بيوم اليتيم لها طابع خاص يرجع تاريخه لآلاف السنين، مشيرة إلى أن الرسوم والنقوش الفرعونية التى تمتلئ بها مقابر ومعابد قدماء المصريين وخاصة مقابر الأشراف ودير المدينة وذراع أبو النجا ومقابر ملوك وملكات الفراعنة ومعابد هابو ومعابد الكرنك وغيرها فى غرب الأقصر وشرقها تؤكد أن الفراعنة اهتموا بالأطفال الأيتام وقدموا الرعاية الاجتماعية لهم وعملوا على إسعادهم قبل آلاف السنين .
وأوضحت منسقة لجنة نجدة الطفل بمحافظة الأقصر أن المصريين القدماء حرصوا على الترفيه عن الأطفال الأيتام وتوفير الألعاب لهم لتعويضهم عن فقد ذويهم، وأن الود الاجتماعى كان سائدًا وكان الجميع يحرصون على تقوية الصلات المنزلية والعائلية ومن بينها رعاية الأبناء الأيتام والنساء الأرامل.
كما عرف المصرى القديم بأنه كان مخلصًا لبيته، وكان يحترم الأمهات والأطفال إلى درجة العبادة، وأنه كان على الطفل الذى يرحل والده عن الدنيا أن يتولى المهمة المقدسة المتمثلة فى أن يمنح الحياة لاسم والده بعد انتقال الأب للعالم الآخر، وكان الابن يشعر بأنه ملزم بتكريم والده بعد وفاته بدفنه وإقامة تمثال له فى معبد مدينته .
وأضافت أن الفراعنة كانوا يقومون بتوفير الألعاب وإتاحة اللعب لأطفالهم وبخاصة الأيتام بهدف الترويح والتخفيف عنهم ولأن اللعب قديم قدم الإنسانية فإن مقابر ومعابد الفراعنة تعج بالحكايات والرسوم التى تسجل وتصور الألعاب واللعب فى مصر القديمة.
والمثير - بحسب قول نجلاء عبد العال الصادق - هو أن المصريين القدماء عرفوا لعبة الطاولة والعرائس المتحركة أما الفتيات المصريات - كما تروى كتب المصريات - فقد لعبن الكرة منذ عصور الفراعنة.
ومن لعب الأطفال عند قدماء المصريين "الخذاريف"- جمع خذروف وهو النحلة الدوارة - والمصلصلات - أى الشخاشيخ والعرائس الراقصة والتماسيح ذات الفكين المتحركين وكانت البنات الصغيرات يلعبن بعرائس من الخشب صغيرة الحجم فى صورة أطفال فى أسرة صغيرة.
أما الفتيات فكن يلعبن الكرة بمهارة ورشاقة ليشغلن سيدهن، أما الصبيان الكبار فكانوا يلعبون ألعاب المهارة التى كانت منتشرة فى مهرجانات الأسواق كالرماية والصيد بالعصا والسير على الحبل المشدود والمصارعة والجرى والقفز، وقد مارسوا هذه الرياضات حسب قواعد معتمدة، ومن بين الألعاب المصورة على المصاطب والجدران لعبة قفز غريبة تتكون العوائق فيها من لاعبين جالسين على تراب الأرض، أما الكبار فاهتموا بالرياضة، كما كانوا يفضلون الجلوس فى الظل أو على قارعة الطريق يمارسون ألعابهم مثل لعبة الأفعى ولعبة الأوزة ولعبة الزينت التى تعرف اليوم بالطاولة أو النرد، وكانوا يلعبونها فوق لوحة مقسمة إلى ثلاثين مربعًا.
وأشارت منسقة لجنة الطفل فى محافظة الأقصر التاريخية بصعيد مصر إلى أنه فى طبقات المجتمع الفقيرة بمصر القديمة كانت الأم تتولى تربية الأطفال وفى الطبقات العليا توفر الخادمات الرعاية اليومية للطفل ويتولى الخال أو العم مسئولية رعاية الأطفال الأيتام ويوفر لهم ما يوفره لأبنائه، ويتولى الأبناء مسؤولياتهم مبكرًا فى الحياة وكان يسلك البنون والبنات مسالك مختلفة فالبنون يتعلمون تجارة أو حرفة من الأب أو من آخرين ويتوقع من الصبى أن يسير على خطى والده.
أما الفتيات فكن يتلقين تدريبهن فى البيت ويساعدن فى أعمال منزلية ويسهمن فى العمل بالحقل عند الحاجة كما كن يتعلمن فنون الرقص والموسيقى والعلاج أيضا، وإن كافة فئات المجتمع فى مصر القديمة كانت تحرص على أن يرث الأيتام آبائهم وكان الابن يرث الأرض وكانت الابنة ترث المجوهرات والأثاث.
يذكر أن يوم اليتيم هو اليوم الذى يكرم فيه الأيتام، وتنظم فيه العديد من الأنشطة الترفيهية والاجتماعية للأيتام. ويوافق يوم الجمعة الأول من شهر أبريل فى مصر. وترجع فكرة الاحتفال بهذا اليوم فى مصر إلى عام 2004 بدعوة من دار الأورمان للأيتام لعمل حملة قومية لمساعدة الأيتام لتوعية الناس برعايتهم.
محافظ الأقصر اللواء طارق سعد الدين
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة