سلامة الرقيعى يكتب : سيناء من زوايا مختلفة

الثلاثاء، 29 أبريل 2014 08:05 م
سلامة الرقيعى يكتب : سيناء من زوايا مختلفة سيناء

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ليست سيناء هى تلك المساحة الجغرافية المحاطة بذراعين من المياه، اكتمل أحدهما بممر مائى يسمح بتواصل البحار، ومن ثم اليابسة التى وضعت حداً فاصلاً للقارات القديمة، ثم كادت أن تحيطها المياه من كل جانب غير أنها استقرت لتكون شبه جزيرة، فامتدت بعمقها المتصحر نحو فلسطين لتتخذ من نفسها بوابة شرقية مفتوحة على مصراعيها قديماً حتى رسم معالمها الحدودية من طابا جنوباً وحتى رفح شمالاً فى عام 1906م، والتى أغلقت فى عام 1948م، وكانت مستباحة فى عام 1956م وعام 1967م، إلى أن فتح جانباً منها فى عام 1973م، حتى اكتمل عند رفح فى عام 1982م وتحكيم طابا فى عام1989م.

واستقرت برهة من الزمن تنتظر حظها من التنمية بعد شوق وحنين إلى الأم الرءوم مصر، وبعد أن عاشت فى أنين تنفرط له القلوب من محتل غاشم تعلق بها وبكى لضياعها وطبيعة صارمة لا تحفل بالحياة إلا لفئة اتخذت لنفسها زاوية فى رأسها الجنوبى، تاركة باقى الجسد يحاول التقاط أنفاسه، وبين حدود فى أكثرها مأمونة الجانب بحسب الاتفاقيات والمعاهدات، وفى أقلها مضطربة مع قطاع غزة لاختلاف الرؤية ومظنة التبعات، ولأن الوجهة إلى مصر والملاذ الآمن فى أحضانها مهما كان مما يضع المشهد الراهن تجاه حالة عارضة ماتلبث أن تزول.

ولعل التناول الإعلامى والمجتمعى لسيناء فى الآونة الأخيرة أخذها من زاوية أنها مرتع للإرهاب والتطرف دون باقى الزوايا التى تظهرها بصورة أوضح مما هى عليه الآن.

فلاتزال هى تلك البقعة الجغرافية الحرجة فى ذهن الكثير، على الرغم من أن الحوادث منزوية فى الجزء الشمالى الشرقى الملاصق للحدود مع غزة، ويرى البعض أن مايحدث فيها يمثل صورة أقل من باقى الجمهورية، الأمر الذى يعزز فكرة تحديد رؤية متكاملة تشمل الجوانب المجتمعية والأمنية والتنموية.

وبمشاهدة الواقع نجد أن غرب سيناء ووسطها وجنوبها تعيش فى أمان وواقع يساعد على الاستقرار، إلا أن تلك البقعة من تلك المساحة السالفة هى الطاغية على المشهد من حيث التعامل الأمنى، ومن حيث التناول الإعلامى.

ولعل حظوظ بعض السكان تتفاوت مابين العيش أحرارا طلقاء أو محبوسين سجناء تنقطع بهم السبل نهاراً إلا من غيث اتصال يأتيهم بليل، لتشكل جسور التواصل عن الحال والأهل وأين المصير؟ مساحة قصيرة يتم اغتنامها على عجل، وقبل أن تكون سيناء خارج التغطية كما تم الترويج لها فى صفحات التواصل الإجتماعى، كنداء يعكس الحالة التى عليها البعض من أهلها فى زواياها البعيدة.

ويزيد من هذا التوقف عند قناة السويس جيئة وذهاباً انتظار لحظات العبور بعد توقف الجسر الرابط بين الضفتين، والذى يصلح إلى أن يكون امتداداً للجسر العربى البرى أعلى خليج العقبة الذى مازال حلماً بعيد المنال ليربط بين القارتين.

وقد تأثرت باقى الزوايا بالحالة الراهنة مع التسليم بأنه إذا ضعف الجانب الأمنى ضعفت التنمية، وإذا اتسعت مساحة التنمية الشاملة وأخذت خطواتها نحو الإنجاز، فإنه يترتب على ذلك أن تزيد نسبة الأمان، وتنعدم حالة الإضطراب فى بعض زواياها.

ففى الجانب الاقتصادى قد يتساءل البعض، كيف السبيل إلى العمل الآمن الحر الكريم، وتوفير فرص الاستثمار، والحد من البطالة وتحقيق الاستثمارات المنتجة؟

حيث يقف حافز جذب العمالة عند حدود فئة موظفى الدولة دون باقى الفئات التى تحتاج إلى فرص مناسبة للعمل الحر والمهنى يتم توفيره من خلال مناطق الصناعات، واتساع الرقعة الزراعية وحسن التصرف فى الأراضى، بما يتواءم مع طبيعة المنطقة، وإعطاء ضمانات لحوافز الاستثمار بما يحقق الجذب المطلوب للموارد البشرية المدربة لتكوين نقطة اتصال تنموى تنطلق منه مصر إلى العالم عبر سيناء.

وفى الجانب الاجتماعى، كيف الطريق إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، وتعميم صور التكافل والترابط بين أركان المجتمع وإشاعة الألفة بين الناس ونشر التعليم، وتعميم الوعى، وحفظ الصحة لبناء الإنسان القادر على مكابدة الصحراء؟

وفى الجانب التنموى تسير العجلة ببطء نتيجة غياب التنسيق وتشتت القيادة التى تساعد على سرعة حركة التنمية بها، وغياب الأولويات وتفضيل مناطق جغرافية بعينها بالمشروعات، لتأخذ حظها فى الجنوب عنها فى الشمال، وترتكز على الترف السياحى دون التصنيع، والتأهيل للمواد الخام والموارد الطبيعية ليتم بها فتح آفاق التصدير.

إننا بحاجة إلى تحقيق إعادة التخطيط بما يتناسب مع الواقع، ودعم ما هو قائم، والتنسيق مع كافة الجهات وتوحيد التشريعات ومنظومة الشباك الواحد بعيداً عن البيروقراطية لتحقيق أهداف الدولة، ومقتضيات الأمن القومى، برعاية للسكان والمكان على هذا الجزء الغالى من أرض الوطن.






مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

صالح المسعودي

سلامة الرقيعي الرمز

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة