يرى باحث مصرى فى شئون الإعلام أن الاحتجاجات الشعبية التى أسقطت عددًا من أنظمة الحكم العربية وما تلاها من أحداث متلاحقة أثبتت أن الصحافة المطبوعة "لم تستوعب درس التغير" ولم تكتسب سرعة إيقاع تناقل الأخبار عبر مواقع التواصل الاجتماعى باعتبارها مساحة للحرية.
ويقول سمير محمود أستاذ الصحافة بجامعة السلطان قابوس بن سعيد بسلطنة عمان فى كتابه (جدران الحرية.. تدوينات الحياة والثورة فى مصر) إن لمواقع التواصل الاجتماعى دورا بارزا فى تحقيق السبق الإعلامى وقدرة كبيرة على سرعة بث الأخبار بما يغرى المواقع الإخبارية الإلكترونية وبعض الفضائيات التلفزيونية بالنقل عنها.
ولكنه ينبه إلى أن الفيس بوك وتويتر ربما يتسببان "فى توريط وسائل الإعلام التقليدية التى تنساق بنهم غريب دون تدقيق" إذ لا يخلو سلوك بعض "الفيس بوكيين" من مجرد رغبة فى الإفصاح عن الذات واستسهال النقل عن الآخرين دون التحقق من مصادر المعلومات.
ويسجل الكتاب جانبا من رصد المؤلف لوقائع "ثورة 25 يناير 2011" التى خلعت الرئيس الأسبق حسنى مبارك وصولا إلى نهاية 2012 حيث تصاعدت الاحتجاجات على إعلان دستورى مثير للجدل كان الرئيس المعزول محمد مرسى المنتمى لجماعة الإخوان محمد مرسى أصدره لتحصين قراراته من الطعن أمام القضاء.
ويقع الكتاب فى 300 صفحة متوسطة القطع وصدر عن (دار الأدهم للنشر والتوزيع) فى القاهرة بغلاف صممه حسام عنتر. ويقول محمود إن صفحات التواصل الاجتماعى تـحولت إلى "جدران الحرية" التى تسعف من لا يجد مساحة لنشر كتاباته فى الصحف بعيدا عن سلطة مسئولى التحرير كما تتميز الكتابة فى الفيس بوك بالتخلى "عن الرسمية. نتوحد مع آخرين ربما تفصل بيننا قارات ومحيطات وفروق توقيت.. حياة كاملة وربما بديلة.. بعفوية نكتب لغة عربية فصيحة أو عامية دارجة" كما يكتب البعض وخصوصا من الأجيال صغيرة السن كلاما عربيا بحروف لاتينية.
ويرى أن بعض ما يسجل فى هذه الصفحات ربما يحتاج إلى تحليل نفسى.. فيقول إن هناك نوعا من التباهى بزيادة أرصدة الإعجاب والتعليقات على ما يكتب "وقد نمارس نوعا من النرجسية والدكتاتورية الخاصة مع الفضح العام حين نجاهر برفض طلبات صداقة" إضافة إلى مزاج يسعى أحيانا إلى توسيع دائرة المعارف فى قائمة الأصدقاء ثم يليه تقلب فى المزاج يدفع إلى "التطهير" بفرز القائمة وحذف غير المرغوب فيهم.
ويضيف أن الفيس بوك "عالم ساحر آسر. يستغرقك إلى حد الإدمان ويحبطك ويقهرك.. إلى حد الاكتئاب" نظرا لتباين ردود الفعل على ما يكتب بسبب عدم تجانس قوائم الأصدقاء التى تضم عابرين إلى جانب من تربطهم معرفة شخصية. ولا يتخيل الكتاب أن يكون للاحتجاجات المستمرة منذ 25 يناير كانون الثانى 2011 هذا الزخم لولا الفيس بوك الذى أتاح قدرا كبيرا من التفاعل "بعد صمت قاتل مارسه المصريون مجبرين طيلة عقود.. اليوم لا يسمح أحد لآخر أن يتخطاه فى الطابور. أى طابور".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة