هل تخيلت مرة أن تمشى فى الشارع ولا ترى أطفالا يلعبون هنا وهناك؟!.. هل تصورت أن تذهب لمدينة الملاهى لتراها خاوية على ألعابها لا تجد من يحرك تروسها؟!.. هل تخيلت أن يمنع أخاك أو أختك أو أيا من أقاربك أطفالهم من الجلوس معك بمفردك.. إن الأمر ليس ببعيد فما من أسرة فى مصر الآن إلا ويفكر جديا إن لم يكن بدأ بالفعل فى منع أطفالها من الخروج للشوارع أو المتنزهات العامة أو حتى الجلوس مع شباب أو رجال غرباء أو حتى من العائلة.
ما من شك أن انتشار ظاهرة التحرش الجنسى بالأطفال فى الآونة الأخيرة، باتت تؤرق كل بيت مصرى، بل إن الأمر أضحى خطيرًا فى ظل انتشار الظاهرة وتفحشها من داخل الأسرة نفسها، فيما عرف باغتصاب الأطفال «المحارم»، فمعظم جرائم الاغتصاب تتم خلف الكواليس وبين الأقارب والأهالى ولا يتم الإعلان عنها، خشية الفضيحة، وما ميادة وهاجر وزينة إلا حالات فردية بزغت إلى الإعلام وأبرزها واستطاعت أسرهم أن تكشف وقائع محاولات الاغتصاب وما خفى كان أعظم.
الرحمة والإنسانية انتزعت حتى من قلوب بعض الأمهات، فقد تجردت والدة الطفلة «ميادة» ضحية حادثة اغتصاب بمحافظة بورسعيد، من كل مشاعر الأمومة التى تأبى الحيوانات أن تتجرد منها وقدمت طفلتها هدية لعشيقها، غير أنها ألقت بالتهمة على زوجها الذى اعترف هو الآخر، لتتفرق دماء ميادة بين والديها وعشيق والدتها.
اغتصاب الطفلة «هاجر» بمدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية، كان آخر حالات الاعتداء على الجنسى على الأطفال، حيث تجرد 3 عاطلين من كل المشاعر الإنسانية، وخطفوها داخل «توك توك» من سوق الخضار بالقرية وضربوا شقيقها الذى لم يتجاوز عمره 9 سنوات، وتوجهوا بالطفلة إلى مكان مهجور على أطراف القرية، وتناوبوا الاعتداء الجنسى عليها.
ورغم سيادة التكتم، فإن هناك بعض الإحصائيات الجزئية التى تم الإعلان عنها حيث كشفت دراسة تحليلية أعدها المجلس القومى للطفولة والأمومة عن أن عدد حالات الاعتداء الجنسى والاغتصاب من قبل الأطفال لأطفال آخرين خلال 15 شهرا، بلغ 78 حالة، و261 حالة من بالغين لأطفال، وكانت آخرها بحسب الدراسة - الطفلة هدى فى المنيا، حيث تقدم والد الطفلة ببلاغ ضد «رجب ع. ا» اتهمه باستدراج نجلته هدى التى تبلغ من العمر خمسة أعوام إلى منزل مهجور واغتصبها وقتلها وحرر محضر برقم «1921» مركز مغاغة.
قطعا إن الأسباب المؤدية لتفشى مثل هذه الجرائم لا تسقط على الأسرة وحدها، بل إن المجتمع ككل وبجميع مؤسساته مسؤول عن ذلك، لكن أيضا هذه لا يمنع أن للأسرة دورا كبيرا فى دحض الجريمة فى حق أطفالها قبل أن تقع، عن طريق التربية السليمة، كما أنه من الضرورى السيطرة على المحتويات الإعلامية التى يتعرض لها الأطفال ولا تناسب فئاتهم العمرية كالأفلام والمسلسلات الهابطة التى تحض على أعمال العنف، وتعمد على العنصر الجنسى، إضافة إلى الأغانى الشعبية التى تحمل مضامين إباحية فجة ويرددها الأطفال الصغار فى الشوارع والمنازل دون وعى أو رقابة.
الدولة مسؤولة أيضا عن مثل هذه الجرائم المهينة فى حق أطفالنا، فمن غير المقبول أن يعاقب المتهمون فى حادثة اغتصاب وقتل الطفلة زينة، بالسجن 15 عامًا فحسب، مثل هذه العقوبة لم تشف غليل أمهات مصر ولن تكون رادعا لهؤلاء ممن تسول لهم أنفسهم العبث بأجساد أطفال فى عمر الزهور.
الأمر بات خطيرا ويحتاج تدخلا سريعا من الدولة وتشريعات أكثر حزما فلابد أن يكون هناك تطبيق فعلى لما نصت عليه المادة «80» من الدستور، التى تلزم الدولة برعاية الطفل وحمايته من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسى والتجارى.
الكارثة أيضا أن الطفل لم يسلم بعد اغتصابه من نظرات المجتمع المقيتة أو نظرات الشفقة التى تصيب الطفل بحالة نفسية صعبة تؤثر فى كثير من الأحيان على مستقبله الطبيعى، اتركوا هؤلاء البراعم يعيشوا حياة كريمة ربما استطاعوا مستقبلا أن يعدلوا حال البلاد بعد أن قلبناه نحن بفسادنا رأسا على عقب.
اغتصاب الأطفال «المحارم» كارثة تهدد مصر..القومى للطفولة والأمومة: 261 حالة اغتصاب من بالغين لأطفال خلال 15 شهرا
الثلاثاء، 29 أبريل 2014 10:38 ص