أحمد الجمال يكتب: سياحة ذهنية فى التدافع والصراع والجدل..أتمنى أن تعود إلى لغة الصراع بمعنى الحوار والتفاعل عسى أن يصل مجتمعنا إلى نتيجة أرقى

الثلاثاء، 29 أبريل 2014 10:33 ص
أحمد الجمال يكتب: سياحة ذهنية فى التدافع والصراع والجدل..أتمنى أن تعود إلى لغة الصراع بمعنى الحوار والتفاعل عسى أن يصل مجتمعنا إلى نتيجة أرقى جانب من حريق الكنيسة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لست ممن يحاولون إقحام الكتب المقدسة - خاصة القرآن الكريم - فى أمور تخضع لهوى أطرافها أو تتصل بالعلوم والفنون والآداب الوضعية القابلة للتطور أو الإلغاء، وأذهب مع من يذهبون إلى أن الكتب المقدسة ليست كتبا فى التاريخ والجغرافيا والهندسة والعلوم وغيرها، وإنما هى تنزيل من رب العالمين يؤمن به من يؤمنون، فإذا آمنوا به اعتقدوا بصحة كل ما جاء فيه وتعبدوا بقراءته وفهمه وتدبر كل كلمة منه، واتجهوا إلى الاسترشاد بما فهموه وتدبروه ليعينهم على مزيد من فهم الحياة وظواهرها من حولهم، ولست مبالغا إذا أكدت أننى أقرأ التوراة والإنجيل وأقرأ القرآن الكريم وأتعبد به وأستعين بتلاوته فى كثير من الأحوال لمجابهة عاديات الدهر من ابتلاءات فى الأهل والولد والصحة والمعاش وغيرها، وكثيرا ما وجدت راحة عظيمة، وكثيرا ما شعرت بأن توسلى بآيات الله لله، وتشفعى برسول الله وحبى للعذراء مريم الطاهرة أم النور يؤتى نتائج تريحنى وتخصنى، ولا مجال عندى لمن يريد عقلنتها والبرهنة بالدليل العملى والعلمى عليها.. لأن ما يتذوق إيمانيا يبقى خاضعا للمنظومة الإيمانية التى هى مختلفة تماما عن المنظومة العلمية العقلية «بتاعة» واحد زائد واحد، وبتاعة «ط.نق.تربيع»!

أظننى قد ابتعدت كثيرا عما أردت أن أكتب فيه، وهو مسألة الصراع الإنسانى الذى يفضل البعض ربطه بما يسمى بقوانين الجدل «الديالكتيك» التى اعتبرها الفيلسوف هيجل قائمة على صراع الأفكار، وقال باختصار أرجو ألا يكون مخلا ولا مختلا إن الفكرة تتصارع مع الأخرى النقيضة لها ومن صراعهما تنتج فكرة ثالثة ليست هى طرف الصراع وإن لم تخل من بعض الملامح الخاصة بكل منهما.. ويقولون إن كارل ماركس جاء ليصحح ما وصل إليه هيجل، وقال ماركس: إن الأفكار وليدة ظروف مادية، وبالتالى فإن الجدل أو الصراع مادى بحت، وتؤثر فيه عوامل كثيرة تؤدى إلى تراكمات كمية تؤدى بدورها إلى تغيرات كيفية.. وقد بسّط البعض الأمر فقال: إن حبة القمح يمكن أن تتعرض للتربة والحرارة والرطوبة وتتراكم هذه الأمور ليحدث تغير على الحبة لتصبح لها ساق وأوراق ثم تثمر فإذا بها تتحول إلى سنبلة فيها العديد من الحبات!

وسؤالى لهذه السطور هو: هل يمكن أن نفهم ما جاء فى القرآن الكريم فى سورة البقرة الآية 251: «ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض»، وفى سورة الحج الآية 40: «ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوى عزيز» صدق الله العظيم نفهمه باتجاه فكرة الصراع وأنه حتمى بين الخلق لكى لا يحدث على الأقل هدم الصوامع والبيع والصلوات والمساجد التى يذكر فيها اسم الله كثيرا؟!

هل إذا التقى فهم بعينه للنص السماوى مع اجتهادات العقل البشرى فى الفلسفة والتاريخ والاجتماع وغيرها فإن ذلك يساعدنا على التعامل الصحيح مع الظواهر الإنسانية، لأن القناعات الذهنية التى بدت مختلفة فى لحظة ما، بل ربما متصادمة، قد قربها ذلك الفهم وضبط إيقاع التعامل بينها؟!

ولعل التطبيق العملى لشوية التنظير السابقة نراه فى الظروف التى تحياها مصر الآن، فقد ثبت عمليا أن هناك هدما لكنائس وأديرة ومعابد وتهديدا لمساجد، وعانينا من ذلك فترات حالكة.. وثبت عمليا أن غياب «دفع الناس بعضهم ببعض» وغياب قوانين الجدل أو الصراع أدى إلى طغيان ناس بعينهم هم الذين استطاعوا بالمال النقدى والعينى وبالسلاح السيطرة على عقول البعض وإفساد صفاء أرواح آخرين وترويع غيرهم، ومازلنا نعانى استعصاء الإخوان - ومن على شاكلتهم - على الحوار الذى هو لب وجوهر أى صراع، إذ ليس شرطا أن تنصرف كلمة الصراع إلى الدم والنار والحديد والبارود والـ«تى - إن - تى»!

إننى أتمنى أن نعود إلى لغة الصراع بمعنى الحوار والتفاعل، فلعل وعسى أن يصل مجتمعنا إلى نتيجة أرقى وأكثر فاعلية مما هو قائم الآن عند مختلف الأطراف!

وهنا نتوقف عند مدى قابلية الأطراف المختلفة لتقنين «الصراع الحوارى» - إذا جاز سك ذلك المصطلح - وننظر إلى العقلية التى تفضل البقاء فى كهف أو بيت منعزل مهجور أو شقة مغلقة مظلمة معظم الوقت، ومع صاحب العقلية آخرون من عينته وبصحبتهم مواد متفجرة ومسامير وقطع حديد وأدوات لتجهيز القنابل والعبوات الناسفة، وربما أيضا بل من المؤكد أنهم يستعينون بالكمبيوتر والهواتف الذكية المحمولة وبتقنيات أنجزها علماء وخبراء، وهم بين طبيب ومهندس وكيميائى وصيدلى وخريجى جامعات.. هل يمكن أن تقبل هذه العقلية مجرد التفكير فى التعامل مع الآخر بغير منطق التكفير والحكم بوجوب قتل ذلك الآخر حتى إن كان مظلوما لأنه عندئذ سيبعث وسيحاسب على ما مات عليه عند قتله، أما قاتله فإن له أجر المجتهد المخطئ، وله رخصة ارتكاب المحظور بسبب من الضرورة!!

وعندئذ يصبح السؤال الأهم والأخطر هو: كيف يتعامل المجتمع مع من يرفض التدافع والجدل والصراع - الحوارى؟
الإجابة عندى هى أن التعامل معه يتم وفق القانون ولا شىء سواه، شرط أن يكون قانونا يتناسب مع خطورة الحالة.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة