الرئيس الأسبق حسنى مبارك حينما يتحدث عنه أى كاتب الآن يجد حرجاً شديداً، وعادةً ما نجد بعض الكُتاب يهربون من الحديث عن مبارك خشية سقوط شعبيتهم أو على الأقل سيضعون أنفسهم فى مأزق الاتهام، ولو تطرق بعضهم للحديث عنه فليس أمامه سوى ذكر المساوئ والإخفاقات، وليتَهُم يعلمون أن الحياد هو أصل الكلم وأن التلون لا يعقبه إلا الندم.
فى البداية أود أن أتحدث عن مزايا فترة حكم مبارك، ولنعطيه حقه، كان هناك أمن وأمان، نفتقد كليهما الآن، وقلما ما كنا نسمع بتفجير نادر على فترات متباعدة فى أماكن نائية، مبارك كان ولا يزال بطل الحرب والسلام، والجميع يعلم الضربة الجوية الأولى والجميع أيضاً يعلم مباحثات طابا، والجميع لا ينسى أبداً أحاديث مبارك عن السلام وكيف كان متمسكاً به، ودائماً ما كان ينفر من كلمة "حرب"، فالبطولة لا تكون فى الحروب وحدها ولكن بطولة السلم لا يفعلها إلا ذوو العقول الواسعة، مبارك عمل على إنشاء وتطوير أكبر المشاريع العملاقة فى مصر، وركز على البنية التحتية للدولة، وأصر على أن تصبح مصر دولة مؤسسات بكل ما تحويه الكلمة من معنى، ودائماً ما نسمع الآن عن مشاريع افتتحها أو وضع نواتها مبارك،.. والعديد من الانجازات التى لا يتسع المقال لذكرها.
وعلى صعيدٍ آخر وبكل حيادية هناك إخفافات لمبارك، ومن نظرى الشخصية أرى أن إخفاقات مبارك تنحصر فى إخافين اثنين وهما:
♦ طول فترات حكم مبارك، ثلاثون عاماً من السلطة والاستحواذ عليها، ولا يعكس هذا أبداً النظام الجمهورى فى الحكم، ويضر بسبل تحقيق الديمقراطية، ولكن أنا أزعم أن مبارك "أُجِبِرَ" على البقاء فى الحكم بعد انتهاء فترة حكمه الثانية، وفى اعتقادى أن سبب الإجبار كان يتعلق بسياسات خارجية لمصر يلزمها وجود مبارك فى السلطة.
♦ التفشى الكبير للفساد فى أواخر عصر مبارك، وتحديداً العشر سنوات الأخيرة، كنا نرى الفساد يمشى على الأرض، كان هناك تزاوج لرأس المال محاطاً بدعم السلطة، وكان الغنى يزداد غناً بمعدلات لا يرتقى إليها أى غنى فى العالم وأرباح تضاهى أضعاف وأضعاف رؤوس الأموال المستثمرة، وكان الفقير يزداد فقراً، مع سقوط مبادئ العدالة الاجتماعية، وكنا نرى رجال أعمال يتحدثون وكأنهم أصحاب سلطات ناهية وآمرة.
أنا لستُ من أبناء مبارك، ولستُ ضده، ولكننى أتحدث من منظور الحيادية، فأولى خطوات الظلم هى البعد عن الحياد، والذى ظلم مبارك هو فساد عصره، والذى لو اقتُطعَ الفساد من عصر مبارك لكان يُعدُ من أفضل حكام مصر، وأرى أن خير من يتكلم عن عصر مبارك هو مبارك نفسه، فلديه صدق جم وحديثه يكون من القلب دائماً، وأقول للإعلاميين دعكم من بعض الأخبار الهابطة، وحاولوا أن تجروا حوارا مع مبارك، فقد ينتقل للرفيق الأعلى دون أن يسرد لنا أسراراً نحن فى حاجة لها، وتُزهق معه العديد من الحقائق !!!!!!!!
