بعد صراع دموى سطره أبناء الهلايل والدابودية بمحافظة أسوان، خلال الآونة الأخيرة، وراح ضحيته 26 قتيلاً من الطرفين، هدأت الأجواء نسبياً عقب تدخل علماء ومسئولين وقيادات قبلية لإتمام إجراءات الصلح بين الطرفين، لكن صراعا جديدا يتحرك فى الأوساط القبلية مرة أخرى، وهو صراع الزعامة على مقاعد الانتخابات البرلمانية المقبلة.
ليس بالجديد على محافظة أسوان، المعارك القبلية بشعار السياسة فى الانتخابات البرلمانية، وجدد هذا الصراع الخلافات الدموية بين أشهر العائلات بالمحافظة، والتى تعد من أبرزها "الجعافرة والعبابدة والنوبيين والمطاعنة وبنى هلال" وغيرهم.
تحركات سرية غير معلنة ومبكرة لخوض سباق الانتخابات البرلمانية، ففى الوقت الذى كان يصارع فيه "عارف صيام" كبير قبيلة الدابوديين، على مقعد البرلمان منذ منتصف التسعينات وحتى أوائل الألفية الثالثة، كمرشح مستقل بمنطقة الشعبية – المنطقة التى شهدت الأحداث الدموية – وترددت أنباء قوية عن خوضه صراع الانتخابات ومحاولة جذب أصوات شريحة كبيرة من النوبيين فى أسوان، مستغلاً خبرته فى التعليم باعتباره نقيباً سابقاً للمعلمين خلال فترة من الفترات السابقة، وصاحب القول الفصل فى أزمة الثأر مع بنى هلال.
ولن يسكت الصوت الهلالى مجدداً، فبعد أن كانت هناك محاولات فاشلة من المرشحين السابقين "أحمد سيد" و"محمد مهلل" فى حصد مقعد برلمانى - بالرغم من حصول الأخير فى على ما يقرب من 5 آلاف صوت من أبناء قبيلته خلال صراع الانتخابات البرلمانية السابقة - حيث يسعى مرشحو الهلالية، لعدم تشتت أصواتهم على مرشحى القبائل الأخرى بمحافظة أسوان، وتوحيد صفوفهم خلف مرشح واحد يتفق عليه أغلب كبار العائلات، لمحاولة وجود نفوذ قوى سياسى، ومحاولة إصلاح وانتشال أبناء القبيلة من حالة الفقر التى تسود شريحة كبيرة من أسرهم، وإيجاد فرص عمل حقيقة لشبابهم فى المستقبل.
ويحاول النوبيون الرد وتعميم نفوذهم بعد أن كانوا قد وصلوا إلى حالة من العزوف عن المنافسة، التى بدت فى قلة عدد مرشحيهم بعد تضاؤل فرص الفوز وأصبحت المحافظة دائرة واحدة، وذاب التكتل النوبى وسط هذه الدائرة نتيجة لتمركز أبناء النوبة فى مركزى نصر النوبة وكوم أمبو ومدينة أسوان، فى مواجهة كتل تصويتية كبيرة لأبناء الجعافرة والعبابدة المنتشرين بمراكز إدفو وكوم أمبو ودراو، ويحاول أبناء النوبة استعادة قوتهم خاصة بعد تقدم أكثر من مرشح قوى، لخوض الانتخابات البرلمانية السابقة، فيحاول أبناء النوبة الوقوف خلف عدد من مرشحيهم بدائرة أسوان ومن أبرز هؤلاء "محمد الجلال" البرلمانى السابق، والذى استطاع بالنوبيين أن يحصد دورتين متتاليتين خلال الدورتين السابقتين، وأيضاً البرلمانى السابق "دياب عبد الله" الخبير السياحى، و"عادل أبو بكر" من كبار عائلات النوبة.
وفى السياق ذاته، تواصل القبائل العربية بمحافظة أسوان، صراع الزعامة فى الانتخابات البرلمانية، ومن أبرز هذه القبائل وأشهرها وأكثرها انتشاراً قبيلة "الجعافرة" وهم من نسب النبى صلى الله عليه وسلم من خلال جدهم جعفر الصادق، بن الإمام محمد الباقر، بن الإمام على زين العابدين، بن الإمام الحسين، بن الإمام على كرم الله وجهه، ويؤيدهم أغلب أبناء أسوان، لعلاقتهم الطيبة مع الجميع.
ويدخل أبناء الجعافرة الانتخابات بأقوى مرشحيهم بعد أن تتفق عليه القبيلة فى اجتماعات سابقة لتنافس انتخابات البرلمان، ومن أبرز هؤلاء "أحمد الكاجوجى" من أبناء قبائل الجعافرة، وهو من أبرز المرشحين، وينافسه بقوة "جابر أبو خليل" و"عامر الحناوى" من قرية الرقبة بمركز دراو.
ويأتى خلفهم فى التكتل التصويتى فى الانتخابات لصالح أبناء قبيلة العبابدة، ويعد من أبرز مرشحيهم النائب السابق "جابر عوض" عميد المعهد العالى للخدمة الاجتماعية بأسوان والمنتمى لقبائل العبابدة بمركز إدفو شمال أسوان.
وينزوى شعار الصراع السياسى والحزبى أمام صراع الزعامة القبلية فى محافظة أسوان، فكان كل من أحزاب الوطنى المنحل والحرية والعدالة الأحزاب الليبرالية واليسارية والاشتراكية والإسلامية جميعهم خلال الفترات السابقة، يلجئون إلى كبار عائلات أسوان، لمحاولة ضم "ابنهم" إلى الحزب ودخول الصراع الانتخابى من خلال قائمة أو فردى الحزب، حتى ينجح ابن القبيلة من توجيه أصواته أبناء قبيلته إلى الحزب وإعلان فوز الحزب بالانتخابات، فجميع الأحزاب الحاكمة أو المنافسة فى الانتخابات تسعى لإرضاء القبائل باعتبار أحزابها المنتفع الوحيد من الكتل التصويتية لأبناء القبيلة.
ويتمثل هذا السعى من الأحزاب السياسية والائتلافات إلى أبناء القبيلة من خلال تحركاتهم إلى القرى وإقامة ندوات ومؤتمرات جماهيرية، وتوزيع العطايا على فقراء القبيلة لجذب أصواتهم، التى لا تتوجه فى النهاية إلا بإشارة من كبار القبائل فى أسوان.
وعلى جانب آخر، تعد دوائر المشاهير فى محافظة أسوان مغمورة، بسبب غياب هؤلاء المشاهير عنها وتحويل المقر الانتخابى لأصواتهم إلى العاصمة فى القاهرة، ومن أبرز هؤلاء المشاهير هو كينج الغناء "محمد منير" ابن من أبناء النوبة، وتشهد منطقته السكنية التى يعيش فيها أسرته وذويه من أبناء عمومته بمنشية النوبة بمنطقة النفق بمدينة أسوان، توجيه أصواتهم خلف مرشح نوبى واحد متفق عليه، حتى يتمكن من نقل نبض وهموم أبناء النوبة للمسئولين فى الحكومة، وتسعى العائلات الأخرى فى استغلال أصوات الجاران.
ولن يختلف الحال كثيراً بالنسبة لنجم كرة القدم والمنتخب المصرى المتألق "محمود عبد الرازق شيكابالا" الذى يعد مسقط رأسه بمنطقة العنانى التابعة لمنطقة النفق بمدينة أسوان، وهى ذات المنقطة التى يقع فيها مسكن الكينج محمد منير.
وتعد منطقة "محمد منير" و"شيكابالا" منطقة مغمورة للمرشحين باعتبار الأول نوبيا، تسعى قبيلته للاتفاق على مرشح واحد وبالنسبة للأخير فليس هناك تكتل لعائلته يحسب قوة تنافسيه خلال الانتخابات البرلمانية.
وفى مركز كوم أمبو، يعيش النائب السابق "محمد سليم" المستشار القانونى، وعضو مجلس الشعب السابق عن الحزب الوطنى المنحل، فرحة كبيرة بعد الإطاحة بالبرلمانى السابق "محمد العمدة" بمركز كوم أمبو، واستغل "سليم" سقوط الإخوان ونظامهم ورجالهم، ليدفع بكل ما يملك للعودة والحفاظ على المقعد البرلمانى الذى خطفه منه "العمدة" خلال الدورتين السابقتين.
وكان نائب الوطنى المنحل السابق بكوم أمبو، قد أقام مؤتمرا جماهيريا ضخما خلال شهر فبراير الماضى، دعا خلاله نجوم كرة القدم وعددا من الشخصيات السياسية والدينية البارزة، بمدينة كوم أمبو، لإعلان عودته إلى العراك السياسى أمام أبناء دائرته.
وهناك علامات استفهام عريضة من الشارع الأسوانى، على الموقف الغامض لحزب النور فى خوض الانتخابات البرلمانية، وتساؤلات حول خوض الانتخابات البرلمانية من عدمه، ولكن الحقيقة التى رسخت فى أذهان غالبية الشعب الأسوانى هى عدم ثقتهم فى الأحزاب ذات المرجعية الدينية، التى وصفوها بأنها تسعى للسلطة من خلال تعاطف دينى، ويرجح أبناء أسوان عودتهم لصفوف حرب الزعامة القبلية لحسم الانتخابات البرلمانية المقبلة.
صراع مبكر بين عائلات أسوان على المقاعد البرلمانية.. الهدنة لم توقف تنافس "الهلايل" و"الدابودية" فى الانتخابات.. وغياب محمد منير وشيكابالا عن دوائرهم أسقطها من الحسبان.. والفلول يبحثون عن القبائل
الإثنين، 28 أبريل 2014 05:22 ص