محمود السيد يكتب: الفن والثقافة والتسامح المنشود

الأحد، 27 أبريل 2014 08:03 ص
محمود السيد يكتب: الفن والثقافة والتسامح المنشود صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الثقافة فى اللغة لها مدلول ومعنى، فهى تدل على التقدم الفكرى والأدبى والاجتماعى وعلى مدى ما بلغه المجتمع من رقى.. وأوجه الثقافة متعددة وهى التى تميزه عمن سواه بما تحمله من قيم وعقائد ولغة ومبادىء وسلوك ومقدسات وقوانين، وتضم الثقافة بين دفتيها العلوم، وتشمل كل أنواع المعارف والفنون بأنواعها (موسيقى ومسرح وسينما وفنون تشكيلية وأوبرا)، والآداب .. كالقصة والرواية والمسرحية وقصيدة الشعر.

للثقافة أدوات.. أهمها الدين بما يحمله من قيم عليا سماوية، حملها إلينا الأنبياء والرسل لهداية البشر، وإخراجهم من حيرتهم والوصول بهم إلى الطريق القويم، بعد أن ضلوا ضلالا بعيدا فى كل حقبة تاريخية عاشوا فيها، وبرحمة من الله كلف الأنبياء بإرشادهم والعمل على هدايتهم وإنقاذهم من أنفسهم، وما بهم من ميل وجنوح عن الحق والفصيلة، بشروا بقيم الحب والتسامح والعدل والحق، وعملوا على نشرها حتى كانت مرحلة بعث الرسل، فكان رسول الله موسى واحدا من الناس تلقى عن الله رسالته، ليهدى قومه وينشر الرحمة والتسامح بينهم، ولاقى منهم ما لاقى، ثم جاء عيسى بن مريم رسول المحبة بين الناس خلال حقبة تاريخية معينة، وكما جاء موسى وعيسى بقيم الحب، بعث الله فى الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته.. جاء ليتمم مكارم الأخلاق، والأديان جميعها تدعو إلى السلام والمحبة بين الناس بشكل عملى لا مجال فيه للنوايا الطيبة، فكم من الآيات والأحاديث تحض الناس على التآلف والتسامح، والدين كمكون من مكونات الثقافة له فى وجدان الشعوب مكان، به تظل الصلة موصولة بين المخلوق والخالق، والتسامح من أهم القيم التى حملتها لنا الأديان وآمنا بها، كل الأديان.. حتى الديانات الوضعية والمذاهب الفلسفية كلها تدعو إلى التسامح، فالدين بما يحمله من قيم لا غنى عنه كمكون ثقافى فى الوقوف ومواجهة كل ما يدعو إلى العنف وعدم التسامح.

ولما كان التعليم أداة من أدوات الثقافة كان على الدولة دعم المناهج بكل ما من شأنه أن يدعو إلى التسامح ونبذ العنف، وكذلك إنشاء الفاعليات التى تدعو إلى ذلك كتنظيم المسابقات بين الطلاب حول القيم الحاكمة لمجتمع أفضل تسوده العدالة، فلا تمييز بين المواطنين بل تكافؤ فى كل شىء، وكذلك تنظيم المسابقات العلمية، فالعلم لا دين له ولا وطن.

ويأتى دور الفن كعامل هام فى تشكيل وجدان المواطن من خلال الأعمال الفنية التى تبث فى الناس القيم، وتعمل على تنمية الوعى لدى المواطن البسيط، فليس أمامه من وسيلة للثقافة إلا مشاهدة الأعمال الفنية.. كانت أعمال نجيب محفوظ أساسا قويا لنشر الثقافة المكتوبة، والتى تحولت إلى منتج فنى نقل إلينا الواقع المعاش لدى قطاع كبير من المجتمع فى حقبة زمنية معينة، كشفت لنا سلبيات وإيجابيات المجتمع، ودعت إلى إقامة العدل ومقاومة الظلم.. تلك الأعمال كانت الوسيلة الأولى التى حملت الثقافة إلى البسطاء من الناس، وشكلت وجدانهم وحددت موقفهم فى مقاومة الظلم ومواجهة الفاسدين...... ويتشكل وجدان المواطن طبقا لثقافته وما يؤمن به من قيم غايتها التسامح كنتاج طبيعى للثقافة، به يتحقق التواصل بين الناس وتقل الخلافات.. حتى إن وجدت فهى خلافات يحكمها الصالح العام.

أما الإعلام فعليه عامل كبير فى نشر القيم بين قطاعات الشعب، بما يبثه من مواد يمكن من خلالها أن يشعل الخلافات، ومنها ما ينشر به قيم الحب والتسامح بين الناس، ويدعو إلى نبذ العنف وتقليل الخلافات بين المذاهب والدعوة إلى وحدة الأمة.. وما حدث فى قرية شطورة بسوهاج وما يحدث الآن فى أسوان، ليس ببعيد وما يحدث الآن فى الصف حلقة فى سلسلة طويلة، أتمنى أن تنكسر.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة