دشنت وزيرة الثقافة البحرينية، الشيخة مى بنت محمد آل خليفة، مساء أمس السبت، 26 أبريل، معرض "قلعة البحرين عبر العصور"، الذى أعده كل من الفنانة مارى فرانسيس روى، ومصمم الصوت العازف لوى مارتينز، وشاركت فيه الفنانة اليابانية شيهارو شيوتا، وذلك بحضور السفير الفرنسى لدى المملكة، ونخبة من المثقفين والمهتمين.
وقد رحبت الشيخة مى بالحضور، وشكرت فريق العمل قبل انطلاق الفعاليات، كما خصت بالذكر الدكتورة نادين بقسماطى فتوح مستشارة المتاحف وقطاع السياحة وإدارة الآثار التراث وإدارة موقع قلعة البحريّن.
فيما تحدثت الفنانة مارى فرانسواز روى عن أهمية إعطاء الحياة للمكان، خصوصاً مع ما يملكه من إرث تاريخى وإنسانى مهم للمنطقة، كما شكرت وزيرة الثقافة على الثقة التى أولتها لفريق العمل المشارك.
المعرض الذى يجىء فى سياق احتفالات وزارة الثّقافة ببرنامج "الفنّ عامنا" لسنة 2014م، قدّم تركيبات فنّيّة تفاعليّة، تهدف إلى تعزيز تجربة زوّار موقع قلعة البحرين، وإحياء تفاصيل المكان التى تخبّئها جدران القلعة كأسرارٍ إنسانيّة جديرة بالاكتشاف.
وبهذه المناسبة أوضحت وزيرة الثّقافة، اليوم نحن أمام تركيبتين جميلتين رغم بعدهما الزّمنى هما "موقع قلعة البحرين"، والقلعة بتفاصيلهما الحضاريّة والتّاريخيّة والإنسانيّة، والأعمال الفنّيّة التى تعيش سياقها الزّمنى الحديث، ولكن باتّصال بالمكان.
وقالت الشيخة، إن هذا الموقع الإنسانى العالمى يمثّل اليوم تجربته المغايرة فى لقاء التّاريخ بالفنّ، العمران كفنّ مكانى فى انسجان مع الفنون التّركيبيّة الحديثة، مبيّنةً، هذه التّجربة تمثّل دور الفنون فى إيجاد صوتٍ للتّاريخ، ما يخبّئه عمران المكان من أسرار ومعلومات وتفاصيل سيفصح عنها الفنّ من موقع قلعة البحرين.
وذكرت الوزارة أن قلعة البحرين عبر العصور، تمثّل أعمالاً تركيبيّة فنّيّة وتفاعليّة، تتكوّن من ستّة مجسّمات زجاجيّة منقوشة وثلاثة تركيبات فنّيّة، أبدعتها الفنّانة الفرنسيّة مارى فرانسيس روى، ومهندس الصّوت الفرنسى لوى مارتينيز، بالتّعاون مع الفنّانة اليابانيّة شيهارو شيوتا.
المجسّمات السّتة تمّ وضعها فى الفناء السّفلى من القلعة، وتتضمّن جميعها معلوماتٍ عامّةً للزّائرين عن تاريخ الموقع وحكاية تطوّره والمراحل المختلفة التى شهدها على مرّ العصور، أمّا التّركيبات الفنّيّة الأخرى فقد وُضِعَت داخل غرفٍ مختلفة من القلعة، وهى تمثّل تأويلاً فنّيّاً للموقع باستخدام تقنيّاتٍ متطوّرةٍ وحديثة.
العمل التّركيبى الفنّى الأوّل للفنّانة مارى بعنوان (بئر إنكى) والتّركيب الصّوتى للفنّان لوى، ويستدعى العمل الأسطورة السّومريّة التى تقول أنّ اليابسة والبحر يطفوان على محيطٍ من المياه العذبة يدعى "أبسو"، وكان يعتقد أنّ هذا العالم الخفى تحت الأرض أساس الكون، وموطن الآلهة، ومصدر بحار وأنهر العالم، وأنّه تحت حراسة "إنكى"، إلهة المياه العذبة والحكمة.
وتعتبر أسطورة "إنكى ونينهورساج" من أهمّ أساطير حضارة الرّافدين، وهى تحكى قصّة خلق العالم، وتقول أن "إنكى" وهب المياه لأرض دلمون (البحرين قديماً)، من خلال هذا العمل، سيعيد البئر إلى الأذهان الرّابط الأسطورى الغامض بين "بحرىّ " دلمون، وهو إشارةٌ إلى الآلهة إنكى وتأويلٌ فنى للأسطورة.
العمل التّركيبى الفنّى الثّانى للفنّانان أيضًا حول (المدبسة)، ويشيران من خلاله إلى أهمّيّة المدبسة قديمًا وكونها عنصرًا أساسيًّا ذى أثر اقتصادى عميق فى الجزيرة الأم، وقد كانت المدبسة عنصراً أساسيّاً فى الحرف التقليديّة والمنزليّة بمنطقة الخليج العربىّ، وظلّت تُسخدم لصنع دبس التّمر فى البحرين حتّى عهدٍ قريب، وقد خُصّصت غرفٌ مربّعةٌ أو مستطيلة الشّكل لهذه الصّناعة، وكانت تُحفر أرضيّاتها بقنواتٍ متوازيةٍ مطليّةٍ بعناية حتى تكون ملساء.
وكانت توضع التّمور فى أكياسٍ أو تكوّم مباشرةً على الأرض، ومن ثمّ تبدأ تلك التّمور بإفراز عصارتها نتيجةً لحرارة الغرفة والثّقل النّاتج عن الثّمار النّاضجة، وكانت القنوات تسوق العصارة إلى وعاءٍ لتجميعها ومن ثمّ كان يتمّ نقلها إلى جرار.
أمّا العمل الأخير (خيوط الذّاكرة) فللفنّانة اليابانيّة شيهارو شيوتا بالتّعاون مع الفنّانين مارى ولوى، وتشير من خلاله شيهارو إلى تاريخ تجارة النّحاس التى ساهمت فى ازدهار دلمون وعاصمتها موقع قلعة البحرين لقرونٍ طويلة، إذ منذ العصر البرونزى، كان موقع قلعة البحرين من أهمّ المحطّات التجاريّة الواقعة بين حضارتى الرّافدَين ووادى السِّند، وذلك بفضل موقعه الجغرافى الإستراتيجى ومقوّماته الطّبيعيّة الاستثنائيّة.
توجد أدلّةٌ على وجود تجارة النّحاس مع "أرض ماجان" (عُمان) تعود إلى العام 2200 قبل الميلاد، وذلك تزامناً مع استيطان موقع قلعة البحرين للمرّة الأولى، حيث عُثر خلال التّنقيبات الأثريّة على ورشةٍ كبيرةٍ للنّحاس بمساحة 500 متر مربّع، وقد شكّل النّحاس، مع الأخشاب والأحجار الكريمة، أهمّ صادرات دلمون إلى حضارة الرّافدين، حتّى أنّ بعض النّصوص القديمة كانت تطلق عليه اسم "نحاس دلمون".
الجدير بالذّكر أنّ المعرض يستمرّ حتّى أواخر شهر أبريل من عام ٢٠١٥، وقد قامت بتنفيذه شركة أوجيه الدّوليّة التى لها باعٌ طويلٌ فى المشاريع المعماريّة، من بينها فرع جامعة السّوربون ومتحف اللّوفر فى أبو ظبى، منتجعات الفور سيزنز فى مراكش، وأعمال التّجديد والتّرميم لفندقى الرّيتز وجورج الخامس فى باريس. وتتعامل الشّركة مع مكاتب للهندسةٍ المعماريّةٍ مرموقةٍ عالميّاً مثل فوستر وشركاه، سنوهيتا، بورتزمارك، جان نوفيل، وفرانك غيرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة