أكرم القصاص - علا الشافعي

سليمان شفيق

الصراع بين المحافظين والإصلاحيين فى الكنيسة هل ينعكس على انتخابات الرئاسة؟

الأحد، 27 أبريل 2014 11:21 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فجر المفكر القبطى كمال زاخر قنبلة حينما أصدر بيانا أوضح فيه ما يتعرض له البابا تواضروس الثانى من ضغوط على مستويات متعددة داخل وخارج الكنيسة، وبسؤاله عن تلك الضغوط قال: أولها تقاعس الدولة عن تنفيذ التزامها بترميم الكنائس التى أضيرت من هجوم الإخوان عقب فض اعتصامى رابعة والنهضة، وأضاف أن بيت العائلة لم يجمع أموالا تذكر ولكنه فتح الطريق لتهرب الدولة من تحمل مسؤولياتها، وأكمل زاخر: وتكتمل الضغوط بتحرك بعض التجمعات من الشباب الكنسى «المجهولة النسب» فى حركات لعرقلة سعى البابا فى اتجاه الإصلاح الكنسى، وقد أثار هذا البيان ردود فعل متباينة لدى هذه التجمعات.
الصراع بين القديم والجديد
عقب رحيل البابا شنودة الثالث ووصول البابا تواضروس الثانى إلى الكرسى المرقسى بدا ومن الوهلة الأولى أن فكرا جديدا قد وصل لرئاسة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية العتيدة، جيلا جديدا أكثر استعدادا للتعاطى مع معطيات زمنه وتطوراته، وهذا على ما يبدو قد أزعج الكثير من الحرس القديم من أساقفة «البلاط البابوى السابق»، وقد رأى هؤلاء الأساقفة فى سياسة البابا تواضروس خطرا على مكانتهم، وربما مصالحهم، وهو ما يعزى إليه كمال زاخر ظهور الكثير من الحركات الأخرى التى أخذت على عاتقها مهاجمة الحداثة التى بدأ ينادى بها البابا تواضروس الثانى، ومن هذه المجموعات مجموعة «الصخرة الأرثوذكسية»، التى تقول عن نفسها إنها تتمسك بتعاليم الآباء الأوائل ولا تقبل بالتحديثات التى يتبناها البابا تواضروس الثانى وتأخذ على عاتقها مهاجمة البابا تواضروس وأعلام التيار العلمانى القبطى وعلى رأسهم كمال زاخر، وقد شنت هذه المجموعة حملاتها فيما يتعلق بعمل الميرون، حيث دشن البابا تواضروس طريقة حديثة موفرة للوقت وبأقل شوائب وأكثر جودة مع الحفاظ على الطقوس والصلوات المصاحبة لعمل الميرون وبعد موافقة المجمع المقدس، وأعلنت تلك المجموعة رفضها لتلك الطريقة معلنة تمسكها بالطريقة القديمة الموروثة عن الآباء الأوائل.
أما مجموعة «أبناء البابا شنودة المتمسكين بكل تعاليمه الكتابية»، فهى مجموعة أخذت على عاتقها رصد أى تحرك أو قرار يأخذه البابا تواضروس غير متطابق لتعاليم البابا شنودة حتى تبدأ فى الهجوم على شخصه وكان الميرون وطريقة عمله أحد أكثر الموضوعات التى هاجمت فيها المجموعة قداسة البابا بطريقة غير معهودة من أبناء الكنيسة.
وعقب إعلان مجلس موحد لكنائس مصر فى عام 2013، ظهرت مجموعة تسمى «لا اتحاد كنائس إلا بحوار مسكونى»، وكأن رؤوس الكنائس الموقعة على إعلان المجلس الموحد تم اختطافهم وإجبارهم على التوقيع.
ومجموعة «لا طلاق إلا لعلة الزنا»، التى ظهرت بمجرد خروج أحد أعضاء رابطة أقباط 38 ليقول إن البابا تواضروس استمع إليهم، وأنه وعد بحلول لمشاكلهم حتى خرجوا ليقولوا «لا طلاق إلا لعلة الزنا»، وكأن مقولة البابا شنودة تلك هى نص إنجيلى، بل يتضح مدى علمهم بالإنجيل ونصوصه حين يؤكدون أن تلك المقولة هى نص إنجيلى، مع أن النص واضح ويقول «من طلق امرأته إلا لعلة الزنا يجعلها تزنى» وشتان بين الأمرين.
أما أكثر تلك المجموعات حضورا فى الآونة الأخيرة فهى مجموعتان، «مجموعة حماة الإيمان»، ويبدو من اسمها أنها جعلت من نفسها حامية لتعاليم الإيمان ووضعت البابا تواضروس فى موقع المهدد للإيمان، ويقول المتحدث الرسمى باسم حماة الإيمان «مينا أسعد كامل» إن المجموعة ستتصدى لجميع من يحاول أن يعبث بتعاليم الآباء، وكأن البابا تواضروس ليس من الآباء وفى آخر تصريحاتهم فى إحدى الجرائد المصرية قد وصفوا البابا «بالمنحرف» عن التعاليم الأرثوذكسية، كما أنهم فى الآونة الأخيرة هاجموا المسافرين إلى القدس، بدعوى أنهم يخالفون قرار المجمع المقدس، ولا أعلم من نصب هؤلاء قضاء ليحاكموا باسم المجمع المخالفين لقراراته.
وفى المقابل الآخر «مجموعة شباب كريستيان»، الذين يعرفون أنفسهم بأنهم مجموعة من شباب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ليس لنا أى توجه دينى أو سياسى ولا ننتمى إلى أى مجموعات أخرى تحت أى اسم أو أى صفة، أهداف المجموعة تسليط الضوء على جميع القضايا والمشاكل لدى الأقباط وطرحها على الرموز الكنسية إلى أن تصل لقداسة البابا إن لزم الأمر، ثانيا ضد أى فكر مسيحى طائفى وعنصرى يضطهد عقيدة الآخر، ثالثا تدعيم قداسة البابا ومساندة قداسته لإعادة هيكلة وإصلاح ونهضة البيت من الداخل، ويقول «نادر صبحى» مؤسس المجموعة إن المجموعة أخذت على عاتقها الرد على المجموعات التى تحاول أن تسمم أفكار الأقباط تجاه البابا تواضروس الثانى مدعية أنه خرج على التعاليم الأرثوذكسية، كما أن تصريحات هذه المجموعات تحمل فى طياتها الكثير من التمييز والعنصرية تجاه الآخر وهو ما نعانى منه كمسيحيين، فكيف نمارسه على أنفسنا، والمجموعة تؤيد إجراءات البابا تواضروس الرامية إلى تحديث البيت من الداخل.
من العمرانية لماسبيرو مرورا بالقديسين
منذ أحداث العمرانية 2010 وتفجيرات القديسين يناير 2011، ظهرت تجليات لحراك شبابى قبطى للخروج من الكنيسة للوطن، وطفا على السطح «الخادم الكنسى الثورى»، وعشية الخامس والعشرين من يناير أعلن الكثير من الشباب القبطى رفضه لدعوة البابا الراحل شنودة الثالث بمقاطعة التظاهرات التى كان مزمعا خروجها فى اليوم التالى، وشهد الميدان وجودا قبطيا ملحوظا، وبعدها بدأنا فى سماع أصوات تطالب بالخروج بالكنيسة للوطن، وفى أثناء الزخم الثورى وعقب حادث الاعتداء على كنيسة قرية صول تأسست أول حركة سياسية قبطية وهى «اتحاد شباب ماسبيرو» الذين حركوا المياه الراكدة لعمل الأقباط فى العمل العام.
ويقول مينا سمير، القيادى فى اتحاد شباب ماسبيرو: «كما انقسم الأقباط حول ظاهرة اتحاد شباب ماسبيرو انقسمت الكنيسة بين مؤيدين ومعارضين لوجودهم، وكل له أسبابه، فمن بين الأساقفة من وجد فيهم ظاهرة صحية، حيث إنه يجب ألا تعمل الكنيسة بالسياسة وهؤلاء الشباب استطاعوا أن يثبتوا جدارتهم فى حمل الملفات السياسية القبطية والعمل عليها حتى أننا اليوم نجنى ثمار نضالنا السياسى من أجل الوطن ويتجلى ذلك فى دعوة الاتحاد إلى حوار مؤسسة الرئاسة مع الحركات الشبابية الفاعلة فى الساحة السياسية، ومثل الاتحاد فيه المنسق العام الدكتور مينا مجدى، وهناك أيضا من وجد أن هؤلاء الشباب هم مجموعة من الخارجين، وهم ظاهرة سلبية ربما تسحب من بعض الأساقفة امتيازاتهم التى يحصلون عليها نتيجة تداخلهم فى العمل السياسى.. ويضيف مينا سمير، وكان البابا شنودة فى شخصه يمثل هدفا لكل الفرق المؤيدة للاتحاد والمعارضة له وللاتحاد نفسه، وكان تطرق البابا إلى شهداء الاتحاد فى ماسبيرو وقوله: «أبنائى لم يحملوا السلاح» هو نقطة تحول فارقة فى علاقة الاتحاد والكنيسة، فقد انتصر البابا للاتحاد وأعضائه وكان هذا التصريح هو نقطة بيضاء فى أسبوع ماسبيرو الأسود، ولم تمض إلا شهور قليلة حتى رحل البابا شنودة الثالث عن عالمنا وانتهت حقبة تاريخية عمرها 40 عاما من تاريخ الكنيسة تستحق الإشادة فى الكثير من محطاتها وتستحق المراجعة فى الكثير من محطاتها.
ونتج عن الثورة ظهور حركات أخرى غير سياسية، فعلى الرغم من وجودها منذ عدة سنوات فإن لم يكن صوتها مسموعا بتلك القوة الأ بعد الثورة، فحركة «أقباط 38» التى تطالب بتغيير قوانين الأحوال الشخصية الكنسية والعودة إلى لائحة 1938 التى كانت تنظم الأحوال الشخصية للأقباط.
كل تلك المعطيات تجرى خلف حجاب الرأى العام، الذى يظن أغلبه أن التصفيق الحاد لأحد المرشحين فى ليلة العيد بالكاتدرائية يعكس رأيا عاما قبطيا، دون إدراك أن أغلب الشباب القبطى متذمر لأسباب تمسكهم بالتقليد والموروث أو تبنيهم للإصلاح والحداثة، البعض عن عمد أو عن جهل يحاول أن يظهر أن هناك صراعا بين «الشنودية» و«التواضروسية»، والبعض الآخر يرى الأمر بطريقة موضوعية أن هناك دائما فى الكنيسة تفاعلا بين التقليد والحداثة، ويبدو هذا جليا بين أفكار بابا شاعر وفارس ينتمى إلى عصر الثورة الصناعية، وآخر حداثى ينتمى إلى ثورة الاتصالات يفتتح معارض الفن التشكيلى ويتجاوز بالفن الطائفية، ولكل منهما عطاؤه للكنيسة.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة