من المتعارف عليه، أن القانون يمثل مجموعة القواعد الملزمة المنظمة للسلوك فى نطاق نشاط إنسانى معين داخل المجتمع.
والقانون بهذا الوصف وجد فى جميع المجتمعات قديمها وحديثها أياً كانت درجه تمدنها، طالما تحقق فى إطار هذا المجتمع السلطة القادرة على وضع التنظيم، وعلى فرض احترامه0
وتتمثل وظيفة القانون فى تحقيق التوازن بين المصالح الخاصة فيما بينها من ناحية، وبين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة من ناحية أخرى، ولا شك أن صيغة التوازن القانونى بين هذه المصالح إنما تأتى انعكاساً لتفاعل العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأخلاقية والدينية السائدة فى المجتمع فى وقت معين، وذلك لأن القانون كعلم اجتماعى يتأثر بالبيئة محل التنظيم ، وهو الأمر الذى يفسر إختلاف التنظيم القانونى من مجتمع لآخر ومن وقت لآخر، حسب ما يسود فيه من عوامل مؤثرة0
والواقع أن السلطة التشريعية هى صاحبة الاختصاص الأصيل بالتشريع، وتقتصر مهمة هذه السلطة على إقرار القوانين التى ترتئيها ملائمة أو ضرورية لمواجهة أوضاع معينة قائمة فى مجتمعها، وتترخص تلك السلطة فى وضع التشريع المناسب فى الوقت المناسب الذى تراه ملائماً لتنظيم موضوع معين0
ويعد تقدير مدى الضرورة أو مدى الحاجة إلى تشريع معين جوهر السلطة التشريعية والذى يقوم على مواجهة ما يثيره تطور المجتمع من مشكلات، وتكمن وظيفة السلطة التشريعية فى ابتداع الحلول لهذه المشكلات فى صورة قواعد عامة مجردة تسرى على الكافة .
وعلى هذا النحو إذا قدرت السلطة التشريعية أن الضرورة تقتضى منها التدخل على وجه السرعة، لتنظيم موضوع معين ، تدخلت ، كما أن لها أن تستمهل الفرصة فلا تستبق الأحداث ، ولا تتعجل بل هى تتربص حتى تقوم – فى نظرها – الضرورة التى تدعو إلى ممارسة سلطتها التشريعية ، فتعمد عندئذ إلى وضع التشريع الذى ينظم الموضوع0
ومما لا شك فيه أن المجتمع المصرى يشهد منذ ثلاث سنوات تقريباً حالة غير مسبوقة من الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتى انعكست بطبيعة الحال على كافة مناحى الحياة فى هذا المجتمع0
وإزاء ذلك سوف نلقى الضوء بشىء من الإيجاز غير المخل على أحد قطاعات الدولة التى تأثرت كثيراً بهذه الأحداث ، ألا وهو قطاع التأمين الذى يعد - بلا شك – أحد أهم الكيانات الاقتصادية داخل المجتمع المصرى، حيث يلعب هذا القطاع دورًا رئيسياً ومحورياً فى توفير الأمن الاقتصادى للأفراد والشركات والمؤسسات0
وللتأمين بوجه عام وظائف ومهام كثيرة اجتماعية واقتصادية تأتى انطلاقاً من الدور الذى يقوم به فى حماية الفرد بوصفه أهم عامل من عوامل العملية الإنتاجية ، وحماية ممتلكاته ومسؤولياته تجاه الغير، عن أخطار ارتكبها بغير قصد، فضلاً عن حماية الاقتصاد الوطنى0 وحتى يستطيع قطاع التأمين القيام بتوفير الأمن الاقتصادى، والعمل على زيادة قاعدة المستفيدين من الخدمـــات التأمينية بهدف توفير الحماية التأمينية الشاملة للثروة القومية وأفراد المجتمع، فضلاً عن زيادة مساهمته فى الناتج المحلى الإجمالى ، فإن الأمر يستلزم إصدار تشريعات جديدة و إجراء العديد من التعديلات على التشريعات القائمة، وذلك بغرض تهيئة المناخ المناسب لتحقيق تلك الأهداف 0
ونعتقد أن المتغيرات السريعة التى شهدها المجتمع المصرى خلال الفترة الماضية وخاصة فى أعقاب ثورة 25 يناير 2011 تتطلب من المشرع المصرى أن يجارى ويواكب تلك الأحداث وذلك بإصدار تشريعات جديدة أو إجراء تعديلات على بعض التشريعات القائمة ، التى تحكم نشاط الكثير من قطاعات الدولة بوجه عام، ونشاط قطاع التأمين بوجه خاص0
فقد أثبت الواقع العملى أن هناك شريحة كبيرة من المجتمع لا تدخل ضمن المظله التأمينية، التى يوفرها قطاع التأمين المصرى، مما حدا بالبعض إلى القول بأن التأمين لا يغطى سوى صفوة المجتمع والنخب وأصحاب الأموال والأعمال ، ولا يمتد إلى القاعدة العريضة من المجتمع وهم محدودى ومتوسطى الدخل0
ولئن كنا نعلم علم اليقين أن هناك تشريعات كثيرة يجب إصدارها وأن هناك تشريعات قائمة، يجب تعديلها حتى تتسق مع أحكام الدستور المصرى الجديد الصادر عام 2014 ، غير أننا نرى – ودون أدنى مبالغة – أن قانون الإشراف والرقابة على التأمين فى مصر الصادر بالقانون رقم (10) لسنة 1981 وتعديلاته والذى يحكم نشاط التأمين فى مصر، يعتبر من القوانين الهامة التى تحتاج إلى العمل على سرعة تعديلها، ويجب إعطاؤه الأولوية للنظر فى تعديله فى أول دور انعقاد لمجلس النواب بعد انتخابة بإذن الله، حيث أضحى هذا القانون غير متوائم على الإطلاق مع المستجدات التى طرأت على المجتمع المصرى0
ولا يخفى على أحد أن التنسيق والتعاون القائم بين الاتحاد المصرى للتأمين والهيئة العامة للرقابة المالية فى هذا الصدد قد أسفر عن إعداد مجموعة من التعديلات المقترح إدخالها على قانون الإشراف والرقابة على التأمين فى مصر، ولا يبقى سوى تنفيذ الاستحقاق الثالث فى خارطة طريق مستقبل مصر العظيمة، ألا وهو انتخاب مجلس النواب والذى سوف يتولى إدخال التعديلات المأموله على هذا القانون0
حفظ الله مصر وشعبها العظيم.
د. أشرف إسماعيل عزب يكتب: حتى تغطى مظلة التأمين الجميع
الجمعة، 25 أبريل 2014 02:18 ص
الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة