عماد متعب والدولة الخربة!

تكشف لنا حكاية القبض على عماد متعب أمس الأول والإفراج عنه بكفالة فى واقعة التعدى على ضابط شرطة، وإشهار مسدسه فى وجهه.. تكشف لنا عدة أمور بالغة الأهمية، بغض النظر عن تحقيقات النيابة. من أبرز هذه الأمور.. الفوضى العارمة فى الشارع المصرى، فقد قيل إن سبب القبض على عماد أنه أوقف سيارته فى مكان ممنوع فى التجمع الخامس بالقاهرة الجديدة، الأمر الذى أدى إلى أن تحرر له مخالفة، فاستشاط غضبا، وأشهر سلاحه المرخص فى وجه الضابط!
الكل يعلم أن القاهرة باتت مأوى للفوضى المرورية، وأن السير عكس الاتجاه والوقوف فى الممنوع أصبحا سلوكا عاديا – برغم خطورته – فى كل أحياء القاهرة، والتجمع الخامس نموذج بائس لهذه المخالفات المرورية، خاصة فى الشوارع الجانبية، وسائقو الموتوسيكلات التى تحمل وجبات «الديلفرى» تعيث فى الشوارع فسادًا، ولا نرى من يحاسبهم، فما الذى جعل شرطة المرور تظهر فى تلك اللحظة وتمارس دورها وتقبض على عماد؟
الملاحظة الثانية تتمثل فى استخفاف عماد بضابط الشرطة، والتجرؤ عليه بل وتهديده بإشهار مسدسه فى وجهه، وهذه سلوكيات إنسان يدرك أن رجال الشرطة مكروهين من الشعب، وأن الناس ستقف بجواره، كما توضح هذه السلوكيات المتهورة منطق بعض الذين حظوا بنعمة الشهرة فى التعامل مع أجهزة الدولة ومؤسساتها، إذ إن تصرف عماد يتكئ على علمه التام بحجم شهرته التى ستوفر له مظلة من التعاطف، وإدراكه بأن شهرة ناديه ستحميه وستقف معه ليخرج من ورطته، فالشهرة أهم من تطبيق القانون، و«الواسطة» عنوان لعصر، ولاعب الكرة يعلم ذلك جيدًا.
المحزن فى هذه القصة الموحية، أنها تكشف حجم الخراب الذى طال أجهزة الدولة، والخراب هنا مقصود به عدم ضبط الشارع والسماح للفوضى المرورية بأن تكون علامة على العاصمة العتيدة، فأين الدولة؟ وأين شرطة المرور؟ وأين الشوارع الواسعة؟ وأين المواقف المحترمة للسيارات؟ وكيف تمنح رخص القيادة لأناس لا يعرفون شيئا عن قوانين القيادة
وآدابها؟ لقد دمر نظام مبارك أجهزة الدولة، حتى صرنا نرى المشاهير يظنون أنفسهم أقوى من هذه الأجهزة!