قالت وكالة رويترز، إن قرار إثيوبيا تمويل مشروع سد النهضة الضخم بنفسها يحمل فى طياته خطر خنق استثمارات القطاع الخاص، وتقييد النمو الاقتصادى، وربما يعرض حلم إثيوبيا فى أن تصبح دولة متوسطة الدخل بحلول عام 2025 للخطر.
وأوضحت الوكالة الإخبارية العالمية، فى تقرير أمس، الأربعاء، أنه حتى الآن تم بناء ربع السد، وتقول إثيوبيا إنه سيبدأ توليد 750 ميجاوات من الكهرباء بنهاية العام الجارى. ويعمل المهندسون فى الأرض الرملية لوادى جوبا، قرب الحدود السودانية، على صب الأساسات الخرسانية للسد الذى سيرتفع 145 متراً، وستولد توربيناته عند اكتماله 6000 ميجاوات من الكهرباء، ليصبح أكبر سدود القارة إنتاجاً للكهرباء.
وحتى الآن دفعت إثيوبيا 27 مليار بر (1.5 مليار دولار) من إجمالى التكلفة البالغة 77 مليار بر، للمشروع الذى سيؤدى إلى إيجاد بحيرة طولها 246 كيلومتراً. ويمثل السد أكبر جزء من مشروع ضخم للإنفاق العام على الكهرباء والطرق والسكك الحديدية فى واحد من أسرع الاقتصادات الأفريقية نمواً. وارتفع الناتج الإثيوبى بما يقرب من المثلين على مدى عشر سنوات ليجتذب استثمارات من السويد والصين.
لكن اقتصاديين يحذرون من أن يلحق الضغط على القطاع الخاص لتمويل مشروعات عامة للبنية التحتية الضرر بآفاق النمو مستقبلاً، وظهرت مؤشرات على تباطؤ النمو الاقتصادى بالفعل، ورغم ذلك تقول أديس أبابا إن ضمان عدم امتلاك مصر حق التدخل لوقف بناء السد يستحق هذا الثمن، إذ يمثل السد محور مشروع ينفذ على 25 عاماً للاستفادة من النمو الاقتصادى المتسارع فى شرق أفريقيا بتصدير الكهرباء لمختلف أنحاء المنطقة.
وتشير رويترز إلى أن كلفة السد تتجاوز أربعة مليارات دولار، بما يمثل نحو 12% من الناتج السنوى الإجمالى لإثيوبيا، وهو ثمن كبير لبلد يرفض المساعدات الخارجية، ولجأت أديس أبابا لإجراءات مثل إرغام البنوك التى تقدم القروض للقطاع الخاص على تخصيص ما يعادل نسبته 27% من إجمالى قروضها للحكومة بعائد منخفض، فيما يمثل ضريبة على الإقراض الخاص.
ويقول صندوق النقد الدولى، إن السد يمثل مع مشروعات أخرى استنزافا للموارد التمويلية من الاقتصاد، ما يعرض فرص الاقتراض المتاحة لمستثمرى القطاع الخاص وحصيلة البلاد من النقد الأجنبى للخطر، وبدوره يضر بالنمو. وتوقع الصندوق فى نوفمبر الماضى أن يتباطأ نحو الناتج إلى 7.5% من أصل 8.5% فى عام 2011/2012، وأشار إلى أن الاقتصاد الإثيوبى يحتاج لإعادة هيكلة لتشجيع استثمارات القطاع الخاص التى أصبحت مشروعات القطاع العام تزاحمها الآن.
وتحتاج إثيوبيا لمعدل نمو مرتفع لإنجاز خططها لانتشال سكانها من الفقر المدقع. ويقول البنك الدولى، إن نصيب الفرد من الدخل بلغ 410 دولارات فقط فى 2012، وتختلف الحكومة مع الرأى القائل إن الإنفاق بسخاء على المشروعات العامة يضر بالأداء الاقتصاد العام وتتوقع نمواً أعلى من تقدير صندوق النقد.
وتقول شركة سالينى أمبرجيلو، أكبر شركات البناء فى إيطاليا، والتى تتولى إنشاء السد، إنها حصلت على كل المدفوعات المستحقة لها فى توقيتاتها حتى الآن، وإنها لا تشعر بالقلق بشأن استمرار سداد المليارات التى يتطلبها المشروع.
وتشير الوكالة إلى أن من بين مخاوف القاهرة هاجس أن يؤدى ملء خزان السد الجديد، الذى تبلغ سعته 74 مليار متر مكعب بالمياه على سنوات، إلى قطع تدفق المياه عن النهر مؤقتاً، وأن يؤدى تبخر المياه من سطح البحيرة التى ستتكون خلف السد إلى تقليص حصتها، وهو ما يؤكده خبير المياه كلاوس لانز، مشيراً إلى نقص المياه فى مصر، مشاكل المياه حتى من دون هذا السد كبيرة للغاية.
وتشكو إثيوبيا من أن القاهرة استخدمت نفوذها السياسى فى ردع جهات التمويل عن دعم مشروعات إثيوبية أخرى لتوليد الكهرباء. وقال فيك أحمد، من وزارة المياه الإثيوبية، إن القاهرة كان لها يد فى قرار شركة معدات وتكنولوجيا الكهرباء الصينية بالانسحاب من صفقة بمليار دولار لتوصيل السد بشبكة الكهرباء الإثيوبية.
وأضاف، "السلطات فى مصر أحدثت جلبة"، لكن هناك مجموعة صينية أخرى تتأهب الآن لتمويل خطوط الضغط العالى، ولم يعلق المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية على هذه الشكوى الإثيوبية، لكنه أكد أن القاهرة تحاول استخدام نفوذها لإبعاد الجهات الأجنبية عن تمويل المشروع.
رويترز: سد النهضة يهدد اقتصاد إثيوبيا.. أديس أبابا تشكو استخدام القاهرة نفوذها فى ردع جهات التمويل.. مسئول إثيوبى: شركة صينية انسحبت من صفقة بمليار دولار لتوصيل السد بالكهرباء.. وجار التعاقد مع أخرى
الخميس، 24 أبريل 2014 03:06 م